دور مصر الحالي يكشف حجم قوة الحرية والتغيير ؟؟

 


 

 

لا أعتقد أنه توجد مساحة شاسعة بين ما أؤمن به من أفكار وبين مصر السياسية ، فالرئيس عبد الفتاح السيسي نجح في إجتثاث تنظيم الإخوان المسلمين وحوله لجماعات متناثرة بين الدول ، وهذا انجاز يحسب له ، ولكن هذا الإنتصار السياسي كان بالغ التكلفة ، وما كان لينجح لولا الدعم الخليجي والذي كان سببه هو الخوف من جماعة الإخوان السملمين ...
نجح عبد الفتاح السياسي في إنقاذ مصر من السقوط في براثن الإرهاب والفوضى الخلاقة ولكنه فشل في إدارة حكم مدني يستوعب الشباب والقوى المدنية ...
ولكن السؤال هو لماذا يدعم الرئيس السيسي الإخوان المسلمين في السودان بينما يحاربهم في مصر ؟؟ وهو الرجل الذي مزق الجماعة في مصر شر ممزق ووضع قادتها في السجون حتى ماتوا بين جدرانها وحرمهم من أي تسوية أو عفو محتمل ؟؟؟
الإجابة سريعة وجاهزة ، ومن يتعمق في الحوارات السودانية يدرك الإجابة ، وهذا السؤال سأله أحد رموز الإخوان في السودان معمر موسى لجماعة الموز خلال ندووة في جامعة الخرطوم حيث بادرهم بالقول :
إن كنتم ترفضون الإتفاق الإطاري بسبب دور بعض الدول فما الذي يجعلكم تقبلون بالحوار الذي تديره مصر ؟؟ وهي أيضاً دولة خارجية !!!
وذكر معمر موسى أن كلمة "التدخل الأجنبي " هي شعار سياسي يستخدم حسب الحاجة
وقد تلعثم الأرادلة في الإجابة على هذا السؤال حتى أنقذتهم علبة بمبان مجهولة من الإجابة ..
ولكن إذا رجعنا إلى الوراء فسوف نجد أن مصر هي التي صنعت جناح ا الإخوان لذي انشق على الترابي وقامت بتقديمه للدول العربية ، وقد حققت مصر في عهد البشير ما فشلت فيه طوال تاريخها السياسي ، فهي قد نجحت في الأتي :-
كسب حليف ضد اثيوبيا في مسالة سد النهضة
وقعت إتفاقية الحقوق الأربعة
ضمنت تدفق الموارد الزراعية والحيوانية لمصر
ضمنت ضم حلايب وشلاتين لأراضيها
وكان وجود السودان على قائمة العقوبات الدولية هو ضمانة لإستمرار المصالح المصرية ، ولذلك مصر هي ضد الإنفتاح السياسي في السوداني ، وضد أن يخرج السودان من قائمة الإرهاب وربما هذا الامر هو الذي يفسر عدم ترحيبها بسياسة الدكتور حمدوك الذي انفتح على العالم فحرضت البرهان على الإنقلاب عليه وحبسه وهي كانت تعتقد انها وصفة ناجحة كما حدث مع الرئيس الراحل محمد مرسي ، وإنقلاب البرهان كان يحتوي على تكوين حكومة إنتقالية والدعوة إلى انتخابات مبكرة وغيرها من متطلبات التحول السياسي ...
ولكن الأمور اتجهت نحو الأسوأ ، وفرت مصر الغطاء السياسي للإنقلاب ولكنها لم تحل أزماته في الداخل و الخارج ، وظرف السودان الحالي يختلف عن حقبة التسعينات حيث تصمد الإنقلابات لمدة طويلة من الزمن عن طريق القمع والعنف ، وبسبب صمود الشارع لم يتمكن الإنقلابيون المدعومين من مصر من تشكيل حكومة أو كسب أي إعتراف دولي ، وبدون موافقة مصرية رضخوا للضغوط الدولية ووافقوا على الإتفاق الإطارئ ..
فالسياسي السوداني جبان وبراغماتي ولا يحتمل بقاء الأزمة أمام عتبة منزله ، ومصر كانت بعيدة عن ما يدور داخل أروقة الإتفاق الإطارئ من حوارات
لكن لا زال في قبعة الحاوي المصري الكثير من الحيل ، فلجأت مصر لخصوم الإتفاق الإطارئ من أنصار حزب البشير والحركات المسلحة وحزب الميرغني ..
لكن هذه المناورة كشفت أبعاد الدور المصري والورطة التي وقعت فيها المؤسسة المصرية والتي طالما صورت للرأي العام علمها بغيب مجاهيل السياسة السودانية ...
فمصر الآن تتعامل مع جماعات متشرذمة ومنبوذة من الجميع ولا تملك أي تأثير في الشارع ، وهي بذلك قد ابتعدت عن قوى الحرية والتغيير والتي أصبحت الآن تربط التدخل المصري بوجود العسكر في السلطة ..
وبينما تغوص مصر في رمال الحركات المسلحة وفلول حزب البشير أصبحت قوى الحرية والتعبير تتحدث بصوت جهوري عن وجود طرف اقليمي يريد العبث بالإستقرار في السودان وحرمان أهله من التحول نحو الحكم المدني . وهو إتهام له الآن ما يبرره ويسند دعاويه ، واصبح دور مصر جزءاً من الملفات العالقة بين الخصوم السياسيين.
//////////////////////////

 

آراء