جردل بوهيه في البرلمان !!

 


 

 

قيل في عهد الرئيس الاسبق جعفر نميري أن السلطات ضبطت بعض المعارضين لنظام مايو وهم يكتبون على (الحيط ) وجدران المؤسسات والمنازل عبارات مثل (يسقط نظام مايو) ،(يسقط حكم الفرد) ،(لا للديكتاتورية) ،(نعم للحرية) ،وغيرها من العبارات التي تدعو الى الخروج عن النظام والانعتاق  من سيطرة الحزب الواحد ، وتم تقديم هؤلاء المعارضين الى المحكمة ، وحاول محامي الدفاع ان يخرج واحدا من هؤلاء المعارضين من قائمة الاتهام وقال للقاضي ان فلانا هذا رجل (أُميٌ) لا يعرف القراءة ولا الكتابة وبالتالي ليس له علاقة بما كتب في الحيطان من عبارات هي محل الاتهام ، ولكن كلام المحامي أغضب المتهم ولم يقبل حديث محاميه الذي يريد ان يخرجه من القضية فقال المتهم مخاطبا القاضي يا مولانا نعم انا رجل (أُميُ) لا أعرف القراءة ولا الكتابة ولكن بقدر أشيل جردل البوهيه .
تذكرت هذه الواقعة بغض النظر عن صحتها ان كانت فعلا حدثت واقعا في مدينة عطبرة التي اشتهرت بمناهضتها لنظام مايو او حدثت في مدينة اخرى في السودان ،
تذكرت هذه القصة بعد ان قرأت في احد الصحف ان محكمة الطعون الادارية في ولاية البحر الاحمر أبعدت مرشح المؤتمر الوطني في الدائرة (9) بورتسودان للمجلس التشريعي  لعدم لإمامه بالقراءة والكتابة وذلك على خلفية الطعن الذي تقدم به منافسه عضو المؤتمر الوطني المرشح المستقل لذات الدائرة .واعترف مرشح المؤتمر الوطني المبعد لاحد الصحف أنه لايجيد القراءة ولا الكتابه ،لكنٌه اكد إن اختياره للترشيح جاء من قبل حزبه وانه ترشح في نفس الدائرة  في إنتخابات عام 2010م وفاز فيها .
والمؤتمر الوطني يبدو أنه إختار هذا المرشح المبعد لانه من قيادات الادارية الاهلية وهو يسبق اسمه بكلمة (العمدة ) وبالتالي له جماهير تدعم موقفه في الدائرة الجغرافية ،وبالتالي فوزه مضمون أكثر من إي شخص اخر صاحب مؤهلات دراسة جامعية او فوق الجامعية أو صاحب ممارسة سياسية او نقابية ،ولولا التنافس بين المرشحين خاصة مما عرفوا بالمتفلتين الذين نزلوا مستقلين بعيدا عن رغبة الحزب ، لفاز هذا المرشح او غيره في كثير من الدوائر الجغرافية ان كانت على مستوى الدوائر القومية او الولائية ،وقد تكون هذه واحدة من عشرات الاشياء التي أظهرها هذا التنافس بين المرشحين من هذا الحزب والمستقلين الذين لم يحظو بثقته في الترشح لهذه الانتخابات .
ويبدو ان المؤتمر الوطني على مستوى المركز والولايات يختار مرشحيه وفق معايير خاصة به اولا ثم تاتي من بعد ذلك المعايير العامة ،وحزب المؤتمر الوطني ليس كالاحزاب التقليدية التي تعتمد على الطائفية او القبلية  فهو حزب أتى من امتداد لتجارب سياسية إستمرت لحقب سياسية متطورا ،فهو ليس في حاجة الى  إن يدخل شخصا يمكن ان تبعده الطعون الادارية من التنافس كما حدث في الدائرة (9) بورتسودان الولائية .
وبهذا الترشح يكون المؤتمر الوطني خسر مرتين  الاولى هي نتيجة الطعن  الذي أبعد مرشحه والامر الثاني مكن لمنافسه المتفلت  من الفوز ان لم يكن هنالك منافس ثالث .
إن تقديم رجل أميٌ لبرلمان منوط به ادوار رقابية وتشريعية وإجازة قوانين وتقديم مبادرات واستماع الى بينات حول اداء وزرات ومناقشتها وعمل لجان ، فكل هذا الامر يتطلب حد معين من التعليم حتى يكون النائب البرلماني فاعلا ويؤدي رسالته وأن لا يكون (تمومة جرتق) او يكون فقط ممثلا لقبلية أو أسرة كبيرة .
النائب الأميٌ يكون قد حجزا مقعدا كان أولى به شخص اخر حتى لو كان من الاحزاب المنافسة لانه يثري التجربة البرلمانية .
إن الدورة البرلمانية القادمة يجب ان تكون فاعلة وتقدم نوابا  يستطعون ان يقدمو ا لنا تجربة مفيدة في العمل البرلماني في كل جوانبه ، وان المرحلة القادمة قد تكون حاسمة في تاريخ السودان ولانريد نوابا  فقط يستطعون حمل جرادل البوهيه دون ان يحملوا افكارا يمكن ان تكون مخرجا لهذا الشعب من ضائقته والوصول به الى بر الامان 

nonocatnonocat@gmail.com

 

آراء