المـسجونين: إلي أهالي مدينة قيسان الذين يقسوا عليهم خور تُمّت

 


 

 

أشجار المانجو استباحت حريتي وكل تفاصيل حياتي المدهشة، كُنت في هذه البقعة من المانجو معي ما معي من الرُوح والشعب السوداني وبقية البقية من ... يراودني إحساس بالسعادة ملئ ألأفق المفتوح بين الحقيقة وضباب الرؤية.
تتملكني دهشة الحبشة زجاجات البيرة التي تفوح منها رائحة الحريق وبعض تفاصيل جيلي المنكوب والمنكفئي علي أعتاب تفاصيل التقاليد والحب النصف حيئ ، كنت أصاب بالدهشة من أولئك القرويين المصابين بكل الامراض والذين أمتصتهم بالعوضة (خور تُمد) وسكرت من دمائهم حتي الثماله ورغم هذا يتشبثون بأشجار ألمانجو والباباي وكل الفاكهه المدارية... قري تموت الخصوبة فيها إلآ التي تحتاج إلي الماء.. قري تموت الأنثي وهي في حالة وضوع لأن (خور التمد) عندما يمتلئ بالماء يحتاج إلي إسبوع أو إثنين حتي يضع او يلد ، أما ألأنثي التي يصيبها النزيف وهي في نفس الحالة فهو يحرمها من الوصول الي مستشفي (قيسان ) الوحيد ذي القابلة او الداية ، تموت وجنينها دم يتداخل مع بعضة ويمتزج الدم فيكون كضوء الشمس في ساعة المغيب وهي تودع خور التمد السعيد بكل أنواع أشجارة التي لم يبخل عليها كما بخل علي القرويين.
قيسان والتلال تعبر من تل الي آخر تجد الاحياء أشهرها الثورة والثورات كثيرة في بلد كالسودان... رغم كثرة هذة الثورات والإنتفاضات والحروب.. مازالت حاجة (كلتوم) تحمل العربوس (العرموس) وإبنتها (خديجة) تأخذ المنجل وتطلع الي  الغابة لكي تحصد بعض من السعف وتحملة في رائسها  لكي تعود الي المنزل وتصنع منه بعض الإحتياجات التي يجب أن تباع لكي تساعد زوجها (علي) الذي سافر إلي أقصي أقاصي (خورالتمد) لكي يقطع( القنا) ببضع جنيهات ذلك لآنه يريد أن يدفع مصاريف المدرسة لأبنة الذي يدرس في مدرسة (هردل او هردن) ذات الثلاثة فصول من (القناوالمحريب) والثلاثة أساتذة الذين رهنوا تفاصيل وجودهم مع هؤلاء الناس ، في تحالف لكي يتحدوا (خورالتمد) العنيد.
خوالتمد يرفض كل  القري ويرفض كل من يحاول أن يجتازه أو يقطع المسافة... آناني حتي في فصل الصيف.. (خديجه) أتت الي سوق قيسان تحمل أربعة من ( البروش) وثلاثة( قفف) ملونه وما بقي من الدجاج في البيت..(علي ) أخذ ماتبقي من شهر ديسمبر حتي رأس السنة والكريسماس وكل الاعياد الاضحي والإستغلال.. لكن لم يحضر تاجر( قنا ) الي المنطقه بسبب مايواجهه تاجر القنا من أتاوات في الطريق، كل الطرق رغم وعورتها وفي بعض الاحيان ينقلب اللوري ولكن يجب أن تقطع الإيصالات كلها وإلآ أنتظرت فترات طويلة وربما انتظرت حتي يأتي (خورالتمد) ويجرف كل أحلامك كما يجرف احلام الكثيرين الذين يفرحون بوفرة ثمار المانجوا في بعض المواسم ولكن كيف يحول هذي الافراح خور التمد الي الآلام عندما تتعفن الثمار لآن التمد والحكومة يريدون ذلك ففي بعض حالات إفقارة لهم يتحد مع الدولة  ... مازلت حاجة(كلتوم) تحمل العرموس صباح مساء الي خور التمد وتعود والعرموس او العربوس هو عبارة عن عود من القنا تربط فية حبال التبلدي ويستخدم لنقل الاغراض وعادة ماتحملة كلتوم وعلية جركانتين من مياه التمد... فهو يشبة شعار ميزان العدالة... بيتها يبعد عن خور التمد حوالي ساعة من الزمن وهي مع هذا العرموس صباح مساء... حاجة كلتوم تنظر الي خور التمد بتحدٍ وتقول بكرة حنقلبك.. وتتخيل أن هناك كبري للعبور وتترنم في الطريق ببعض أغاني( الوازا)... الناس هنا يقتاتون الزرة وبعض الخضار خاصة طماطم البيلي وبعض الفاكهه المدارية الغير مدهشه لهم والتي يفضلها خور التمد عنهم ... هنا في كل قرية توجد أشجار التبلدي وقرع الوازا واشجار المانجوا بكل أنواعها وغيرها من أصناف البزور والخضر... حرارة لقياهم والأمل المشع من أعينهم ذات الرمد أحيانآ ونظرتَهم الملائكية وطبيعتهم البسيطة حد الرجاء وكل القيم الفاضلة تجعلك تقف وتنحني لهم في كبرياء... أما (العرموس) فهو في غرب السودان يسمي (كرنقلاي) وهو عقاب للمسجونين من المجرمين لفترات طويله حيث أنه نوع من العمل الشاق الذي يخص هذة الفئه ... فهل خور التمد بافعاله حول    الحاجة كلتوم وأهالي قيسان الي مسجونيين؟؟.     
الغالي عبدالعزيز احمدعبدالباقي 
مدينة قيسان 13/12/2005م
منظر من خور تمد عدسة مرتضي فضل الله 2014م

ghalyroaa@gmail.com

 

آراء