رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير

 


 

 


خواطر رمضانية

رمضان كريم، رمضان شهر التوبة والغفران، رمضان هذا الشهر الفضيل، رمضان شهر الصوم ومراقبة النفس. فيه تعمر المساجد وتتواصل فيه الحسنات وتتوالى فيه البركات وتتضاعف فيه اجور وثواب حسنات أعمال الخير فردية أم جماعية، فيه تتقارب المسافات بين العباد ورب العباد وتتكاتف الأيادي وتحن فيه النفوس الى العبادة وترق الى مشاركة المحرومين وتلين القلوب القاسية على الفقراء والمستضعفين في الأرض من المسلمين، فالحمد لله الذي أهدى لنا هذا الشهر الفضيل لنغسل فيه نفوسنا من الاحقاد والضغائن ونطهر قلوبنا من دنس الشرك والنفاق فيقوى الايمان واليقين ونتمسك بحبل الله المتين.


هذا ثاني رمضان لي في السودان منذ خمسة وثلاثين عاما. وكان العام الماضي اول رمضان لي ولاسرتي في السودان بعد تلك الاعوام الطويلة، وقد كنا متخوفين من اشياء كثيرة منها ارتفاع درجات الحرارة والحر الشديد وانقطاع التيار الكهربائي الا ان الخوف زال والتجربة مرت بسلام حيث لطف الله بالعباد وارسل رحمته التي عمت البلاد من امطار واجواء صديقة، اذ اتسم الجو بالاعتدال بعد الامطار والأجواء الخريفية التي سادت خلال ايام الشهر الفضيل، والحمد لله تم الصيام دون معاناة بعد أن كاد الخوف أن يعكر علينا صفو صيام الشهر المبارك، كما ان الكهرباء قد كفت عن الانقطاع المتواصل الا في اوقات محدودة ساعة هطول المطر او اشتداد هبوب الرياح خوفا من حدوث بعض المأسي التي قد تكون متوقعة في ظل تلك الظروف المناخية الممطرة والقاسية. فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والذي هو دائما لطيف بالعباد، ونسأله هذا العام ان يسبغ علينا لطفه وينشر علينا رحمته بأن يوفقنا في صيام وقيام هذا الشهر على اكمل وجه.


وفي ما مضى من سنين خلت قبل ذلك كنت احتفي مع عائلتي بقدوم وقضاء ايام الشهر المبارك في المملكة العربية السعودية. وقد شهدت صيام الشهر أو أيام منه في بعض الدول العربية منها مصر وليبيا كما شهدته في مالطا. ولكل طعمه وطقوسه، ففي مصر يحتفون بالشهر باسلوب خاص تمتد فيه الافراح من مأذن المساجد الى طرقات الحارات الشعبية وتزدان فيه بأقواس ورايات ولافتات ترحب بمقدم الشهر الفضيل، ويرقص الاطفال طربا وهم يرددون الاناشيد والاهازيج الشعبية حاملين (فوانيس) رمضان الشهيرة:

هاتوا الفوانيس يا أولاد ....هاتوا الفوانيس
حا نزف عريس ياأولاد .... حا نزف عريس....   

وغير ذلك مما ينشد في استقبال الشهر ووداعه.

ولعل مصر من أكثر البلاد العربية التي يجد فيها الشهر الفضيل حظا وافرا من الاستقبال والعناية الشعبية الخاصة وهذا امر لا يخفى على أي زائر أو مقيم في أي من المدن أو الارياف المصرية، هذا فضلا عن البرامج التلفزيونية والاذاعية المخصصة لهذا الشهر من (فوازير) وغيرها من المسلسلات الدينية والاجتماعية التي تنتظم ايام هذا الشهر الفضيل.
 
اما الصيام في مالطا فيأخذ منحى آخر، حيث نسبة المالطيين المسلمين لا تذكر ولا يوجد في مالطا سوى مسجد واحد وهو تابع للمركز الاسلامي الذي شيده العقيد الراحل معمر القذافي والذي له فضل ادخال اللغة العربية في المنهج الدراسي المالطي ابان حكم الراحل الرئيس المالطي دوم منتوف. ومن المعروف تاريخيا أن العرب قد احتلوا جزيرة مالطا واقاموا فيها حكمهم الذي استمر اكثر من قرنين من الزمان، الا أن (الصليبيين) قد ازالوا أي اثر اسلامي من على ارض الجزيرة، ولكنهم لم يستطيعوا أن ينتزعوا الثقافة العربية من اللسان المالطي أذ تشكل العربية حوالى ثمانين بالمائة من اللغة المالطية الرسمية التي يتحدث بها المالطيون اليوم. وقد كان الصائمون على ارض الجزيرة هم فقط ابناء وبنات الجاليات الاسلامية المقيمة على ارضها الذين يتنادون كل جمعة ويسعون الى اداء صلاة الجمعة في مسجد المركز الاسلامي الوحيد.

نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعل رمضان هذا العام بردا وسلاما على المسلمين قاطبة في ارجاء المعمورة وبخاصة أهل السودان الذين يعانون من شدة الحر هذا العام علاوة على الشدة الاقتصادية التي اضحت ملا زمة على اجواء السودان وحسب توقعات المختصين بالاجواء الاقتصادية فان الزوابع الدولارية وعدم الاستقرار وتذبذب الوضع سيؤدي الى ارتفاع مصاحب لشهر رمضان في جميع اسعار السلع الرمضانية، نسال الله ان يلطف بالعباد، ومرة اخرى رمضان كريم.
ونوجه رسالة قصيرة للتجار الجشعين ونحسب انهم قلة، الا ترفعوا اسعار السلع الرمضانية طمعا في رضا الله الذي سيبارك لكم في قليل ربحكم، ولكن سيمحق كل ربح فاحش تجاوزتم فيه الحدود وقصدتم منه الغنى على حساب المستضعفين والفقراء والمعوزين، فان الله سيتلفه ويهلكه ويفقركم. ونقول لهم خافوا الله في بني جلدتكم وأهلكم وكونوا من التجار الصالحين الذين يكون همهم الربح القليل والأجر العظيم، والله لا يضيع اجر من أحسن عملا.


aliahmayd@yahoo.com

 

آراء