رحل عنا الباسم الرقيق: مصطفى ود القاضي

 


 

 

كحاله دوما فجعني تطبيق الواتساب اللعين بنبأ وفاة اخي صديق العمر مصطفى بابكر أبو شيبة (ود القاضي، إذ كان والده قاضيا شرعيا) ظهر اليوم الاثتين، 20 يونيو 2022، وانا بالقاهرة التي كنت استجديه للحضور اليها عسى أن نلتقي بعد آخر لقاء لنا في صيف 2012 بمسقط. فقد استضافني مصطفى، ومعي الصديق المشترك عابدين محمد زين العابدين، لأكثر من اسبوعين في منزله بالمدينة الجامعية لجامعة السلطان قابوس. ومع ذلك، لم ينقطع حبل التواصل بيننا ابدا منذ ذلك الوقت، نتبادل الآراء واستفسره عن بعض المعلومات، خاصة في مقال لي عن النرويج التي درس مصطفى بها في جامعة بيرغن لدرجة الماجستير في الأنثروبولجي وعلم الاجتماع.

كدت لا أصدق الخبر وقد كنت اتحدث معه أول أمس، بل وأرسل لي، كعادته، مقطع فيديو لبرنامج تلفزيوني قديم للبلابل وهن يصدحن ب الطيفة والنعسان، فهو يدرك ما يجمعني معهن من صداقة وعشرة قديمة. ولمن لا يعرف مصطفى فقد كان ملما بأغنيات الحقيبة وأغاني المطربين الكبار، وعلى رأسهم عبد الدافع عثمان الذى كان يتغنى ود القاضي برائعته مرت الأيام وفي الخيال أحلام كلما جمعتنا جلسة أنس!

كان مصطفى محاضرا بارعا التف طلابه حوله وأحبوه، وباحثا متميزا في مجال علمي الأنثروبولجي والاجتماع، ومشاركا في مسيرة تطور التدريس والبحوث خارج السودان. فقد كان نشطا ومساهما في تأسيس منظمة العلوم الاجتماعية لجنوب وشرق أفريقيا OSSREA، ومقرها جامعة أديس أبابا، والتي أيضا عمل فيها مصطفى محاضرا في قسم علم الاجتماع وفق برنامج التبادل الأكاديمي مع جامعة الخرطوم.

كان مصطفى ودودا بشوشا له قلب كبير، الابتسامة شعار لا يفارق وجهه، خفيف الظل صاحب التعليقات الساخرة والمداخلات الذكية، لا تخلو حكاياته من النكات والقفشات. علاقتي العتيقة معه امتدت إذ عرفت ود القاضي باولاد اهلي وأصدقاء الحي وكنا نلتقي دوما في مساء نهاية الاسبوع، ونذهب نحن من الخرطوم 3 إلى مدينة النيل، من حين لحين، وكنا نعدها رحلة خلوية قد يقضي البعض منا الليلة معه، ويتناول مع اسرته فطور الجمعة. ما أن سمع هؤلاء بالخبر اليوم حتى تلقيت منهم العزاء، سواء في السودان أو خارجه.

كل هذا غيض من فيض في ذكرى صديق العمر مصطفى ود القاضي، رحمه الله واسكنه فسيح جناته والدوام لله والبقاء له وحده وهذا حال الدنيا.

البركة في أسرته الصغيرة وفي رفيقة دربه إلهام السباعي وبناته واولاده، وشقيقاته واشقاءه، وفي الأسرة الممتدة وجميع الأهل. العزاء موصول لزملاء وأصدقاء وطلاب مصطفى في جامعة الخرطوم، مركز الدراسات والبحوث الانمائية، وجامعة بيرغن، وجامعة السلطان قابوس، وفي الجالية السودان بمسقط، ولقبيلة علماء الاجتماع في جنوب وشرق أفريقيا.

عزاء خاص لمن زامل مصطفى في بيرغن وفي جامعة هل بانجلترا: عبد الغفار محمد احمد، شريف حرير، صلاح الدين الشاذلي، علي التجاني الماحي، قونار سوربو، لايف مانجر، ومحمد يوسف أحمد المصطفى.

رحل عنا الباسم الرقيق مصطفى ود القاضي، الدوام لله والبقاء له وحده وهذا هو حال الدنيا.

الواثق كمير
القاهرة، 20 يونيو 2022

 

آراء