انقلاب للبيع .. دكتور حسن وجور الزمن

 


 

محمد فضل علي
10 January, 2012

 


امريكا تطارد احلام وطموحات البشير في بلاد الجوار
محمد فضل علي ادمنتون كندا
Dailypress12@yahoo.ca


ساد الساحة السودانية الايام الماضية حديث عن انقلاب من تدبير المؤتمر الشعبي بقيادة الدكتور حسن الترابي زعيم ومدبر انقلاب الانقاذ الذي اوصل نفس المجموعة التي تحكم السودان اليوم الي الحكم ثم جار عليه الزمن وانقلب التلاميذ علي الشيخ الي اخر القصة المعروفة التي حولت الزعيم الروحي للجماعة الاخوانية السودانية الي معارض سياسي يعمل علي اسقاط النظام بالتنسيق مع الحزب الشيوعي حسب ما جاء في اتهامات رسمية صادرة عن حكومة الخرطوم ورددتها اجهزة اعلامها لفترة من الوقت وقد يكون العنوان الرئيسي للاتهام صحيح الي حد كبير ولكن هناك اختلاف جذري في التفاصيل والتنسيق بين الشعبي والشيوعي علي صعيد العمل المعارض موجود منذ مدة وهو تنسيق فاعل ومؤثر علي الرغم من الشيخوخة والرهق الذي اصاب الحزبين لكن الانقلاب العسكري علي طريقة الانقلابات العسكرية التقليدية التي اعتادها الناس في السودان فهذا لن يحدث ان لم يكن امر من رابع المستحيلات في ظل وجود تنظيم عقائدي مسيطر علي السلطة اكثر من عقدين من الزمان وتمكن من اعادة صياغة كل مؤسسات واجهزة الدولة كما يريد وبما يتفق واجندته الايديولجية ومع ذلك يبقي النظام غير محصن من الانهيار عبر وسائل وطرق اخري غير الانقلاب اذا ما استمرت الاوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة علي ماهي عليه واذا ماستمرت حرب الاستنزاف في اطراف البلاد الي جانب الضيق والعسر الاقتصادي وحالة التململ المتصاعدة في الشارع السوداني, وبهذه المناسبة نستحضر من ايام قاهرة التسعينات وبدايات المعارضة لهذا النظام في ايامه الاولي الحديث الذي كان يتردد ويحذر من مغبة الاعتماد علي وسائل المعارضة التقليدية التي اعتادها الناس في مواجهة حكومات عسكرية تقليدية سابقة مثل نظامي عبود ونميري وكون انقلاب الانقاذ انقلاب غير تقليدي قامت به مجموعات عقائدية منظمة ونشطة وتمتلك الي جانب المال القدرة علي الحركة واستخدام الشعار الديني في التعبئة والحشد والتجييش ولكن المعارضة لم تستوعب الدروس ولم تطور اساليب عملها بما يتفق مع الاوضاع في سودان مابعد الانقاذ حتي بعد ان سنحت لها فرصة ذهبية للتغيير بعد غزو واحتلال الكويت وعزلة نظام الخرطوم ومع تدفق انواع متعددة من الدعم لقيادة المعارضة والتجمع الوطني الديمقراطي ولكن غول الجشع وعدم التخطيط اضافة الي وجود طابور خامس من بعض الدهاء كل ذلك اجهض اي محاولة لاسقاط النظام الذي برع بدورة في القفز من مرحلة الي مرحلة وتغيير جلده وتقديم فروض الطاعة والولاء بكافة الاشكال وقبول التعاون مع القوي العظمي في ماتعرف باسم الحرب علي الارهاب وكانت المكافاة الكبري باتفاقية نيفاتشا التي ترتب عليها في الحال حل اجهزة المعارضة السودانية وعودة رموزها الي الخرطوم واحدا بعد الاخر كضيوف شرف علي كل العملية ومجرد ديكور سياسي استخدمته الحكومة في تثبيت وضعها واستفادت منه ايضا المجموعة الانفصالية التي ورثت الحركة الشعبية التي تفرغت لكنز الاموال والاستعداد لتقسيم البلاد بينما الجميع يتفرج ببلاهة علي مايدور حتي تحقق لهم المراد والانفصال فلا تحقق سلام في الشمال او الجنوب ولا استقرت اوضاع البلاد ولم توجد معارضة