دارفور… التفاوض على ورقة الحل تقرير: خالد البلولة إزيرق

 


 

 

khalid balola [dolib33@hotmail.com]  

بمشاركة حركتي خليل والسيسي:

حراك جديد وبشكل مكثف بدأته الوساطة المشتركة من جديد بين وفدي الحكومة والحركات المسلحة بدارفور بالدوحة، حول الوثيقة النهائية التي طرحتها الوساطه على اطراف التفاوض بالدوحة، ويبدو من خلال حراك الوفود ان متغيراً جديداً طرأ على خارطة المفاوضات في الدوحة، في الوفد الحكومي الذي غادر طاولة المفاوضات بداية العام الجاري بتوجيه من الرئيس البشير عاد مرة اخرى الى الدوحه بغرض التوصل لصيغة نهائية للوثيقة المقدمة من الوساطه، في وقت تواجدت فيه حركة العدل والمساواة التي سبق ان رفضت المنبر بالدوحة ومواصلتها التفاوض الى جانب حركة التحرير والعدالة بقيادة التجاني السيسي، بعد ان وقعا اتفاقاً ثنائياً قضى بتنسيق المواقف بينهما حول عملية التفاوض الجارية بالدوحة.
إذاً جولة جديدة انطلقت وربما بشكل مباشر بين الاطراف للتوصل لتسويه سياسية سلمية لقضية دارفور في المحاور المختلف حولها من خلال الوثيقة المطروحة من الوساطة المشتركة لطي أزمة الملف خاصة المتعلقة منها بالمشاركة في السلطة «منصب نائب الرئيس» وقضية «الاقليم الواحد». جولة لم يصدر من الطرفين او الوساطة المشتركة انها ستكون الاخيره، ولكن مجريات الاحداث على الارض التي تشهد معاركاً بين القوات المسلحة وبعض الحركات المسلحه، بالاضافة الى تغير اللاعبين الدوليين في كل من «مصر وليبيا» ربما تعجل بالاطراف بجعلها الجولة الاخيرة في الوصول لتسوية سليمة لقضية دارفور..فهل تفلح الوساطة التي لم تيأس رغم مغادرة الوفود لطاولتها مطلع يناير القادم في التوصل لسلام، واقناع المعارضين للمنبر بالتوجه للتفاوض خاصة حركتا «خليل ابراهيم، وعبد الواحد محمد نور..أم ان التحالف العسكري بين حركة مني اركو مناوي وعدد من الحركات الاخرى التي تقود قتالا ضد القوات الحكومية ستفرض على الوساطة مساراً جديداً في التفاوض ربما يجبر الوساطه على الانتظار قليلاً ريثما يتم اقناع مني وحلفائه بالالتحاق بمسيرة التفاوض!!
وكانت الوساطة المشتركة قد قدمت المقترحات النهائية ووثيقة سلام دارفور للأطراف للرد عليها توطئة للتشاور حولها وإعلانها بصورتها النهائية وفقاً للموعد المضروب بنهاية الشهر الجاري، وقد سلمت الحكومة وحركة التحرير والعدالة رؤيتها حول الوثيقة للوساطة. ومثلت الوثيقة التي طرحتها الوساطه ثمرة تفاوض بين الوفد الحكومي وحركات دارفور لقرابة العامين بالعاصمة القطرية الدوحة، وقد وجدت الوثيقة المطروحة من قبل الو ساطة المشتركة التأييد والمباركة من وفد حركة التحرير والعدالة، فيما ابدى الوفد الحكومي التحفظ عليها، الامر الذي دفع الوساطه الى دفع الطرفين الى التفاوض مجدداً حول الوثيقة المطروحه للوصول لتوافق حولها كمشروع حل دائم لأزمة الاقليم المتطاولة مند أكثر من سبع سنوات. وكانت الوثيقة المقدمة من الوساطه قد طرحت اعطاء دارفور في محور السلطة تمثيلها بمنصب نائب رئيس الجمهورية، وكذلك الاقرار بمبدأ الاقليم الواحد لدارفور، وهي المقترحات التي تحفظت عليها الحكومة وايدتها الحركات المسلحه بدارفور. وتوقع الدكتور صلاح الدومة استاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، لـ»الصحافة» ان تقدم كل الاطراف المتعلقه بقضية دارفور تنازلات للوصول لتسوية سلمية سريعه، وقال ان الحكومة ستوافق على منح دارفور منصب نائب الرئيس والاقليم الواحد، وتوقع ان تمارس ضغوطاً على زعيم حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور، مشيرا الى ان خليل ابراهيم الضغوط ممارسة عليه بشكل متواصل، وستزداد عليه بعد سقوط حليفه معمر القذافي، وقال الدومة ان العوامل والاحداث الاقليمية في دول الجوار ساعدت وثمنت المجهودات التي تقوم بها الوساطة المشتركة لحل قضية دارفور «دون التقليل من دور الوساطه» مشيرا الى ان الاحداث صبت في صالح مجهودات الوساطه واعطتها قوة دفع طبيعية، واضاف «الجو الاقليمي ليس في صالح الحكومة، وارى ان هناك احتمال كبير لحل مشكلة دارفور، وما يجري من حولنا كله مؤشرات لحل مشكلة دارفور».
