حوش الزول الثقافي بالدوحة .. ما هذا ؟
عواطف عبداللطيف
18 May, 2015
18 May, 2015
* وكأن تطلعات "الزولات" تأبى أن تتحقق في مقر أنيق نظيف يليق بأثوابهم ناصعة البياض وعمامتهم المطرزة و"المحكرة" بعناية على رؤوسهم المتقدة فكرا المولعين بالقراءة وفنون المعرفة نظم الشعر واللعب بالريشة وعشق الموروث الثقافي والإنساني.
* ذهلت لتحول "حوش" المركز الثقافي السوداني ناحية اسباير المنطقة الرياضية السياحية النضرة بالدوحة لمطعم تحت الإنشاء والجزء الآخر " لمذبلة " أعزكم الله، خردة كراسي وطاولات وقاعة متهالكة بمعينات صوتية وأسلاك كهربائية عشوائية.. النوافذ غطت بخرق حمراء فاقع لونها لا تمت لروح الزمان والمكان وأتربة تمددت بأريحية.. ونزعت اللوحات التشكيلية وصور معالم البلاد السياحية جبال التاكا ولو يوم زرت جبل مرة ومروي الحضارة والتي كانت تزين حيطانه.. أين يا ترى المكتب التنفيذي ومن تطاحنوا لحمل لوائه واصطادوا فلاشات الكاميرات الفضائية تكملة لمسيرة " كله تمام يا ريس " .. بل أين من وعدوا بحراسته ورفع مقام رواده وتوثيق أعماله رغم أنه المقر الثاني بعد هلاك الأول ناحية الدفنة مما يحتم استنهاض الهمم لمعالجة العلة من جذورها لتعتني بمقار الإشعاع الفكري الحضاري.واعادة رواده الذي تشتت هنا وهناك بعد عملت فيه سياسة فرق تسد الكريهة .
* من يسابق من "غذاء البطون أم العقول" فبعد غياب قسري عنه وبدعوة من رابطة دنقلا الكبرى شاركت بندوة "بصمات سودانية في بلاد المهجر، سوركتي 1876-1943 إندونيسيا وساتي ماجد 1883-1963 شيخ الإسلام بأمريكا" قامتان من حق البشرية الاحتفاء بهما ليس لأجناسهما وملتهم بل لإنجازاتهما التي سبقت الآخرين بسنين ضوئية ولربما منظمات الأمم المتحدة فحضر المهمومون بالشأن العام وغاب من حملوا أمانة المركز ولم تجذبهم لا قامات المتحدثين أساتذة الجامعات والقانونين والغبش ولا المتحدث عنهم كشأن قومي يستحق التدافع لاجل ابرازه واستقاء قيم عطاء الاولين واولو العزم من الرجال .لاضافتهم لسجلات التاريخ الناصع .
* الجالية بقطر مشهود لها بالحيوية والنباهة والالتزام ورحم الأمة السودانية ممتلئ بالبذور الطيبة أنجب الروائي العالمي "الطيب صالح" ولابسة بردة سوق عكاز "روضة الحاج" ونوابغ كثر في ميادين المعرفة والعطاء كبلد متعدد الأعراق أفريقيته لم تلغ عروبيته، باطن أرضه تكتنز تراثا قد يغير ثوابت الحضارة الإنسانية.. وإنسانه ذو فطرة سليمة وروح صافية معتقة بحب الطبيعة ولم تزده الشدائد المتكالبة ومنغصات الحياة المعيشية ورهقها إلا قوة وتماسكا، اجتماعيا أطلق عليه الخليجيون "ملح الطعام" لتفاعله الحميم بقضايا أمته العربية الإسلامية وفي محيطه الجغرافي الإفريقي. ولولا "الانكفاء الذاتي" كما ذكرت في مداخلتي بالندوة وتواضع فطري عرفوا به أو لإقصاءات بغيضة كادت تمزق أثوابه وتخل بموازين درجات العطاء وتبرز أشخاصا في براويز أكبر من أحجامهم الفعلية وجراير ما ذكرنا لضموا كغيرهم لقوائم المشاهير.
* لابد من وقفة جادة لتصحيح أوضاع المركز ومراعاة إجراءات الأمن والسلامة لأن المقر السابق تردي وظل بلا روح ولا نفس.. ونبهنا لذلك في وقته خلال زيارة للرواية بثينة خضر وبرفقة المستشار الاعلامي لسفارتنا بالدوحة الدكتور ابراهيم الشوش .. وحين ارتحل العام 2013 لناحية أسباير كتبنا " المركز الثقافي نريده فنارا " دعما لتظاهرة جمعت ألوان الطيف وأكد مسؤول السفارة الأول "وشدد وألح" مشكورا أنه سيحرسه بكل طاقته وطاقمه ليكون شعلة مضيئة وبوتقة تصاهر ومعايشة ويدا قوية ترفع من شأن المثقف وتوثق لعطائه وتدفعه ليتكامل والآخرون في مدينة كالدوحة تتنفس بالثقافة وتنام لتصحو على أوتارها في رهان أطلقته على نفسها كعاصمة أبدية للثقافة العربية.. فأين يا ترى من وعد وجزم !! وما هذا الذي آل إليه المركز.
• ما نقلناه ليس لكشف الحال بقدر ما هو استباقا لعدم تصنيفه مطعما "لا نظيفا ولا أمنا ولا لائقا " ولحض القائمين على أمره تسليم الأمانة لأياد قادرة، فسيرته تتداول بمواقع التواصل الاجتماعي لأنهم يريدونه فانوسا مشتعلا يضيء لأولادنا وبناتنا دروبهم ويشابكهم بقيمهم وعاداتهم وتقاليدهم النبيلة وليتمازجوا والجاليات الآخر وليمدوا الجسور والوطن كمساندين للتعايش ورتق الثوب الذي بات يقد من كل جوانبه من صغار النفوس لان ساحات العطاء باتت تخلوا لهم لان الكثيرون يعيفون هذا المعترك التي مكنتهم بسياسة التمكين والاقصاء... نريده خشبة مسرح تعيد ـلــ أبو الفنون عظمته ومائدة مستديرة لحوارات فكرية معمقة بروح الانتماء بعيدا عن الانقسامات السياسية البغيضة.. نريده منارة وفنارا لسفن تبحر في دوحة الخير وهج نوره يضيء العتمة في عالم يتحرك بسرعة البرق وبالضغط على أزرار التقانة يلملم أطراف كوكب الأرض.. ولينهل منتسبوه من علم الحداثة ويقدم العطايا الاجتماعية والخفائف ولينطلق للأمام رغم عثرات الطريق وهموم وطن مرهق بالتباينات السياسية وبالإقصاءات ومغترب تتكالب على عاتقه مسؤوليات أسرية تتزايد وتتلاحق فيلجأ لا ستجمامة ونحت الصخر فيجد بيته.. حدث ولا حرج..