بلدنا ماشة إلى أين يا جماعة ؟

 


 

الطيب الزين
19 February, 2020

 

 

منذ أن سقط الطاغية، فرحنا بالإنجاز، وظل فرحنا يزداد، يوما بعد آخر، لاسيما عندما نسمع ونشاهد، إجراءات القبض على أحد القتلة والفاسدين ومنتهكي حقوق الإنسان، خلال الثلاثين سنة الماضية. 

لكن يبدو أن فرحنا سيظل فرحا ناقصا، مثل الثورة، التي اعتقدنا انها ثورة كاملة. لكن تبين لنا لاحقا أنها ليست كذلك، بل هي نصف ثورة .
والدليل هو الواقع، حتى الآن، لا أحد يعرف ماذا يحدث . . ؟ هل تمت محاكمة من تم القبض عليهم . . ؟ والسؤال الحقيقي هل ما تم من إجراءات هو حقيقي، فعلا الغرض منه ملاحقة ومحاسبة الذين أجرموا في حق الشعب والوطن، أم إنه مجرد تمثيل وخداع للرأي العام ...؟ ما دعاني لكتابة هذا المقال، هي حالة الربكة واللخبطة التي حدثت خلال الأسبوع الماضي، والأسبوع الجاري .
ما حدث ويحدث هذه الأيام ، وبلادنا تجتاز مرحلة خطيرة، والخطورة مصدرها تصرفات المكون العسكري في مجلس السيادة.
قبل فترة تفاجئنا بلقاء البرهان في عنتبي في يوغندا برئيس الكيان الصهيوني نتنياهو ، خطوة مهما حاول المرء خيانة ذاكرته وضميره والتؤاطو مع ما قاله البرهان وتفهم دواعي لقائه ومبرراته، يجد صعوبة بالغة في إستيعاب ذلك، ناهيك عن قبوله والتلائم معه .. !
هذه ليست نهاية القصة، بل تبع ذلك تجاوزات وزير الدفاع، الذي بحسب نصوص الوثيقة الدستورية يخضع لتعليمات وتوجيهات السيد رئيس مجلس الوزراء، تجاوزاته تمثلت في سماحه لطائرة إسرائيلية عبور أجواءنا الوطنية، دون علم حتى السيد رئيس مجلس الوزراء د. عبدالله حمدوك . . !
معقولة دي يا جماعة . . ؟
كل هذا يحدث في عهد الثورة . . ؟
الشعب السوداني العظيم الذي قاد الثورة لمدة تجاوزت ستة أشهر ، بثواره وقواه الوطنية الحية، عبر عن رفضه لما تم ، مؤكدا أن ما حدث، هو خيانة.
خيانة للقيم والمبادئي الوطنية والقومية والإنسانية. وخيانة لروح الثورة وأهدافها.
الحقيقة أنه لا يمكن قبول هذه التجاوزات والخروقات لنصوص الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الإنتقالية، بل المستفزة لقيم وتوجهات الشعب السوداني القائمة على مناصرة الحقوق المشروعة لكل الشعوب المضطهدة.
ما تم هو صفحة جديدة، من صفحات صفقة القرن . .
صفحة خيانة، وبيع رخيص لتاريخ ومواقف شعبنا العظيم بلا مقابل، وتفريط فاضح في سيادة وطننا العزيز .. !
ما الفائدة التي جناها الشعب السوداني من وراء ما تم ...؟ هل تحسنت ظروفه المعيشية...؟ هل رفع عنه الحظر مقابل ما تم ...؟ هل ساهم في ترسيخ قيم ومبادئي الديمقراطية...؟ هل ساهم في تعميق الروح الوطنية ...؟ هل ساهم في توطيد روح الشراكة وعمق الثقة بين مكونات الفترة الإنتقالية ...؟ والطامة الكبرى هل قرارات إحالة عدد من ضباط الجيش يوم أمس من بينهم الملازم محمد صديق الذي وقف مع الثورة وقال: مقولته الشهيرة، الرهيفة تنقد.
ليس مهما كم عدد الضباط المحسوبين على النظام السابق الذين تمت إحالتهم للمعاش، لكن المهم هو : هل إحالة هذا الملازم البطل، وغيره من الشرفاء الذين إنحازوا للثورة في يوم الحارة، تخدم خط الثورة ... ؟ الواضح أن بلادنا تسير في وجهة مغايرة تماما لوجهة الثورة التي من أجلها خرج الشعب للشوارع.
إذن لابد من من خطوات جريئة لإستكمال ما تبقى من صفحات الثورة، حتى نعرف بلدنا ماشة إلى أين وتكتمل الفرحة بنجاح الثورة في تحقيق تطلعات الشعب في الأمن والسلام والإستقرار والتنمية والرفاه.

eltayeb_hamdan@hotmail.com

 

آراء