ويرى مراقبون ان خطوات تقارب في المواقف بين الاطراف بدأت تلوح في الأفق خاصة حول القضايا الخلافيه، وان وصول الدكتور غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية مسئول ملف دارفور الى الدوحه، لدفع عملية السلام والوقوف على الخطوات الجارية وما تم التوصل إليه حول الوثيقة النهائية لسلام دارفور، ربما يمثل حضوره للدوحة لوضع اللمسات الأخيره للوثيقه من جانب الحكومة، كما يعزز من ذلك ما ذهب إليه الدكتور التجاني السيسي رئيس حركة التحرير والعدالة من تأكيد حرص حركته على التوصل الى حل سريع وعادل وشامل لقضية دارفور. وكان الدكتور أمين حسن عمر، رئيس الوفد الحكومي لمفاوضات الدوحة قال في تصريحات لدى مغادرته مطار الخرطوم، إن الوفد الحكومي يذهب إلى الدوحة انطلاقاً من حرصه على تحقيق السلام وإيجاد تسوية شاملة لقضية دارفور بناء على طلب الوساطة القطرية، وتوقع الوصول إلى اتفاق بنهاية الشهر الجاري، مؤكداً استعداد الحكومة للدخول في لقاءات مباشرة مع الحركات والوساطة لمناقشة الوثيقة المقترحة. كما ألمحت حركة العدل والمساواة إلى إمكانية انضمام رئيسها الدكتور خليل إبراهيم، إلى المفاوضات بالدوحة في خلال أيام، حسبما صرح احد قادتها، في خطوة يمكن ان تعطي فرصة أكبر في جدية الحل من الاطراف المعنية بعملية السلام في دارفور. بالاضافة الى حالة التفاؤل في الوساطة المشتركة ممثلة في الوسيط المشترك، جبريل باسولي، والوسيط القطري عبد الله آل محمود، بحديثهم عن امكانية إنضمام زعيم حركة العدل والمساواة خليل إبراهيم، وزعيم حركة تحرير السودان عبد الواحد نور، وترجيحهم بقبول الوفد الحكومي بالموافقة على التفاوض على جعل دارفور إقليماً واحداً، ومنصب نائب رئيس. وكان الدكتور حسن الساعوري، استاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، قال سابقا لـ»الصحافة» انه يتوقع ان تمضي الحكومة في المرحلة القادمة لحل قضية دارفور على مسارين، التمشيط العسكري، والتفاوض مع الحركات، واشار الى ان قضية دارفور التفاوض وصل فيها مرحلة باعتباره مضيعة للوقت، وقال ان الحل الأمثل يجب أن يكون في التفاوض مع كل حركات دارفور مجتمعة، وحذر من تكرار خطأ تجربة الحكومة في التفاوض مع مني اركو مناوي دون الحركات الاخرى، واضاف «التفاوض اصبح بالنسبة للحكومة استراتيجية خاسرة، لان تطاول المفاوضات سيحدث استقطاباً وسط مواطني دارفور وهذا في غير صالح الحكومة».
الظرف الداخلي الدي تعيشه الاطراف المتفاوضه «الحكومة والحركات المسلحه» من رهق القتال وافرازاته على المجتمع الدارفوري، كدافع رئيسي لتحقيق السلام في دارفور، فإن التطورات الاقليمية والدولية قد اضافت له عاملاً آخر ربما يكون معززاً لكثير من الحركات في التوصل لوثيقة سلام نهائية قريباً بعد التغييرات التي شهدتها القاهرة وتلك التي تجري في ليبيا. فيما يرى مراقبون ان هناك توجهاً غربياً خاصة من قبل الولايات المتحدة الامريكية لحسم الاوضاع في دارفور سريعا وايقاف معاناة المواطنين هنا، ويشيرون الى ان التهديد الذي قدمه رئيس بعثة اليوناميد البروفيسور ابراهيم قمباري في مؤتمره الصحفي الاخير، ماهي إلا انعكاس لما يرتب له المجتمع الدولي مستقبلا في التعامل مع قضية دارفور، وكان قمباري، أعلن في السادس عشر من فبراير، ان البعثة لن تستأذن احداً بعد الآن في تحرك قواتها دون قيود، لانفاذ تفويضها الخاص بحماية منسوبيها والمدنيين العزل، وايصال المساعدات للمحتاجين وحماية حقوق الانسان «مشيراً الى انها ستخطر الحكومة فقط» لاغراض التنسيق، واضاف «سنسعد بنصائحها الامنية، الا ان القرار النهائي في ذلك سيكون عند يوناميد» مشدداً على ان فشل يوناميد في دارفورغير وارد، وكشف في الوقت نفسه، الشروع في عملية سلمية، «لاعلاقة لها باستراتيجية الحكومة الجديدة» عبر ادارة حوار لاشراك اكبر قدر من الدارفوريين في العملية السلمية، بالتركيز على النازحين ومنظمات المجتمع المدني، بالتعاون مع لجنة الاتحاد الافريقي التي يرأسها ثامبو امبيكي، وكشف قمباري، عن استراتيجية جديدة تتبناها «يوناميد» في المرحلة المقبلة لتحرك قواتها دون قيود لحماية المدنيين وايصال المساعدات الانسانية، وأكد ان الحكومة اعلنت موافقتها واظهرت ترحيباً حاراً بالاستراتيجية الجديدة، الى جانب ابدائها الحرص للتعاون التام مع البعثة، لضمان وتأكيد حرية الحركة لقوات يوناميد لانفاذ تفويضها.
 

 

آراء