خرج ولم يعد – صديقي حسن

 


 

 

ان الذي خرج من حزب (احزاب) الأمة وقوي التغيير الديمقراطي ليس الاستاذ الوزير حسن اسماعيل، صديقي وزميلي في مسيرة الحزب والنضال ايام جامعة الخرطوم - وقت كان " الحال مسغبة والدنيا قتال". ما خرج هو قدرة الحزب في قيادة مسيرة التحول الديمقراطي. قلت في مقال قديم عن ما لا يتناوله الأحباب وقلت ان المتتبع لأزمات الحزب الداخلية يجد رابط قوي بينها وبين تعاقب ديمقراطيات السودان القصيرة وحكوماته العسكرية الممتدة العمر- تلك الحلقة الخبيثة.

كان التناحر الداخلي في حزب هو الذي قاد رئيس الوزراء عبدالله خليل (حزب أمة) لتسليم حكومته المنتخبة ديمقراطيا للجيش- السابقة التاريخية وبداية تغول المؤسسة العسكرية علي الحقوق الدستورية لشعبها! ان الخطيئة الأولي هي الأكبر والأكثر وقعا علي النفس!

ثم جاء انقلاب نميري من بعد ديمقراطية متأزمة و علي خليفة تناحر حزب ( جناحات) الأمة الداخلي وتكتيكات الاسرة المهدوية، تصويته لطرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان - مضعفا النظام الديمقراطي !

و كانت خطأ تكتيكات وضعف قيادة السيد الصادق هي من اضعف العمل المعارض ضد نميري! ثم ذهب للقاء النميري من وراء ظهر حزبه وحلفائه!

وقادت هشاشة الأوضاع الداخلية في حزب الأمة- وهي عادة  نتاج طموح الاسرة المهدوية وتكتيكاتها لاستدامة نفوذها -لإضعاف النظام الديمقراطي ! وكنا ان عشنا تلك الفترة وشاهدنا كيف ان سوء تقديرات رئيس الوزراء أطالت الحرب في جنوب البلاد! لجأ الي الحل العسكري متجاهلا الأسس السياسية والفكرية التي تجيش جيوش الحركة الشعبية! أنشأ مليشيات الدفاع الشعبي ( ليس الترابي او البشير من ابتدأ فكرة مليشيات الدفاع  ولكنهما قننوها وصارت مؤسسات معترف به جهارا نهارا!) مما اطال وعقد الحرب الأهلية! وراينا كيف ان ' تكتيكات' رئيس الوزراء  التي اسماها استيضاحات، لواد اتفاقية السلام ( الميرغني - قرنق ) قادت لقيام انقلاب الإنقاذ!

ومثلما كان للحزب القدح المعلي في سقوط الديمقراطية وللمرة الثالثة كذلك كان دوره هو الاكبر في استطالة نظام البشير! كتب الاستاذ صلاح جلال - كبير زعماء شباب وطلاب حزب الأمة - كتب عن " فشل الحزب في القدرة علي التعبئة والحشد لاستعادة النظام الديمقراطي علي مدي أربعة وعشرون سنة هي عمر الإنقاذ " و مضي ليقول "فلابد من عمل نقد لمعرفة أسباب هذا الإخفاق ووضع الحلول العملية لاستعادة الحزب للعمل  فالطبيب الذي تكثر معاودته دون شفاء لابد انه سيطوي نور عيادته خلفه"! هذه دعوة جديرة بالنظر والمطالب بها هنا عضوية الحزب وقياداته

لماذ فشلت محاولات الإصلاح الداخلي؟ والحزب زاخر بالقيادات والكوادر المتجردة؟! سوْال اخر يتطلب البحث راسيا وأفقيا في ادبيات الحزب ، مسيرته وممارساته! اذكر انني سالت الاستاذ بكري عديل  - وكنا ان زرناه في بيته ثلة او شلة من الكوادر الطلابية والشبابية من مختلف الجامعات ومناطق السودان وجهوياته المختلفة - رد بقصة و حادثة: قصة دوره في تأسيس الحزب ايام دراسته الجامعية و حادثة رد احد أفراد الاسرة المهدوية لافراد الأمن من ان او رجال الاسرة " لبْسو طرح لتبعهم الانصار". ذكر العم بكري انه رد عليه انهم ليس تُبّع لأحد! خلافات حتي داخل المعتقل حول ماهية الحزب ودور العضوية فيه!

 ان قطاعات كبيرة من جماهير شباب الحزب وكهوله بدا تحث اكثر من اي وقت مضي ان ' روح الله' تخرج من حزبهم الكبير كما يخرج الهواء من ثقب بالون طائر وهم يرون شبابه المستنيرين يقفذ من فوق لوحده وجماعات! ان عدم تدراك هذه الحالة سيفقده بريقه الحداثي و يخرج حزب الأمة من ان يكون الخيار الراجح لبعض القطاعات الحديثة التي تريد ان توائم ما بين إرثها الفكري الأنصاري وبين نظام حزبي ومعاصر.

نما حزب الأمة بشكل كبير وسط طلاب والشباب في عهد الإنقاذ الاول - خاصة قبل "تهتدون" السيد. ان الامام الصادق - مستخدما نفس استراتيجيات الامام عبدالرحمن - يتحمل الأسهم الكبري فيما يحدث للحزب! علي يديه وتحت قيادت تقسم الحزب بصورة لم يسبق لها مثيل! وكل من انشق او خرج مستيقلا ارجع ذلك لحال الحزب ، ضعف المؤسسية وانفراد الامام والاسرة المهدوية بالقرارات الكبري! ان النظر في جمع السيد الصادق ما بين الإمامة ورئاسة الحزب واقصائه حتي الذين رباهم علي يديه من أهل بيته والأصدقاء من توريث الحزب لاسرته الصغيرة ( والامام نحسبه رب أسرة السودان الكبيرة) آسٌ كبير في معادلة تصدع الحزب او ترميمه.

ان من خرج ،من الأقوياء، ولم يعد قايمة طويلة ! أين بيلو محمد صالح ، طارق المك، صديق محمد توم، عبدالقوي حامد، محمد رابح ، صديق بشار محمد حسن التعايشي، يوسف ابراهيم ، ابراهيم آدم ؟ ومن قبلهم عمر عبدالله عمر، الفاضل آدم ، اشراقة ابو طويلة، عثمان حميدة؟ ام قول بروفيسور فيصل عبدالرحمن علي طه  بروف مهدي أمين التوم، او عمنا السر الكريل؟ ثم أين انا وأين صديقي حسن اسـماعيل؟ !

eisa.hamouda@gmail.com

 

آراء