المدلهمات: أبيى أولا

 


 

 


فى سبتمبر 2010 كنت قد كتبت مقالا فى صحيفة سودانايل الالكترونية سميته مدلهمات العام السودانى القادم (2011) استعرضت فيه عددا من الكوراث المتوقعة ، وبالرغم من أن تلك التوقعات قد بنيت على قدر لابأس به من الفهم لقدرات وسلوكيات  الأطراف المعنية فقد كنت أمنى نفسى بالآ تصدق تلك التوقعات وأن يكون ذلك المقال نذيرا أو نصحا للمعنيين والذين تبين أنهم لن يستبينوا النصح حتى ضحى غد . فى استجابة سريعة لقصف منتسبين للجيش الشعبى التابع لحكومة جنوب السودان للركب العسكرى للقوات المسلحة وقوات الأمم المتحدة قامت القوات المسلحة بتحريك قدرات عسكرية كبيرة الى بلدة أبيى الصغيرة الأمر الذى أتاح الفرصة لقوات أخرى معادية للجيش الشعبى لدخول أبيى بل وتجاوز بعضها حدود 56 حسب افادات قادة تلك القوات للصحافة المحلية . فى أبيى وبعد أسبوع واحد تبين أن أغلب القوى الرديفة بدأت ترتب أو رتبت فعلا لمغادرة البلدة الصغيرة الى مناطق أخرى فهؤلاء أكتفوا بما غنموا من سلاح ومنقولات وصلوا مع الجيش مغرب ذلك اليوم _ على قول الصحيفة المرموقة _ وربما عشائه ولكن الثابت أن صبرهم قد نفد قبل صبح اليوم التالى ، أما قوات السلطان وصديقه اللواء المنشق فقد تجاوزت الحدود جنوبا الاولى الى بحر الغزال حيث دار السلطنة والثانية الى ولاية الوحدة لتعد نفسها لوثبتها الثانية المعلنة على آبار البترول فى الوحدة بعد التاسع من يوليو حسب افادة القائد لرفيدة ياسين . هكذا ذهب كل رديف الى شأنه وكنا نظن أن  لأمامنا مالك فقها فيما فعل ولكن قالها أبن حزم " كل الناس أفقه منك يامالك " .
أبيى بلدة ريفية تقع فى الطرف الجنوبى من المنطقة المعروفة بنفس الاسم ولقد تأرجحت حدود المنطقة بسبب النزاعات حتى اضطرت الاطراف للتحكيم حيث حصرتها المحكمة الدائمة للتحكيم بلاهاى فى مساحة تقدر بعشرة الآف كيلو متر مربع أهم معلم سكانى فيها هو بلدة أبيى والتى يقدر عدد ساكنيها بخمسين الف نسمة ثلثيهم من الدينكا ( نقوك والتج ) اما المسيرية فوجودهم ضعيف داخل البلدة وتزداد كثافتهم كلمابعدنا من ابيى شمالا ولهم قرى قديمة تجاور حقل دفرة مثل قرية ميكينيس ولكنهم لايقاربون الدينكا من حيث حجم الوجود اذا علمنا ان اجمالى سكان المنطقة لايتجاوز السبعين الفا ، أما معالمها الاقتصادية فتنحصر فى حقل دفرة النفطى والذى يشمل مايقارب مائة بئر منتجة بعائد اجمالى سنوى يقارب المليار دولار حسب الاسعار الحالية اما الاقتصادات الاخرى – غير النفط – فهى ليست ذات قيمة أقتصادية تذكر بما فى ذلك الرعى المتنقل الذى تمارسه المسيرية فرع اولاد كامل عبر المرحال الاوسط – وهو المسار الوحيد الذى له علاقة بالوجود السكانى فى أبيى – وطوله حوالى مائة كيلومتر تبدأ من الستيب شمالا مرورا بدواس وكجام ويتوغل ليصل الى نونق او " النعام دينق مجوك " ويتجاوزها ليصل الى توداج أو " أم بلايل " ويتفرع ليتجه احد الفرعين الى دونقب أو" تيوك " اما الآخر فيمر غرب بلدة أبيى ، ثم يلتقيان فى أولنم او " البنطون " ، ثم يخرج ذلك المرحال تماما من منطقة أبيى جنوب موقع يسمى ابو نفيسة عند نقطة عبوره حدود 1956 ليدخل بحر الغزال ، لقد ذكرنا ان طول المرحال حوالى مائة كيلومتر