تصبحون على قيامة!

 


 

 




قبل أسبوع، باغتتني إبنتي الصغيرة سارة بسؤال مفاجيء لم يكن في الحسبان حين صاحت قائلة: أبي الجميع في المدرسة يقولون إن نهاية العالم ستكون في يوم 21 ديسمبر 2012 ، فهل صحيح أن القيامة ستقوم في ذلك اليوم يا أبي؟ قلت لها باقتضاب: الله وحده هو الذي يعلم متى تكون نهاية العالم ومتى تقوم القيامة وليس الأولاد في المدرسة ولا أبيك في البيت!
ردت صغيرتي بعناد: ولكن لماذا يقولون ذلك على أي حال: قلت لها: في دولة بعيدة إسمها جواتيمالا ، عاش وانقرض شعب المايا الوثني الذي كان يضحي بالنساء والأطفال تقرباً لآلهته المزعومة، هذا الشعب المنقرض خلف إشاعة مخيفة منقوشة على صخرة كبيرة تقول أن نهاية العالم ستكون في يوم 21 ديسمبر 2012 ،  وهذه الإشاعة تُوجد بشكل أو بآخر في بعض الكتابات المسيحية والاسلامية كما تُوجد في تنبوءات شخص غريب الأطوار توفي قبل 1500 سنة إسمه نوسترادموس ، لكن كما قلت لك الله وحده هو الذي خلق العالم وهو الذي يعلم تاريخ نهايته وتاريخ قيامة القيامة ثم حاولت بلغة مبسطة أن أشرح لها أن نهاية العالم شيء والقيامة شيء آخر ويبدو أنني لم أوفق في ذلك فقد انسحبت صغيرتي ولسان حالها يقول لي بخيبة أمل كبيرة: ما المسؤول بأعلم من السائل!
ثم بدأ مسلسل نهاية العالم أو يوم القيامة يسيطر على نشرات الأخبار وعلى الصفحات الداخلية في الجرائد اليومية:
الحكومة الصينية تعتقل 93 شخصاً لنشرهم شائعات عن نهاية العالم وقيام القيامة في يوم 21 ديسمبر 2012! علقت قائلاً : إيمان بعض الصينيين بمفهوم القيامة سواء أقامت غداً أو بعد مليار سنة هو في حد ذاته تطور إيماني ملحوظ!
بعض الجهات التجارية في روسيا وأمريكا أخذت تؤجر وبمبالغ طائلة مخابيء تحت الأرض مليئة بالأطعمة والمشروبات الكحولية لمن يرغبون في النجاة من أهوال يوم القيامة المرتقب قيامها في يوم 21 ديسمبر 2012! علقت قائلاً: عجباً البعض يخطط لمواجهة اليوم الأخر بآخر عمل صالح والبعض الآخر يخطط لمقابلتها بأقوى سكرة وداع!
15% من سكان العالم يومنون بقيامة القيامة في يوم 21 ديسمبر 2012! علقت قائلاً: إذن 85% من سكان العالم لا يؤمنون بنهاية العالم في التاريخ إياه والحشاش يملأ شبكتو!
عدد من المؤمنين بقيام القيامة في يوم 21 ديسمبر 2012 يتدربون على إطلاق النار بمختلف أنواع الأسلحة!  علقت قائلاً: لكن على من سيطلقون الرصاص؟!
متاجر عديدة تحقق أرباحاً طائلة لبيعها مقتنيات وسلع تتعلق بيوم القيامة المرتقب حدوثه غداً! علقت قائلاً: رزق الهبل على المجانين!

على العموم ، اعتقد أن السودانيين لا يهمهم مطلقاً إن قامت القيامة غداً أو في أي يوم آخر ، لأن قيامتهم قائمة من زمان فالواحد منهم يقول للآخر عند الغضب: تقوم قيامتك ، أما بعضهم  فهم يقولون في وصف الزول الحالتو صعبة : الزول ده قيامتو رابطة ولهذا يقول شاعر سوداني مجهول:

سكران الدُهُـلات الياتو خلـفو شتامتو!

الهيش والعدار في سدرو كلو بعامتـو!!

وقفن زوم عرايسو الليله رابطه قيامتو!!!

وتصبحون على قيامة!!!!

فيصل الدابي المحامي

sara abdulla [fsuliman1@gmail.com]
/////////

 

آراء