ثلاثى أضواء المسرح فى الخرطوم …. بقلم: د. احمد خير/ واشنطن

 


 

د. أحمد خير
2 October, 2010

 



شهدت فترة ستينيات القرن الماضى إزدهارا فى المسرح العربى وخاصة المسرح المصرى الذى كان قبلة محبى فنون المسرح بما يقدمه من كوميديا ودراما . كان برنامج ساعة لقلبك من البرامج الخفيفة التى أضحكت الجماهير . ذلك عندما كان الراديو هو وسيلة التلاقح بين الأفكار وكانت النكتة والقفشة تسرى فى لحظات لتعم كل القطر المصرى وتعبر الحدود فى يسر  وكانت قفشات أبو لمعه المصرى والدكتور شديد والخواجه بيجو مسار إعجاب الآلاف من المستمعين. وفى مطع الستينيات من القرن الماضى عندما أصبح التليفزيون هو الأكثر جذبا للجماهير ، بدأ هناك نوعا آخر من الفن حيث بات المسرح خاصة المنقول منه على الهواء هو الوسيلة البديلة والأكثر رغبة لدى الحماهير . وجميعنا قد تعلق بمدرسة المشاغبين بطولة سعيد صالح وعادل إمام وسهير البابلى وحسن مصطفى واحمد زكى ويونس شلبى.وبجانب ذلك ظهر ثلاثى أضواء المسرح  سمير غانم وجورج سيدهم والضيف احمد ليتربع الثلاثى على عرش الكوميديا فى مصر .ولم يفتر آداء هؤلاء إلا بعد أن فقدت الفرقة احد أعمدتها  وهو الضيف احمد الذى رحل عن دنيانا وهو يؤدى دوره على خشبة المسرح (رحمه الله) .
تذكرت آداء ثلاثى أضواء المسرح وأنا أشاهد مسرح اللامعقول فى الخرطوم .
نعم لقد إستبدلنا الله بثلاثى جديد ظهر تحت الأضواء محاولا إضحاك الجماهير بمواقف باااااااااايخه . مواقف كومودرامية !وميلودرامية والحقيقة تقال بأن ثلاثى الخرطوم لم يتدرب على أيدى خبراء مسرح لافى الشرق ولافى الغرب ولكن ربانى أو شيطانى ظهروا على خشبة مسرح الخرطوم . لقد بحثت فى تاريخ الممثلين فماوجدت لأحدهم صلة قريبة أو بعيدة بالمسرح ، ولاحتى بمسرح اللامعقول الذى كان من رواده صمويل بيكيت .
عند سماع المؤلف أ.خ بتعليقات كل من السيد/ كمال عبيد بشأن الحقنة والسيد على كرتى الذى قال رؤساء الأحزاب أخدوا قروشنا (وطنشونا) والدكتور/ مصطفى عثمان إسماعيل بشأن تجهيز الشباب لمحاربة الجنوب فور الإنفصال ، قام بكتابة سيناريو لمسرحية من مسرحيات اللآمعقول ليقوم ببطولتها الثلاثى العجيب !   
عند قياسنا لنجاح مسرحية من المسرحيات لابد من البحث فى أعمال المخرج . فكم من مخرج خلق من الفسيخ شربات . أى انه قد خلق شيئا من لاشئ .
وبمناسبة الفسيخ والشربات والشئ واللاشئ كان لابد من البحث فى تاريخ ثلاثى أضواء  مرسح الخرطوم . (بحثنا ولم نجد لهم تاريخا)
فتح الستار(مزيكه)  ثم صوت من على بعد يقول " مسرح اللامعقول يقدم ) يعلو صوت الموسيقى، تخفت الأضواء ثم يدخل إلى خشبة المسرح ثلاثة أشخاص لاتظهر ملامحهم بوضوح . تخفت الموسيقى أكثر فأكثر إلى أن تصل إلى مسامع الجماهير فرقعات من وراء الستار وفجأة تسلط الأضواء على منتصف خشبة المسرح حيث إلتقى الأشخاص الثلاثة . صرخ الأول بأعلى صوته : نحن ونحن الشرف البايخ دابى البر شربنا النيل ... من شبينا قمنا لقينا كوم راجينا ومن البترول كم بير . .. نحن ونحنا .... يرد عليه آخر قائلا نحن ونحن جينا بالقوة ومابقلعنا إلا زول عنتيل .. من شبينا قمنا لقينا شيخنا دق ليهو فى البلد اسفين . يصرخ الثالث قائلا ونحن ونحن شنقلنا الريكة وماخلينا قندولا يطير ... ومن ما إتحكرنا وإتبوبرنا عملنا عشان جنوبنا يطير .
ثم يجتمع ثلاثتهم فى رقصة تشبه رقصة (العجكو) مع أغنية تقول نحن التلاته حلفنا بالتلاته نشلع السودان من الخرتوم لعشش فلاته ... وتانى بنجى صادين ... أخوانى فرتقو بلد كويس يا ... إنقاذى أنت فرتقو بلد كويس يا ...
تنتهى الأغنية وتخفت الإضاءة .. ينسحب البعض من على خشبة المسرح ويبقى شخص واحد بدون ملامح .. رويدا رويدا تزداد الإضاءة وتظهر  ملامح الممثل ...يقول حقنه مافى لا فى العضل ولا فى الوريد ... حقنه مابنديها لأى جنوبى من نيمولى ليتوريت ... بترول مافى... حقنه مافى كلمه واحده لاتنقص ولابتزيد . يدخل ممثل آخر .. تسلط عليه الأضواء يصرخ قائلا نحن ونحن قعدنا وإتحكرنا ... مافى زولا بيقلعنا أكيد ... من شبينا قمنا بقينا دبابين وبنات الحور مادات الإيد
يدخل آخر يقول نحنا لبسناكم وكنتو عرايا ... وزقيناكم المر بمحايا ... وماخلينا فى البلد لاتيس ولاغنمايه ... الليله يالجنوب للحرب سايرين ... أكان قادرين أو ماقادرين ...  بنجمع للشباب محمد وإسماعين الكايسين للشهاده وياهم البحموا الدين ... تانى عرس الشهيد ماشين نحييهو ...وسبعين من بنات الحور يانا بنديهو ... عرس الدنيا ده شن طعمو ...يازول  أمش حارب فى الجنوب كان داير تحمى الدين ... وليبنات الحور تعرس سبعين.
إنتهت المسرحية ... الإضاءة عمت المكان ... كان هناك ثلاثى أضواء المسرح وهم حسب الظهور على المسرح
الأستاذ/ ك . ع .  
الأستاذ/ ع. ك .
الدكتور/ م. ا.
من الغريب أنه عندما أضئ المسرح لم يكن هناك أحد من المشاهدين
تجمع المشاهدين خارج المسرح فى شبه مظاهرة يهتفون: مسرحيه أونطه ... هاتوا قروشنا .
الغريب أنه عندما علم الفنان سمير غانم بماحدث فى الخرطوم علق قائلا: الضيف احمد الله يرحمه ... مين كان فيهم الضيف!؟  هو مافيش حد منهم طب مات !؟                     
Ahmed Kheir [aikheir@yahoo.com]
 

 

آراء