وهى منطقة عبور – ليست منطقة مرعى – لثروة اولاد كامل ويستغرق ذلك العبور شهرا عند الاتجاه جنوبا – شهر نوفمبر – واقل من ذلك حين الاتجاه شمالا فى مايو . بالنظر الى حجم الوجود السكانى وضعف الكثافة السكانية فى المنطقة ، بالاضافة الى ضعف الاقتصادات الأخرى وتفاهة قيمتها يتضح  بجلاء ان مادة النزاع فى أبيى هى النفط والنفط فقط  وهذا ما أكده الوزير القيادى فى الحركة الشعبية دينق ألور فى مقابلة مع أحد الصحف فى الخرطوم 2006م
تم الاتفاق فى أديس أبيبا  على مقررات وافقت الحكومة بموجبها على سحب القوات المسلحة من أبيى  وكنت أتوقع جديدا حول مادة النزاع الحقيقية ولكن لاجديد ، ليس بين المقررات نفط ولايحزنون ، قال الاستاذ الدريرى أن من مزايا الاتفاق أنه أكد على شمالية أبيى وحاولت ان أقرأ محتوى النص الذى أستند عليه وهو " ويجب أن لايتم المساس بحدود 56 بين الشمال والجنوب الا بالاستفتاء أو قرار الاطراف فى اتفاق الوضع النهائى "  وقد ورد كامل هذا المحتوى دون نقصان فى برتوكول أبيى مقروءا فى اطار اتفاق مشاكوس ، وحاولت أن أجد مزايا لجهة مادة النزاع – تقاسم عائدات النفط – ولم أجد شيئا بل وجدت نصا يؤكد أن لا جديد فى ذلك يقول " يستمر تطبيق هذا الاتفاق وبرتكول أبيى باستثناء ماتم تعديله بالبنود هنا سارى المفعول حتى يتم تقرير الوضع النهائى لأبيى " وهذا معناه أن تظل نسب تقاسم بترول أبيى كما هى 50% لحكومة شمال السودان فى الخرطوم و 42% لحكومة جنوب السودان فى جوبا و 2% لولاية بحرالغزال فى جنوب السودان و 2% لولاية غرب كردفان السابقة فى شمال السودان و 2% للمسيرية و 2% للدينكا ومعنى هذا ايضا بلغة مابعد التاسع من يوليو أن حصة دولة الجنوب تساوى 44% من صافى عائدات نفط أبيى وهى من أعمال دولة الشمال وليس على دولة الجنوب للحصول على ذلك الريع من تكاليف الا نصف مصروفات لجنة الادارة المدنية وهى  ثلاثة ملايين دولار فى العام تقريبا أى عائد حقل دفرة فى يوم واحد . ان الجديد فى شمالية ابيى هو انتقاص السيادة وانتقال المسئولية الامنية الى آخرين والجديد فى شمالية أبيى أن القوات الدولية لاتستطيع التعامل وليس لديها تخويل بالتعامل بأدنى مستوى مع أى تهديد من دولة الجنوب لهذه المنطقة – وتخويلها يحجب عن حكومة الشمال حق التعامل -  حتى يتم تجاوز الحدود الدولية فى حالة القوات الدولية وحتى يتم تجاوز حدود المنطقة شمالا او غربا فى حالة حكومة الشمال وبالطبع  نكون قد تجاوزنا مرحلة مايعرف بالتهديد الى الفعل نفسه ، ثم حدثنى عن الفرق بين الكتيبة الزامبية والبند السادس واللواء المدرع الاثيوبى بتخويل تحت البند السابع قال العارفون ان اللواء المدرع يتجاوز ثلاثة آلاف فرد ومايقارب المائتين من الدبابات هذا غيرالافراد والأليات فى السرايا المكملة مثل سرايا النقل والهندسة والاتصالات – الاشارة – والدفاع والنقل الجويين وسرية وربما كتيبة مدفعية الميدان ذاتية الحركة ومن الاليات حاملات الدبابات وناقلات الجنود واليات الاتصال بما فى ذلك الاقمار الاصطناعية ، قال ودالعباس وأيده بيومى " والخبراء والتدريب من اسرائيل " قلت والاقمار الاصطناعية والبرمجيات .


Ahmed Sabeel
ahamed ali [sabeel5588@yahoo.com]

 

آراء