الحلقة الثانية ( 2 – 4 )
Facebook.com/tharwat.gasim
Tharwat20042004@yahoo.com
1- مقدمة .
في الحلقة الأولى من هذه المقالة ، إستعرضنا الهجوم الظالم الذي يشنه بعض الحاسدين الموتورين ضد السيد الإمام ، ويتهمونه ، ظلماً وعشوائياً :
+ بالدكتاتورية ،
+ تثبيط وتخذيل الثورة الشعبية ،
+ الإنتهازية بوضع كراع في الحكومة وكراع في المعارضة ،
+ إستعمال وسائل غير شريفة وترويج احاديث الافك لإقصاء وإغتيال شخصية منافسيه على رئاسة الحزب ،
+ بيع قضية الوطن بالتسول من عطايا الإنقاذ المنهوبة من أموال الشعب السوداني ( هكذا ضربة لازب ) ؟
+ وسادسة الأثافي في هذه القائمة البئيسة إن السيد الإمام جعل الآلهة إلهاً واحداَ ، إن هذا لشي عجاب ؟
+ كما يتهمونه بما قاله وما لم يقله مالك في الخمر .
وهي تهم وشتائم ( شخصية ) لا تستند على أدلة وبينات وبراهين ، وإنما تُطرش عشوائياً ، ولا تركز على الرؤى والأفكار والسياسات والمفاهيم ؛ وبالتالي فهي حشرجات ديوك مذبوحة سرعان ما يلفها النسيان وترتد إلى نحور طاريشيها ؟
في هذه الحلقة الثانية من المقالة ، نركز على تهمة الديكتاتورية ونحاول تفنيدها وربما تثبيتها ، ونتناول التهم الأخرى في حلقات قادمة ، كل على حدة ؟
ونبدأ فنُقر بأن السيد الإمام بشر ، لا هو منزه ولا هو بالمعصوم ؛ وبالتالي فهو معرض لإرتكاب الأخطاء واللمم . وربما مارس ضروباً من الديكتاتورية والهيمنة كما يتهمه الحساد والمتورون ، كما سوف نرى لاحقاً في هذه الحلقة .
ولكنها ديكتاتورية من نوع فريد ، لم نسمع به في أبائنا الأولين .
سوف نستعرض في هذه الحلقة نوعين من ديكتاتورية السيد الإمام :
النوع الأول ديكتاتورية الديمقراطية التي تتجلي في ديمقراطية الورش .
النوع الثاني ديكتاتورية التواضع كما تتجلى في صورة بألف كلمة .
2- الرجل الورشة ؟ ديكتاتورية الديمقراطية ؟
يتم عقد الورشة ، أي ورشة ، لمناقشة مسألة محددة لا يكون حولها إجماع قبلي . يشارك في الورشة خبراء ومتخصصون في المسألة تحت النظر ، وربما تسلل بعض العوام . يناقش المشاركون ، في حرية تامة ، مختلف جوانب المسألة ، ويدلي كل مشارك بدلوه . يقوم مقرر الورشه بتلخيص مداولات الورشة ، ويعد توصيات تناقشها الورشة ، وتعتمدها ، لتقديمها لجهات الإختصاص ، ومتخذي القرار لأخذها بعين الإعتبار عند إتخاذ القرارات المناسبة . تُعتبر توصيات الورشة مُراكمة وتجميع لللمناسب من اراء وأفكار جميع المشاركين ، في ديمقراطية متناهية . لا توجد آلية أكثر ديمقراطية من آلية الورش لدراسة مسألة ما ، والتوافق الجماعي على تشخيصها ، وتقديم الدواء اللازم لعلاجها .
السيد الإمام موُلع بل مفتون بفكرة الورش ، وما إنفك يقترح عقد ورشة لدراسة أي مسألة لا يكون حولها توافق .
زار السيد الإمام أحدهم في منزله . قال :
شاي وإلا قهوة يا إمام ؟
قال :
اقترح نعمل ورشة للإختيار المناسب .
