المجلس العسكري الكيزاني وضرب الشعب بالدعم السريع

 


 

خالد أحمد
31 July, 2019

 

 

kh_ahmmed@hotmail.com

أصبحنا مع كل مقال نترحم على شهداء جدد رغم نجاح الثورة وإزاحتها للبشير ولكن لازال الكيزان يقولون للشعب اما ان نحكم واما ان نقتلكم، تلك الفئة المجرمة البغيضة التي خرجت عن كل عرف وأخلاق ودين من اجل سلطة فقط. نترحم على أرواح الشهداء الذين سقطوا في الأبيض ونعزي الوطن وأنفسنا وخالص العزاء لأسرهم وأصدقائهم ونتمنى عاجل الشفاء للجرحي.

ان الواقع السياسي السوداني من الممكن ان يكون مغيب عن عقول هذا الجيل الذي يقود الثورة من ارض الميدان واغلبهم من أعمار 25 سنة فما دون، فليس لهم علاقة مباشرة بالعمل السياسي التاريخي بين الأحزاب السودانية وتكتيكات تلك الأحزاب التي تمارسها بين بعضها البعض، فلا يدركون القطيعة التاريخية بين الحزب الشيوعي وحزب الأمة والمكائد والدسائس التي كانت بينهم مثلا، وكذلك لا يفهمون معني زراعة الأشخاص داخل الأحزاب الأخرى، مثل ان يكون كوز منتمي للحزب الشيوعي أو شيوعي منتمي للكيزان وغيرها، فالسياسة في السودان لم تكن سلوك مباشر للحزب المعني ولكن كانت هنالك الكثير من الأفعال غير السوية في الممارسة السياسية نتيجة لاختلاف الايدولوجيات وتقاطعاتها بين الأحزاب. وبالتالي ان يأتي عدم إدراك المشهد السياسي من الأجيال التي لها علاقة بالفعل السياسي وعايشت كل تلك المراحل هو الذي لا نفهمه. فما نشاهده يقول بان اغلب السياسيين والمتابعين قد فقدوا البوصلة في قراءة الواقع السياسي.

فالمسرح السياسي وما يحدث فيه الآن يخبرنا بان المجلس العسكري بخلاف حميدتي كلهم من الكيزان، وان كل ما يحدث منذ الانقلاب على البشير هو تكتيك بين الذين هم في السلطة وبين الذين خارجها لضرب الثورة السودانية، فما حدث في الأبيض ان هنالك جهة ما عملت على إخراج الطلاب إلى مسيرات بفعل منظم جدا من داخل المدارس وهذه الجهة ليست قوى الحرية والتغيير، وعملت على مصادمة المسيرة مع الشرطة حتى تخرج عن السلمية وتستطيع إدخال الدعم السريع، وتم إطلاق نار أثناء دخول قوات الدعم من قبلها أو من قبل جهة أخرى ثم تم سحب الدعم وتم إدخال الجيش والسيطرة على الوضع، فإذا ذلك التسلسل يخبرنا ان هنالك قيادات لكل تلك الجهات ولها السيطرة الكاملة عليها وذلك من خلال السلاسة التي تم بها سحب الشرطة وإدخال الدعم السريع وسحب الدعم وإدخال الجيش، وتلك الجهة هي لجنة امن الولاية المسئول الأول عن كل تلك القوات بقيادة قائد الجيش في الولاية، فحتى الدعم السريع خضع لتلك السلطة عندما امرته بالخروج.

فمن تلك الأحداث وما قبلها في السوكي وغيرها يظهر ان كل المجلس العسكري من الكيزان وان كل ولاة الولايات التي حدثت بها هذه الأحداث ولجانها الأمنية هي من الكيزان أيضا، بالإضافة إلى وجود كثير من الكيزان داخل الدعم السريع ولكن حميدتي في شخصه قد خرج عن سيطرتهم. ولذلك ما يهم الكيزان في اللحظة الراهنة إذا لم يكن في الإمكان السيطرة على حميدتي ان يقطعو الطريق عليه حتى لا يتواصل مع الثورة والثوار، فهو القطعة الوحيدة التي تمتلك القوة والتي قيادتها خارج سيطرة الحزب، والذي يمكن ان يسقط المجلس العسكري ويخرب للكيزان كل مخططهم اذا اتفق مع الثوار، وكان المشهد واضح في تصوير الدعم السريع باعتبار انه الجهة الوحيدة التي فضت الاعتصام رغم اعتراف المجلس العسكري بمشاركة قوات من الجيش والأمن، فأين فيديوهات تلك القوات ولماذا تم تصوير أفراد الدعم السريع فقط.

