حصانات ومحفزات للجيش السوداني مقابل وقف الحرب وإزالة الكيزان: رسالة مفتوحة للمؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”

 


 

 

د. عبد المنعم مختار
أستاذ جامعي متخصص في السياسات الصحية القائمة على الأدلة العلمية

السادة والسيدات في المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

تحية طيبة لكم جميعًا، تحية السلام والحرية والعدالة،

من أكبر الأخطاء التي ارتكبت خلال فترة الانتقال المدني الديمقراطي في السودان عقب إسقاط حكم الجنرال عمر البشير كانت عداء قوى الحرية والتغيير "قحت" ولجان المقاومة للجيش ومحاولة تجريده من السلطة والمال وإصلاحه بضربة لازب. هذه المحاولة لتحويل الجيش إلى جيش مثالي وفق معايير الأمم المتحدة بشكل جذري وفوري لم تكن واقعية نظرًا لعدم قدرة القوى الديمقراطية المدنية على تحقيق ذلك إلا بالتدريج المخطط له بدقة وواقعية والتوافق الواسع والعميق. استشراء الموقف والخطاب العدائي من معظم قوى ثورة ديسمبر المجيدة تجاه العسكريين أدى إلى استمرار الجيش في التحالف مع حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية "الكيزان" والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام.

وفي الآونة الأخيرة، يبرز تهديد أكبر لوقف الحرب الجارية في السودان، وهو التدخل الروسي المتوقع لدعم الجيش بالسلاح مقابل الذهب وإقامة قاعدة دعم لوجيستي عسكرية على البحر الأحمر. هذه الصفقة المعلنة، إن لم تقم "تقدم" وغيرها من القوى المعارضة للحرب بإجهاضها، ستقود إلى استمرار الحرب لسنوات طويلة قد تصل مدتها الى 15 عاما حسوماً، كما توقعت ورقة بحثية لابراهيم البدوي صدرت مؤخراً بدون اعتبار للعامل الروسي، وربما تؤدي إلى سيناريو مشابه للسيناريو السوري.

لذا، المطلوب وبشكل عاجل من المؤتمر التأسيسي لتنسيقية "تقدم" ومن قيادتها:

1. **وقف الخطاب والموقف المعادي للجيش وتمديد وتوسيع وتقوية خطوط التواصل الإيجابي معه**: يجب علينا بناء جسور التواصل والتفاهم مع الجيش كقيادة ومؤسسة، وتجنب الخطاب العدائي الذي لم يساهم سوى في تعزيز تحالف الجيش مع الكيزان وإطالة أمد الحرب.

2. **إعطاء الجيش كقيادات وكمؤسسة ضمانات بعدم المحاسبة على الجرائم وحوافز لاستمرار المؤسسة كأقوى مؤسسة مسلحة في السودان بشرط وقف الحرب وتنقية الجيش من الكيزان ودعم الجيش وحمايته للانتقال المدني الديمقراطي وفق خطط وضمانات**: يجب تقديم ضمانات واضحة للجيش بعدم الملاحقة والمحاسبة على الجرائم السابقة، بالإضافة إلى حوافز تضمن استمرارية المؤسسة العسكرية بشكل قوي ومستقل، ولكن بشرط وقف الحرب وتنقية الجيش من العناصر الكيزانية وتعبيد طريق الإنتقال المدني الديمقراطي.

3. **وقف صفقة روسيا مع الجيش**: يجب العمل على إجهاض الصفقة الروسية عبر التواصل مع القيادة الروسية والتهديد دبلوماسيًا بوقف الاستثمارات الروسية في الذهب ووقف مشتريات الأسلحة وتعطيل التوافق حول أي تعاون عسكري على البحر الأحمر، بل والتهديد بإستعمال النفوذ السوداني في إقليم الساحل، ابتداء من أفريقيا الوسطى، ضد المصالح الروسية.

إن الثقة المعقولة في الذات لا تضر، وعلى "تقدم" أن تطرح نفسها بوصفها الحكومة القادمة بلا شك.

ولا مناص من أن تتقدم تقدم قدماً للأمام من أجل مستقبل أفضل للسودان.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير.

د. عبد المنعم مختار

٢٦ مايو ٢٠٢٤

moniem.mukhtar@googlemail.com

 

آراء