أصبح السيد الإمام ( الرجل الورشة ) ، وصار حزب الأمة ( الحزب الورشة ) . حتى هيئة شؤون الأنصار لم تسلم من حمى ( آلية الورش ) ، فتراها تعقد الورش شمالاً ويميناً ؟
حدثت خلافات بين حزب الأمة وتحالف قوي الإجماع الوطني حول مسائل بعضها جوهري واخرى شكلية . كعادته ، أقترح السيد الإمام لتجاوز الخلافات عقد ورشة لدراسة المسائل المُختلف حولها والتقدم بتوصيات لقادة التحالف وقادة حزب الأمة للتفاكر والتوافق حولها . وافق قادة التحالف بادئ الأمر ، ثم رجعوا ورفضوا فكرة الورشة لفيروس الشمولية المتأصل في جيناتهم ؛ وبالتالي لم يتم عقدها . ولا زالت الخلافات معلقة في الهواء مما أثر على فاعلية وفعالية التحالف ، الأمر الذي ربما أدى إلى ذهاب ريحه … بسبب ورشة ؟
وبعد … هل يمكن أن نوسم ( الرجل الورشة ) بالديكتاتور ، وهو الذي يجاهد للوصول إلى حلول توافقية ( ورشية ) في أي مسألة مهما صغر شأنها ؟
ربما جسد ( الرجل الورشة ) ديكتاتورية الديمقراطية ، التي تتجلى في ديمقراطية الورش ؟
السيد الإمام قائد تفاعلي ، من القادة الذين يسعون إلى حل المشكلات التى تواجه قومه من خلال التشاور مع الصحاب . وآلية الورشة خير برهان لتوكيد تفاعلية السيد الإمام مع قواعده وكوادره .
بل هو قائد ديمقراطى يُشرك من هم دونه فى صناعة القرارات ، لاسيما تلك التى تؤثر تأثيراً بالغاً على تواجد الجماعة ومصلحتها. ولا يقوم بهذا مُكرهاً ، إنما عن اقتناع بحق الآخرين فى تحديد المسارات وتقرير المصائر. حتى صار البعض يوسمه بالتردد ، وعدم إتخاذ القرار الناجز . فهو دوماً بين نارين :
+ نار ديكتاتورية الديمقراطية ،
+ ونار التوافق على قواسم دنيا مُشتركة ومُتفق عليها من الغالبية … مما يؤكد إستقامة صراطه .
وكل ذلك لا يمنع السيد الإمام من أن يكون القائد الكاريزمى بإمتياز . القائد المُلهم والشخصية الجذابة الآسرة ، والشخص المُهاب الذى تتدافع الجماهير نحو إجلاله.
القائد الضرورة … القائد الرمز !
يقول الزمخشري:
نصف رأيك مع أخيك ؛ فأستشره.
يقول السيد الإمام:
نصف رأيك عند أخيك أو أختك ؛ فأستشرهما .
ويتبع السيد الإمام القول بالفعل ؛ فيرسل مسودات خطبه ، ومقالاته ، وأوراقه العلمية لأصحابه ومعارفه للتعليق النقدي وإبداء الرأي . رغم إن بعض هؤلاء ممن لا يتعامل مع الفكر ؟ ولكن السيد الإمام لا يحتكر الحقيقة ، ويسعى وراءها حتى في الصين ، وعند العوام ؟ هذه هي ديكتاتورية الحقيقة ، ولن تجد لها تبديلاً ؟
قال :
المشورة عين الهداية، ورأيان خير من واحد.. وأول الحزم المشورة . ومن شاور كثر صوابه . في المشاورة خير كثير ، والرأي قبل شجاعة الشجعان . المشاورة تلاقح أفكار ، واجتماع عقول .
قال تعالى في الآية 38 في سورة الشورى :
( وأمرهم شورى بينهم ) .
وتكرر نفس الأمر الرباني في الآية 159 في سورة آل عمران :
( … وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ) .
ومن شاور الناس شاركهم في عقولهم!
أعلاه بعض المقولات التي يرددها ويُفعلها السيد الإمام ، فهل تفوح منها أي روائح ديكتاتورية ؟
يجسد السيد الإمام شعار ( مشاركة لا مغالبة ) ولا يتاجر به. يسعى السيد الإمام أن يحل الحوار محل المنازلة ، وأن تحل المجادلة بالتي هي أحسن محل المهاترات التي مفرداتها مثل القذائف الحارقة. الغريب في الموضوع قدرة معدة السيد الإمام على هضم هذه المفردات الحارقة ، من أمثال بيع الوطن والتسول ونشر أحاديث الإفك ؟
وبعد … إذا كان ( الرجل الورشة ) ديكتاتورياً ، فهي ديكتاتورية الديمقراطية ، ديكتاتورية الشورى ، ديكتاتورية الورش ؛ وأنعم بها من ديكتاتورية .