أدرك حميدتي ذلك المخطط بعد فض الاعتصام وأصبح حذر جدا في تحركاته وحاول في الكثير من المرات توصيل ما يحدث إلى الثوار، بل ذهب أكثر من ذلك وفضي الساحة الخضراء سابقا ساحة الحرية الآن للثوار عندما أرادوا الاحتفال، ولكن هنالك جهات داخل المعارضة لا تحب لذلك التواصل ان يتم، وتعمل مع الكيزان على شيطنة الدعم السريع. فالدعم السريع جزء من منظومة متكاملة كانت يسعى المؤتمر الوطني إلى بناءها من اجل السيطرة على السودان، فالحديث عن الدعم السريع يجب ان يأتي ضمن الحديث عن كل المنظومة التي أنتجها المؤتمر الوطني، ولكن ان يتم الحديث عن المجلس العسكري بمعزل عن الكيزان أو الحديث عن الدعم السريع بمعزل عن بقية القوات وتحديدا جهاز الأمن ذلك الشيطان الأكبر، فهو تغبيش للحقيقة وهروب منها أو تواطؤ مع من يقوم بها.

فالمجلس العسكري عبارة عن كيزان ولهم المصلحة الأكبر في ما يحدث حتى لا يتم تفكيك تنظيمهم الذي هو عبارة عن اخطبوط منتشر في كل المؤسسات، فهو مسيطر على الأمن ومسيطر على الجيش والشرطة ولهم كثيرين داخل الدعم السريع، بالإضافة إلى مؤسسات الخدمة المدنية واللجان الشعبية وغيره. فتنظيم بكل ذلك التمدد لا يمكن ان نختزله في الدعم السريع فقط، ولذلك نتمنى ان تستوعب قوى الحرية والتغيير وشباب الثورة تكتيكات الكيزان التي أصبحت المعارضة جزء منها، فبيانات الحزب الشيوعي وتكتيكاته عبر لجان المقاومة كلها تصب في مصلحة الكيزان، ونتمنى ان تدرك ان حميدتي ليس بكوز فيمكن ان يتم كسبه لصالح الثورة وذلك بالتواصل معه ومحاولة إيقاف تجريم كل الدعم السريع مع التوضيح بعدم إفلات أي شخص من العقاب كما نفعل مع الجيش والشرطة والأمن.

وعلى الحرية والتغيير وتحديدا تجمع المهنيين ان يكون يقظ في المراحل القادمة، فما حدث في الأبيض وقبله في السوكي من الممكن ان يحدث في أماكن أخرى، ولذلك على تجمع المهنيين في كل ولاية ان يوجه أفراده بان يكونوا على استعداد لقيادة كل المسيرات حتى التي لا تتم الدعوة لها من قبل تجمع المهنيين، وبذلك يتم المحافظة على السلمية وتحتوى على زخم اكبر إذا حاول احد ضربها. وعليهم كذلك المطالبة بإقالة اللجنة الأمنية بالولاية والتحفظ عليهم إلى حين محاسبتهم على تفريطهم في امن الولاية على الأقل إذا لم تثبت تهمة تسببهم في القتل المباشر، وعليهم تنبيه ولاة الولايات ان ما يحدث عندهم هي مسؤوليتهم المباشرة وهم من سوف يحاسبون أولا قبل مرتكب الجريمة. وعليهم إدخال الوسيط الأثيوبي في هذه الجزئية بتحميل كل ما يحدث للمجلس العسكري.

اما بخصوص الحوار يجب ان يكون هنالك موقف مبدئي وهو اما الالتزام به وبالتالي الإسراع فيه من اجل الانتهاء من هذه المرحلة أو وقفه تماما وبالتالي الدعوة إلى إسقاط المجلس الكيزاني بقيادة برهان. ولكن طريقة المماطلة التي كانت في المرحلة الأولي تأتي من المجلس العسكري وألان تأتي من قوى الحرية والتغيير غير مقبولة تماما إذا لم نصفه بالتواطؤ ضد الثورة من قبل المعارضة.

 

آراء