فاعلة تفرض نفسها ولم يستقر النظام الحاكم ايضا حتي هذه اللحظة علي الرغم من اسرافة في توزيع العطايا والمناصب بصورة ليس لها مثيل في تاريخ الدولة السودانية ووصل الحال وعدم الواقعية درجة جعلت الحكومة تدفع الناس الي الصحاري والي المجهول والخطر ليبحثون عن الذهب الذي يوفر لهم ولذويهم لقمة العيش بعد ان فشلت الدولة في تصريف مهامها المعروفة في توفير الحد الادني من العيش الكريم لمواطنيها, ولكن النظام الذي ظل ينجح في تجاوز ازماته ببراعة فائقة  هل سيتجاوز الازمة الحالية وكيف؟ اخر المحاولات التي جرت في هذا الصدد تمثلت في زيارة الرئيس عمر البشير الذي اصبح مثل الغريق يتعلق بقشه الي ليبيا وقيامه بطرح صيغة طموحة للتعاون المستقبلي بين ليبيا ومصر والسودان ووصل به التفاؤل الي درجة تقسيم وتحديد المهام اللازمة لقيام هذا المثلث الاقتصادي الطموح اعتمادا علي ثقته في هيمنة الاسلاميين وسيطرتهم في القريب العاجل علي اوضاع مصر وليبيا وهو امر لم يحسم بعد ويصعب التهكن بما ستكون عليه الاوضاع في هذه البلدان علي الرغم من التفوق الظاهري لاخوان مصر في الانتخابات وسيطرة اخوان ليبيا علي المليشيات ونواة الجيش الجديد ولم تسير الامور كما يريد السيد الرئيس وبعد ساعات قليلة من انتهاء زيارة البشير الي ليبيا اتت تصريحات الادارة الامريكية المستنكرة لزيارة البشير الي ليبيا كتطور غير سار واعتراض مبكر علي التكامل الثلاثي الطموح الذي تقدم به البشير وماهي اهمية المشروع وجدواه اذا غابت عنه القيادات والرموز وغير هذا وذاك فمجريات الامور في السودان تنذر بوقوع خطر كبير اذا ما استمرت اوضاع الحكومة الحالية وبرامجها وخططها علي ماهي عليه واذا ما استمرت حالة الفراغ السياسي المعارض وعدم وجود معارضة تعبر عن الاجماع الشعبي واذ ما استمرت حالة المناوشات التي تقوم بها بعض المنظمات المتحالفة في تجمع كاودا واذا ما وصلت الازمة السياسة الشاملة الي السقف المتوقع لها ربما تسقط الدولة السودانية وتتهاوي كلها في ايام معدودات ولن تتكرر صيغ الانحياز التي لازمت تجارب التغيير السابقة وربما يحدث انقسام وسط القوة الضاربة في الجيش وتظهر توجهات شعوبية علي اساس العنصر والقبيلة اذا افترضنا قدرة القيادة السياسية الحالية علي السيطرة علي القيادات العليا والوسيطة ستكون هناك فوضي وليست ثورة وستصعب السيطرة علي الامور في ظل الاوضاع الاقليمية والدولية الراهنة والنظام العالمي المنهك والمشتت, ولامخرج من هذا المصير الا بالوضوح والصراحة والواقعية ووجود معارضة حقيقية وفاعلة وليست مرتشية او مدجنة او مجرد ديكور لتحسين الامور في مقابل حكومة مفتوحة العقل والذهن تقبل بتداول السلطة علي اسس دميقراطية واضحة الوضع في السودان لايبشر بخير والمشهد الراهن يشبه الي حد كبير لوحة خيالية لفنان ورسام مبدع تصور شخص معلق بوسط شجرة واعلي الشجرة ثعبان قبيح الخلقة وتحته بحيرة صغيرة وتمساح مفتوح الفم واعلي اللوحة تعليق يقول الله موجود وهو تعليق يتناسب تماما مع اللوحة نسبة لانعدام فرص النجاة بالمقاييس المادية والمنطقية امام الرجل المعلق وسط الشجرة مالم تتدخل قدرة الله التي لاتحدها حدود وتقلب المعادلة وهذا هو واقع السودان الراهن دون ذيادة او نقصان ولاينقصة بعد العمل وبذل الجهد الا الدعاء من اجل البلاد المعلقة علي شجرة الاقدار وانقاذها من مصائب الانقاذ.
//////////////

 

آراء