جبريل والخزينة الخاوية !!

 


 

 

خيم على الدكتور جبريل ابراهيم وزير المالية الخذلان ، في النتائج الانقلابية الكارثية التي أتت صفرية بعيداً عن توقعاته ، تلك التوقعات التي أسسها جبريل على شفا انقلاب هار فانهار به وباحلامه ، فالرجل شيد أحلامه على أساس واحد وهو جمع المال والثروة ، ليس مهماً أن تقلد منصبا دستورياً أو تنفيذياً، فحدود أمنياته منذ أن وطأت قدماه الخرطوم هو أن يكون وزيراً للمالية، ولاهم له في هذا التوقيت تحديداً غير (مكاوشة) المال إن كان لصالح حركته، أو تحت بند حصة الإقليم والحصول عليه من الخزينة المركزية باسرع وقت، فجبريل ليس لديه مانع أن يكون رئيساً لمجلس الوزراء أو أن يحكم السودان كما قال لكن ليس الآن، فالمقربون منه يقولون إن هدفه الحقيقي أن يضع يده على خزينة الدولة لتحقيق بعض الغايات التي يصبو لها وإن الحصول على المناصب هو رغبة ثانية لا تتصدر قائمة اهتماماته ، لذلك أن وجود جبريل ضمن حكومة حمدوك حقق له غاية المنصب وجاء وزيراً للمالية، ولكن المنصب لم يمنع جبريل من ممارسة العبث والتمرد على الحكومة والحاضنة السياسية تلك العين القريبه منه كانت تشكل عائقا لجبريل في عملية التصرف في أموال الدولة بحرية دون رقيب وحسيب.
فكان جبريل ضمن مجموعة الميثاق الوطني التي خططت ودعمت اعتصام القصر، بل أن جبريل كان الوزير الوحيد في حكومة حمدوك الذي خرج ضدها وذهب في ليلة ظلماء غاب فيها بدر المبدأ ولمعت فيها نجوم الخدعة والزيف وخاطب جبريل اعتصام القصر قائلاً بالحرف الواحد ( أحي كل الحضور هنا في هذا المكان وأحي المرأة لكن أرى أن حضورها ضعيفاً نحن عايزين المزيد من النساء هنا، لأن المرأة نصف المجتمع، واضاف نحنا جيناكم هنا عشان نشكركم ونقول لكم عبرتم عنا خير تعبير . واردف انتو بتشبهونا تماما ونحن بنشبهكم ) في اشاره للحديث المبتور الذي نسب لوجدي صالح وقتها .
ولم يدهشني حديث جبريل وهو يقول انهم لم يخططوا لاعتصام القصر والذي ذكره في مؤتمر صحفي، إن الاعتصام صادف ما أسماه بخلافات مع قوى الحرية والتغيير ، وان الإجراءات التي قام بها البرهان أدت الى شلل كامل في الدولة ، فليس بغريب عليه أن يبدل مواقفه فجبريل خلع رداء الثورة التي جاءت به وباتفاقية سلام جوبا لأجل الانقلاب ، والآن يحاول أن يخلع رداء الانقلاب لأجله ، ففقر المبادئ تظهر علاماته من اول موقف ولا فرق إن تعددت المواقف او حدثت مرة واحدة في العمر.
لكن الذي يحي جمهور اعتصام القصر ويبدي ملاحظاته على قلة الحضور وكثرته ، فهو ليس بضيف جاء صدفة ليلقي التحية فقط ، و الذي يهمه الحشد والحضور هو من يخطط ويدعم وربما يمول ، فما تخسر فيه وتدعمه يهمك جداً نجاحه وفشله ، وجبريل قال إن حضور المرأة ضعيفاً وفي اليوم الثاني عملت اللجنة المنظمة على حشد عشرات النساء اللائي اطلق عليهن الكنداكات ، فجاءت للاعتصام كل اخوات نسيبة ودفعت الملايين لبعض ( القونات) ، فعبارة ( يجب أن يكون حضور المرأة اكثر ) هي رسالة واضحة لجبريل للجنة المنظمة وعتاب صريح وعدم رضا ، كما أن الذي يحمل في كلماته عبارات الرد على وجدي صالح الذي يمثل ثورة ديسمبر المجيدة ، ويقدم نفسه بلاشك وينصبها دفاعاً عن المجموعة الأخرى مجموعة القصر وهذا بالطبع ليس عابر سبيل.
لكن ما الذي دعا جبريل أن يخرج الآن ليقول هذا الحديث فمن يظن أن جبريل يبحث عن منصب وان المكون العسكري عمد على تهميشه فهو مخطىء ، فجبريل لم يفقد منصبه، فقبل الانقلاب هو وزير المالية وبعد الانقلاب هو وزير مالية والآن يتنصل عن كوارث الانقلاب وعن مسئولية تخطيط ودعم اعتصام القصر وهو وزير مالية ، فجبريل ربما لا يبحث عن شيء كما قلنا في المقدمة سوى المال، فالرجل في حكومة حمدوك كان تحت مراقبة رئيس مجلس الوزراء ، وان ولاية المال العام تتم وفق نظم وقوانين ، فاختار دعم الانقلاب للانفراد بالقرار المالي كما أنه لم يتوقع أن تتوقف المنح والمساعدات الخارجية ، بطريقة فورية ، لم تمهله حتى الوقت الكافي لينفذ ماخطط له ، فحاول جبريل ان يخرج اكثر من مره ويناشد المجتمع الدولي وقالها صراحة يجب أن لا يرهن المجتمع الدولي مساعداته بالأشخاص وذهابهم ويجب ان يتواصل الدعم للشعب السوداني ، لكن رسالته لم تحرك ساكنا ، كما ان جبريل ترفضه حتى الدول الداعمة للانقلاب لخلفيته الإسلامية وتوقفت المساعدات من بعض الدول العربية بسبب وجوده على كرسي المالية ، فما وجده جبريل من مال في خزينة الدولة بعد ذهاب حمدوك لا أحد يدري عنه شيئاً غير قادة الانقلاب ، لكنه بالطبع لايلبي طموحاته ، وحتى عندما طرح جبريل ميزانيته، ودافع عنها زورا وقال انها ستحقق تطلعات الشعب ولم يمض عليها شهر حتى تفاجأ جبريل بنتائج صادمة قبل الشعب نفسه الذي نفد كل مافي جيبه والآن ينفد صبره
لهذا فإن تململ جبريل الآن هو بسبب الفقر ليس الذي يعاني منه المواطن ولكن الذي تعاني منه الدولة نفسها، فكيف يصمد جبريل واحلامه كلها تنهار امام خزينة خاوية ، فلا تلوموا الرجل على تصريحاته ، فبالأمس قال إنها إجراءات تصحيحة واليوم قال إنها إجراءات شلت الدولة ومؤسساتها، وغدا ربما تصدر حركته بيانا ممهورا باسمه لتسمي هذه الإجراءات انقلابا ، هذا حسب حالة الاقتصاد والمال واستقرار سعر الدولار .
طيف أخير :
وسط صراع المصالح والمكاسب الشخصية ، هناك من بالشوارع لايخشى الموت لأجل هذا الوطن !!
الجريدة
/////////////////////////////

 

آراء