المحطة الخطأ..!

 


 

 

 

أما أن يكون هؤلاء القوم من مثل (أهل الكهف والرقيم) الذي إذا طلعت الشمس (تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه) ليس من جهة إيمان فتية الكهف ولكن من باب الانزواء والغياب عن الدنيا! أو هم يعلمون الحال وما آل إليه الوطن من خراب وفقر وتعاسة وانفصال (جغرافي ووجداني) ولكنهم يلعبون دور الذي لا يعلم! وإذا كان من تكييف ثالث فهو أن هؤلاء القوم يعيشون بمستوى رفاهية أهل السويد وآل روكفلر وأصحاب قصور (بيفرلي هيلز) ولذلك فإن حياتهم غير حياة الناس، والسيولة التي بين أيديهم ليست مثل سيولة المصارف وماكينات السحب الآلي (البكماء)، ورغيفهم ليس من (مخابز الأحياء).. ولو لم يكن الأمر كذلك لم سمعنا منهم مثل هذه الأحاديث التي تتدفق من الشاشات واللقاءات والتنويرات!

أهل الكهف فتية آمنوا بربهم وزادهم هدى، ولذلك فإن القياس بهم لا يستقيم وإنما العبرة في تلك العزلة الكاملة والغربة عن المحيط الحيوي، تلك العزلة التي طالت واستطالت حتى إن العملة التي كانت في الأيدي لم تعد هي عملة اليوم (فقد أضيفت إليها ثلاثة أصفار على اليمين)! ولولا ذلك لما كان ذلك الشيخ الذي أحالته جماعته (للمعاش الإجباري) يقول ما قاله عن (شجرة الحزب) التي لا يستطيع أحد هز فروعها، وما كان أغناه أن يكتفي بما بين يديه من (أبعاديات وجفالك) وأبنية وحدائق ومزارع ترمح فيها الخيل!

انتظر بعض المتفائلين (بالخطأ) أن يسمعوا جديداً في أعقاب مكتب القوم القيادي ولو بمقدار مثقال ذرة أو شروى نقير أو قطمير، بالنظر إلى استفحال ما يكابده الناس من إذلال العيش وقسوة الحياة، فإذا بالحديث هو الحديث القديم في ذات القناني القديمة، (مع تغيّر الوجوه والسحنات) وإذا بالحال هو الحال من الممارسات التي أفاضت على البلاد بالانقسام والتعاسة التي ليست بعدها ولا قبلها.. ذات الكلام بأن (الأزمة عارضة) وأن العمل يجري لتوفير الخبز والبنزين والسيولة، وان الموازنة الجديدة تحمل البشرى بتحويلات أكبر للولايات، واستقرار لأسعار الصرف وبداية للإصلاح الاقتصادي والحوكمة..! وتحسين معاش الناس وإصلاح الخدمة المدنية ومكافحة الفساد، ثم إنهم يشكرون الناس (على صبرهم) ويحمدون لهم تفويت الفرصة على (المتربصين)!.. ولك أن تعلم آن مكافحة الفساد أصبح بنداً من بنود الموازنة الجديدة..!

إذن الطريق لحل الأزمات والبشرى و(سعادة الدارين) سيمر عبر الميزانية الجديدة، والسودان بطوله وعرضه غارق حتى أذنيه في أوحال موازنة العام الحالي التي انتكست أعلامها وبشرياتها في الأسبوعين الأولين من بدايتها، وانتهت إلى الشح في الرغيف و(الشح في النفوس) والشح في الفلوس، والشح في الوقود، وحرمان المواطنين من أموالهم وانعدام الدواء إلي آخر ما هو معلوم من ارتفاع الأسعار بمعدلات تفوق مستوى الحياة في سويسرا.. وهي أوضاع معلومة، لم يحدث فيها انفراج إلا في (أذونات السفر) خارج البلاد للقطط التي وصفوها هم أنفسهم بالسمنة..!


murtadamore@yahoo.com

 

آراء