النسور .. عسكرة الرياضة!!

 


 

 


إن فوكس




قبل أن يجف مداد قلمي عن كارثة الأمطار والسيول التي تعرض لها أهلنا في ربوع الوطن وما خلفته من دمار لحق بالأسر السودانية بسب الانتهازية والفساد واستغلال السلطة من أجل الكسب غير المشروع الذي أودى بأرواح بعض من أهلنا وتحطيم منازلهم وضياع ممتلكاتهم وكالعادة الرقص على أشلاء الضحايا ولا حسيب ولا رقيب !!.
بعد كل هذه المشاهد المؤلمة والمحزنة نشاهد واحدة من عجائب الدنيا في المسرح الرياضي   الذي يعتبر الملاذ والمتعة للفقراء والبسطاء وأصحاب الأحلام والترفيه عن النفس وخاصة إنسان السودان تغسل دموعه وهمومه وتنسيه المشاكل الحياتية التي تحاصره من اجتماعية واقتصادية وسياسية وغيرها.
خلال مباراة الأهلي شندي والنسور التي أقيمت في شندي ضمن مباريات الدوري الممتاز انتهت حصتها الأولى بثلاثة أهداف نظيفة ومع بداية الحصة الثانية التي لن يمضي عليها سوى ثلاثة عشر دقيقة إذ بأحد الضباط من أدارة فريق النسور يقتحم ارض الملعب ويأمر لاعبيه بمغادرة الملعب ويقتاد حكم المباراة عماد عبد الله من الملعب بتوجيه تهمة شرب الخمر إليه وأمره بمرافقته إلى المستشفى لإجراء الكشف الطبي عليه.
أولاً أين أمن الملاعب وأين أفراد الشرطة التي تتواجد داخل الملعب لحفظ الأمن والنظام وحماية اللاعبين والحكام والمنشآت وكيف سمحوا لهذا الضابط أن يدخل الملعب ويقتاد حكم المباراة من داخل أرض الملعب وتوجيه تهمة السكر إليه أين مراقب المباراة المكلف من قبل الإتحاد وأين رئيس الفريق ومدرب الفريق من كل هذا ؟
للأسف الشديد الموقف المريب والغريب وقوف كل قوات الشرطة المكلفة بحماية الملعب موقف الداعم أو المتفرج على  السلوك غير أخلاقي وغير رياضي الذي أنتهجه زميلهم وينافي الروح الرياضية ولذا ستشهد ملاعبنا في قادم الأيام وفي الأمتار الأخيرة من المنافسة أخطر من ذلك طالما الفرق العسكرية تشارك في المنافسة ستستغل سلطتها في الفوز بالقوة بالتخويف بالتهديد بالوعيد وتلفيق التهم وتشويه سمعة الشرفاء من القبيلة الرياضية والتشهير بهم دون أي جرم ارتكبوه وهم قادرون على ذلك بأدواتهم المعروفة.
العقوبات التي أصدرها الإتحاد العام لكرة القدم بحق فريق النسور وإدارييه يجب أن تكون أشد جسامة لأن ما حدث غير متوقع وغير معقول وغير مقبول ولم يحدث إطلاقاً في كل الملاعب العالمية ولا شك أن هذه الحادثة سيكون لها أثر سلبي على سمعة الرياضة السودانية.
بعد براءة حكم المباراة من تهمة شرب الخمر وتم معاقبة الضابط من قبل الإتحاد السؤال المهم جداً هل ستقوم الجهة العسكرية الذي يتبع لها بمعاقبته لاستغلاله السلطة في غير مكانها وتشويه سمعة مواطن  شريف بدون وجه حق وعلى لجنة الحكام تصعيد الأمر إلى أعلى سلطة في الدولة لحماية حكامها من كيد العسكر الذين لا يتوانون عن عمل أي شيء من أجل الوصول إلى أهدافهم.
نحن رياضيين وليس سياسيين أتركونا نعيش بسلام وأمان مع المنظومة الرياضية التي عشقناها ولا نريد كوزنة ولا تسييس ولا تحزيب ولا عسكرة لأهلية وديمقراطية النشاط الرياضي ولا نريد التدخل المستمر من أجهزة الدولة العسكرية والأمنية والمدنية في تسيير الشؤون الرياضية الذي سيعرضنا إلى عزلة من الفيفا التي ترفض أي تتدخل حكومي في الشأن الرياضي.
ما حدث في ملعب شندي سابقة خطيرة ونادرة الحدوث وإذا لم يتم اجتثاثها ستكون الرياضة السودانية بكل أدواتها في خطر وتتوقف مسيرتها ولذا يجب على المؤسسات الرياضية وجميع الرياضيين بمختلف ألوانهم إبعاد الرياضة عن حوش السياسة والخلافات الداخلية، وعن كل ما يحرف مسارها عن هدفها الأساسي باعتبارها عنواناً للديمقراطية الحقيقية وتعد أداة للتقارب والتفاهم بين كل الرياضيين والشعوب في أحلك الظروف فلا بد من تكاتف جميع أهل القبيلة الرياضية والوقوف معاً في خندق واحد وإيجاد صيغة جديدة وتعامل شفاف مع مؤسسات الدولة حفاظا على ديمقراطية وأهلية النشاط الرياضي من التسييس والتكويش.
لك الله يا وطني فغداً ستشرق شمسك
najeebwm@hotmail.com

 

آراء