خطاب حميدتي الأخير .. وضع قوى الثورة أمام موقف تاريخي

 


 

الطيب الزين
21 February, 2023

 

عندما تصل الأوضاع العامة مرحلة حاسمة من التعقيد لم يعد للصمت فائدة، وهذا ما فعله بالضبط حميدتي في بدايات ثورة ديسمبر المجيدة، حينما أعلن موقفه الذي كان في ظاهره الحياد لكن في لبه كان إنحيازاً بمطن للثورة، وقال وقتها أن قواته لن توجه سلاحها نحو صدور المتظاهرين وهذا موثق بالصوت والصورة.

ويوم أمس أعلنها داوية على رؤوس الأشهاد مرة أخرى بأنه لن يتراجع عن دعمه لعملية التحول الديمقراطي وتسليم السلطة للمدنيين.
خطاب كشف ما يحاك من مؤامرات من خلف الستار من جانب أنصار النظام السابق بقيادة عبدالفتاح البرهان وداعميه من خونة وإنتهازيين.

الجديد هذه المرة هو أن حميدتي قدم مرافعة تاريخية حملها خطابه التاريخي الذي لفتت نظري فيه الفقرة التالية:
( أنا ابن بادية بسيط، نشأت في أقاصي هوامش السودان ولم أحظى من الدولة سوى بعنفها تجاه مجتمعاتنا، وتجاهلها لحقوقهم الأساسية، ولقد تعلمت في مدرسة الحياة الكثير من الدروس، أهمها أن المسار القديم للسودان غير عادل وغير منصف)

هذه الفقرة في تقديري تلخص الأزمة التاريخية في بلادنا.
وكشفت إنتهازية بعض حملة شعارات التهميش، الذين ما زالوا يصرون على الوقوف في صف الإنقلاب ويسمونه بأنه تصحيح مسار!
خطاب حميدتي عرى هؤلاء المنافقين والإنتهازيين، لأنه أتسم بالشجاعة والوضوح والفطنة والذكاء.

فحميدتي بهذا الخطاب قال لهؤلاء أن المشكلة في السودان لا تخص الشهادات من عدمها وإنما تخص المعرفة والموقف السليم.
كما عبر عن إعترافه بالخطأ، وانه عازم على تصحيحه.
بينما بعض الإنتهازيين يكابرون ويصرون على السير في الطريق الخاطيء!
وهنا تتجلى النرجسية في أبشع صورها.
هذه النماذج من البشر والكيانات تعبر عن حالة القبح والجهل والتخلف والأنانية المقيتة التي تنشب أظافرها في أعناقنا بشراسة تدعو للحيرة والدهشة!
هذا النوع من البشر هم وقود الأزمة التي تمر بها بلادنا بعد ثورة عظيمة على نظام بائس حبس بلادنا في نفق الإستبداد والفساد ثلاث عقود مظلمة!

خطاب حميدتي فضح الإنقلابيين ووضع قوى الثورة أمام موقف تاريخي.
وأكد أن مشاكل السودان لن تحل إلا من الداخل عبر وحدة قوى الثورة وطرح رؤية واضحة تخاطب جذور الأزمة التاريخية.
خطاب جاء بعد رحلة معاناة إستمرت لأكثر ستة عقود من إستقلال الدولة السودانية، لذا ليس مقبولاً أن نخدع أنفسنا بشعارات النفاق التي ظلت تتحايل على الملايين بينما الفقر وحياة البؤس هدت حيل الملايين في وطن غني بالثروات والخيرات التي تهرب للخارج بينما الشعب في الداخل يعاني والإنتهازيين المستفيدين هذا الوضع المائل، يخدرون الشعب بشعارات في جوهرها سم قاتل!

الشعارات الزائفة لا تبني دولة ولا تحقق أمن ولا تغني عن جوع!

السودان في مفترق، لذا لابد من موقف وطني شجاع يضع البلاد في التراك الصحيح.
طريق التحول الديمقراطي الذي يجرد الإنقلابيين وكل الإنتهازيين من الذرائع الزائفة ويضع كل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية تحت إرادة الشعب وقوى الثورة الحية لبناء السودان الحر الديمقراطي.

الطيب الزين

Eltayeb_Hamdan@hotmail.com

 

آراء