الميدان: إن لم تخافي ماركس، خافي الله

 


 

 



تفاءلت بتولي زميلتنا مديحة عبد الله رئاسة تحرير الميدان لأنها الصحفية المهنية الأولى التي تحرر صحيفة الشيوعيين. فقد سبقها إلى هذه الرئاسة سياسيون أولاً وصحفيون من بعد. وكأعضاء في هيئات مركزية فثمة ما يخشونه من المساس ب"خط الحزب". وقد أسعدني أنها في العدد الماضي استجابت لما لم تحسن الميدان الاستجابة له في العادة. فقد نشرت تصويباً من محمد على المحسي على مقالة لم تذكر اسمه من بين من تولوا قيادة بنك السودان. ومن عرف أن المحسي بارح الحزب في انقسام 1970 عرف لماذا اتهم المقال المذكور بالثأر الحزبي.
وددت مع ذلك أن تدقق مديحة في كتابات طائشة اشتهرت بين الشيوعيين يبخسون الناس أشياءهم. فقد قرأت لعبد القادر إسماعيل كلمة قاسية جداً بحق الإعلامي القح الطاهر حسن التوم ("مراجعات" بقناة النيل الأزرق). فقد وصفه بأنه "ماكينة تزوير التاريخ الإنقاذية" لأنه أعطى الفضل في قيام ثورة أكتوبر 1964 للإسلاميين دون غيرهم من القوى. واستشهد بعبارة من كتاب لمحمد عمر بشير ليثبت أن فكرة أن الثورة الأساسية "صاغها العقل الجماعي للحزب الشيوعي" لدعوته الباكرة للإضراب السياسي. وحاجة عبد القادر إلى محمد عمر لتوثيق فكرته محرجة. فلو توافر  له كتاب "ثورة الشعب" ما أحتاجش. وصدر الكتاب عن الحزب في 1965 وحوى كل أدبه في النضال ضد عصابة 17 نوفمبر. و"انهار" الكتاب في طبعته الوحيدة. فلم يطرأ للحزب بزمالاته العديدة ورفاق الخارج الجعجاعون قليلو المروءة أن يعيدوا طبعه لتقرأ أجيال من السودانيين (مصغت طويلاً التاريخ الرديء) سفر الحزب "وعقله الجماعي" أو كما قال. إن الحزب هو الذي يزور التاريخ بدس "المحافير" يا عبد القادر لو تمهلت وتركت الشغب.
لقد فتح الطاهر ملفات تاريخية متروكة بخلق مهنية عالية. ولو تأنى عبد القادر وصحبه ليروا كسبهم من شغل الطاهر لصعقوا. مثلاً: سافر الطاهر في طلبه حقيقة مذبحة بيت الضيافة إلى الأمارت والتقى بالقاضي علوب الذي ترأس بتكليف من نميري لجنة التحقيق في المذبحة.  وكان الأمني والسفير عثمان السيد قد جاء إلى برنامج مراجعات بوثيقة رسمية قالت إن لجنة القاضي حققت في المذبحة وأدانت الشيوعيين. وتكلف الطاهر المشقة كإعلامي نجيض ليقابل علوب فسمع منه أنه لم يحقق في الواقعة لأن نميري رفض له أن يطلع على حيثيات محاكم الشجرة وما جاء فيها من تداول حول مسؤولية بعض الضباط عن المجزرة. ولا يعني هذا بالطبع تبرئة الشيوعيين من الذنب ولكنه بينة ظرفية أن هناك ما كان يخشاه النظام من فتح ملفات القضاء العسكري. وربما كان ذلك أنه يخشى أن تبين براءة الشيوعيين من المذبحة.
وليعلم عبد القادر وسائر الشيوعيين أن الطاهر طلب استضافة جماعة من الشيوعيين ليدلوا بدلوهم في مسائله وأعتذروا جملة واحدة. بل أن المرحوم نقد رجع من كبري أم درمان الذي كان قد شقه للقاء الطاهر.
يا مديحة إذا لم تخافوا ماركس في الناس، خافوا الله. 
Ibrahim, Abdullahi A. [IbrahimA@missouri.edu]

 

آراء