الي من رمتنا بدائها وانسلت

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

مددت بقلم أعطيه هدية لأصغر ذريتي لميس؛ تلك البنت التي استحوزت على كل مافي كوامن قلبي واحتكرتني كلي، ويحق لها ذلك فهي مِنِّي ولي..ثم غير ما أتوقع ردت صغيرتي الشابة تلك الهدية قائلة وبعفوية محببة: (يا عثمان يوسف القلم أعمل بيه شنو؟ البت شليقة زي أبوها لكن بيني وبينكم أنا بحب تناديني هكذا، ورغم هذا ردت الهدية بذوق وما ردت لي روحي ونحن روح واحده انقسمت نصين..
كانت لميس صادقة جداً لكن أنا المهود ده نسيت أن عصر القلم كاد أن ينقرض كما انقرضت توابع له، هل منكم من يتذكر متى آخر مرة استعمل قلم حبر أو رأي محبرة؟..يقيني أن تلك الأدوات الكتابية سوف يكون مكانها المتاحف يوم ما وقريبًا جداً..
بنيتي لميس كانت محقة في رفضها المبرر ذاك فهي ابنة عصر لم يعد للقلم دور كبير فيه، حتى إننا نلاحظ أن الكتابة نفسها في طريقها إلي الزوال، فها هو الموبايل يقوم بدلًا عنك بالكتابة، فقط ماعليك الا أن تضع اصبعك على زر معين وتستطيع من خلاله أن تتحدث بما تريد ليقوم بالكتابة نيابة عنك وكل ما عليك فعله ان تنطق بلغة فصيحة وواضحة..
في الحقيقة كان هدفي من هذا المقال أن أعيد الروح إلي الكتابة التي داهمتني، وقد ذكرت لكم ذلك فيما مضى وأظن أن للكتابة حق علي، فقد خاصمتها أسابيع عددًا وليس لدي عذر أقوله سوى أنه الكسل الذهني والذي أحسب أنه لو استمر فسوف يصاب عقلي بالخمول والتكلس..لكن علينا أن نعلم أن من يود الكتابة يجب أن تكون عنده أدواتها حتى يمتلك ذخيرة لغوية هائلة وهذه لن ينالها أحدٍ الا بأمرين وهما أساس المعرفة كلها-القراءة والسماع- وعندها يستطيع الكاتب أن يختزن مفرداته ومن ثم يمكنه تعلم فن الكتابة ويفهم ما يود أن يكتب فيه..الروائي نجيب محفوظ رحمه الله يشير لذلك في هذا المجال وفي لقاء تلفزيوني حيث أشار للتطور التقني فأصبح من الضرورة تسجيل الكتب حتى ينتفع منها من لايقدرون على القراءة لإي سبب من الأسباب حتى لو كان الواحد أمياً فإنه سوف يتعلم بالسماع وهنا تأكد ما قلناه آنفاً من أدوات التلقين..
من فترة ليست بقصيرة عصتني الكتابة، ولو قاوتك ماتقاويها لأنها عنيدة وراسها قوي..اها بعد تحانيس قدرت تطوعها واهو أنا قدامكم لو لحمي وشحمي اعود والعود أحمد .. الكتابة يا سادتي كالحسناء التي يدق بابها الخطاب وهي تتمنع لأن قلبها ينزف بالحنين الي مالكه وحامل أختامه ذلك كان حالي مع الكتابة والتي -ويا بختي-زارني طيفها فأقض مضجعي وتاورني وجع الكتابة ففزعت من توي الي المسكنات البديعية ومقويات الذاكرة وها انذا أتعافي من الوعكة التي كادت أن تشل تفكيري..
شكرًا لغاليتي لميس التي لامست الجرح ومكامن الألم فضمدته والي الصديق الخال مصطفى امبلي الذي استفزز خيول مشاعري وصحّى الذاكرة المغيبة وأنعم علينا ببردة التثقيف ورأي فينا ما كدنا أن ننساه..ومصطفى رجل ذو مقدرات عجيبة، فهو إعلامي مطبوع وممثل شارك في المسرح وذو شخصية لماحة قادرة علي أن تحول الفسيخ شربات والأهم من ذلك أنه ثائر بدرجة قيادي وكان ومازال أحد فرسان ثوار البراري ولم يفل عزمه المرض أيام الثورة فقد خرج من منزله مشياً على الأقدام من بري الدرايسة حتى ساحة الاعتصام في ذلك اليوم المشهود وقد شهد العالم من خلال ذلك الفيديو والتفاف الشباب حوله وهو يقلد فرعون زمانه بعباراته المضحكة(انا حصل كضبت عليكم) فما أجملك من قائد وما أشجعك ثورياً ونعمت في سرور يا أبا الهيثم..ويا كتابة صالحتك صالحيني وخصام الريد وجع وحرام إنسانيًا ..

مع كامل حبي وتقديري

عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة

osmanyousif1@icloud.com
/////////////////////////

 

آراء