مثال آخر لتوضيح الصورة أكثر :
في مساء الثلاثاء, 16 أبريل 2013، خاطب السيد الإمام في دار حزب الأمة في أمدرمان اللقاء ( التشاوري ) للفعاليات الوطنية حول الوضع الراهن ، وقال نصاً :
ماذا بعد اليوم؟
( التشاور) مع كافة الأطراف. نحن بعد هذا الاجتماع نلتزم بأننا نواصل ( التشاور ) مع كافة الأطراف المعنية في السودان وخارج السودان بأمل الاتفاق على مشروع موحد سياسي … وبعد ذلك نطلق على هذا الشيء المقصود الاسم الذي نريد، أية تسمية تصف السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل ، بالصورة التي يُتفق عليها باعتبار أنها أسلم وسيلة للتعامل مع القضية الوطنية في هذه المرحلة.(
هل كلمة ( التشاور ) من مفردات الديكتاتور ؟
ترك السيد الإمام المشروع السياسي الموحد الذي يقترحه دون تسمية ، حتى لا يفرض خياراته على الآخرين . هل تفوح من هذا الكلام أي روائح ديكتاتورية ؟ أم هو عين الديمقراطية … بل هو ديكتاتورية الديمقراطية ، ديكتاتورية الشورى .
3 – الرجل الصورة ؟ صورة بألف كلمة ؟
يستقبل رئيس الجمهورية ، أي رئيس جمهورية ، الوفد الزائر ، وهو جالس على كرسي جلوس في واجهة ومنتصف قاعة الإستقبال . على يمينه يجلس الوفد الزائر ، وعلى شماله يجلس مساعدوه .
في قاعة إستقبال بيت الضيافة أو القصر الجمهوري في الخرطوم ، ترى على يمين الكرسي الذي يجلس عليه الرئيس البشير مباشرة أريكة من مقعدين ليجلس عليها رئيس الوفد الزائر لوحده ، تتبعها ارائك من ثلاثة مقاعد لكل أريكة ، ليجلس عليها بقية اعضاء الوفد . لا يجلس أي عضو وفد ( حتى نائب رئيس الوفد ) مع رئيس الوفد في الأرئكة ذات المقعدين ، حتى لا يضايق رئيس الوفد ، وكتكريم وتمييز لرئيس الوفد مُتبع بروتوكولياً في كل الدول .
هذا هو الإجراء المتبع بروتوكولياً في بيت الضيافة وفي القصر الجمهوري في الخرطوم ، وفي باقي القصور الجمهورية حول العالم .
عندما أستقبل الرئيس البشير السيد محمد الحسن أبن السيد محمدعثمان الميرغني في قصر الضيافة على رأس وفد من الحزب الإتحادي الديمقراطي ، جلس السيد محمد الحسن ، الأصغر سناً بين أعضاء الوفد ، لوحده في الأريكة ذات المقعدين ، حسب القاعدة والعُرف المُتبع بروتوكولياً لكل الوفود الزائرة .
لا تثريب عليه في ذلك ؟
ولكن لكل قاعدة إستثناء ؟
مساء الأربعاء 12 فبراير 2014 ، في بيت الضيافة ، إلتقى الرئيس البشير السيد الإمام على رأس وفد من زعماء حزب الأمة ، في إطار جلسات الحوار الوطني التي إبتدرها الرئيس البشير مع قادة الاحزاب والقوى السياسية السودانية.
رفض السيد الإمام أن يجلس لوحده في الأريكة ذات المقعدين بالقرب من الرئيس البشير ، حسب العرف المعمول به بروتوكولياً ، في كل العالم .
أجلس معه في الأريكة ذات المقعدين الدكتور الشيخ محجوب عضو الوفد ، رغم إنها تسع لشخصين بالكاد . يكره السيد الإمام التمييز المظهري ، فأعماله واقواله كفيلة بتمييزه ، وزيادة .
تفضل بالنظر للصورة أدناه !
هذه صورة بألف كلمة مكتوبة !
في مجتمع ( الفرجة ) الذي نعيشه ، تلعب الصورة دوراً مفتاحياً في تشكيل الرأي العام وتنويره ، دوراً أكبر بكثير من الكلمة المكتوبة أو المقرؤة .
والأهم إن السيد الإمام لا يشعر بأي غرابة في هذه
الصورة ، بل سوف يستغرب من ذكرها كشئ غريب يدعو للدهشة . وهنا تكمن عظمة الإنسان في السيد الإمام ؟
السيد الإمام يعيش التواضع ، والتواضع مدابر للديكتاتورية ، التي لا تُري ( بكسر الراء ) الآخرين إلا ما يرى الديكتاتور ؟
أمثلة لتوضيح الصورة .
نواصل مع ديكتاتوريات السيد الإمام …
/////////////
سودانايل أول صحيفة سودانية رقمية تصدر من الخرطوم