زمان شن قلنا يا أهلنا 

 


 

كمال الهدي
11 August, 2021

 

تأمُلات

. لاحظت بالأمس أن بعضاً من عتاة مناصري رئيس وزراء حكومة الثورة (ظالماً أو مظلوماً) عبروا عن امتعاضهم من التعامل الناعم مع تصرف مدير الشركة السودانية للمعادن مبارك أردول.


. وبينهم من ذهب لأبعد من حالة الامتعاض بالقول أن العبور بهذه الطريقة سيكون أمراً بالغ الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً.


. ومثل هذه المواقف تعيدني للأشهر، بل الأسابيع الأولى من تشكيل دكتور حمدوك لحكومته الأولى.


. فوقتذاك وحين كنا ننتقده هو وبعض وزرائه، خاصة وزير الإعلام فيصل محمد صالح على تعاملهم الناعم الذي لا يشبه الثورات في شيء، ظللنا نواجه ضغطاً من أقرب الأقربين الذين رأَوا دائماً أن الوقت لا يزال مبكراً، وأن كل شيء سوف يمضي كما نرغب ونشتهي وليس علينا سوى أن (نلوك الصبر) ولا نتعجل النتائج.


. وبمرور الأسابيع ومع التداول الكثيف لعبارات دكتور حمدوك المنمقة،  والحديث عن المبادرات والقروض والإعفاء من الديون، والعشم الكبير في الخير الوفير المتوقع من التطبيع، ظللت أؤكد في هذه الزاوية وكتب غيري كثيرون أن أزمتنا الاقتصادية لن تُحل إلا بحسم الكثير من الملفات الداخلية.


. وقلنا أن الآخرين لو منحونا ملايين الدولارات كل يوم فمن المستحيل أن ينصلح حالنا ما لم ننضبط داخلياً ونحسم المفسدين ونحاسب اللصوص ونسترد حقوقنا منهم كاملة.


. وها أنتم قد رأيتم كيف تعاملت الحكومة مع تصرف أردول.


. فقد استدعاه حمدوك ووبخه وقال له ما معناه لا تكرر فعلاً مثل هذا، وكأن الرجل يخاطب أحد أبنائه الصغار إثر وقوعه في خطأ ما.


. و لو كان حمدوك مؤسساً بحق ورجل دولة متفرد كما يردد بعضنا لما احتاج أصلاً لاستدعاء أردول أو غيره، لأن رجال الدولة الحقيقيين لا ينتظرون وقوع البلاء لكي يفكروا لاحقاً في كيفية رفعه والتعامل معه.


. بعد هذه الفترة الطويلة كان من المفترض أن تكون حكومة الثورة قد وضعت ضوابط الحُكم الرشيد وعرفت كيف تسد الطريق على كل المتلاعبين من خلال انفاذ النظم والقوانين التي تُدار بها الدول.


. فالقصة ما قصة كشك ليمون يديره مواطن بسيط تتطور الأمور وتتبلور الأفكار عنده ساعة بعد ساعة.


. لمثل هذا ظللنا ننتقد لأن كل المؤشرات التي ظهرت لنا لم تعكس لا أن رئيس الحكومة يهتدي ببرنامج واضح لإدارة سودان ما بعد الثورة.


. والآن لا نكتب مثل هذا الكلام لكي يصفق لنا البعض ويقولوا " أصابت توقعاتكم"، لكننا نذكر ونعيد لأن مواقف أغلبيتنا لا تزال على حالها.


. ففي كل مرة نكتشف خطأ تقدير موقف ما وكيف أننا أذعنا للعواطف وتجاهلنا المؤشرات السالبة، لكننا نعود لاتخاذ ذات الموقف العاطفي تجاه قضية أخرى.


. وبهذه الطريقة تدور الساقية دون مراجعات جادة لمواقفنا حتى يأتي يوم لن ينفعنا فيه الندم.


. تجاهل المؤشرات وتوقع نتائج جيدة من ذات المعطيات القديمة أكبر مصيبة نعانيها في هذا السودان.


. موقف الحكومة من تصرف أردول ليس هيناً، ولن يتوقف على شخصه أَو على هذه الحادثة فقط، بل سيفتح أبواباً أوسع لفساد بلا سقوف طالما أن مبدأ المحاسبة غائب والضوابط منعدمة.


. ويكفي أن مناوي الذي رفض الأموال التي جمعها أردول استعاض عنها بأموال أُخرى جُمعت من رجال أعمال دارفور حسب قوله.


. فهل جئنا بدكتور حمدوك لكي يبني لنا بلداً بالعون الذاتي أم ماذا!!


. وماذا عن المليارات التي نهبها عوض الجاز وبقية أفراد العصابة  ألا تكفي تلك الأموال لحل معظم مشاكلنا!!


. وماذا عن شركات الجيش وغيرها من أموال هذا الشعب المسروقة!


. وهل سألت نفسك عزيزي الثائر السؤال الهام: ماذا لو لم ينتبه الإعلام لحادثة أردول هذه ويكتب عنها!!


. هل كان من الممكن أن يفعل حمدوك تجاهها شيئاً لو لم يتداولها الإعلام!


. شخصياً لا أتوقع ذلك لأنه حتى بعد هذا التداول الإعلامي والرفض الكثيف لم يقو على شيء أكثر من توبيخ أردول.


. الأوطان لا تُبنى بحسن النوايا والرغبات والعواطف.


. وفي المقال القادم أحدثكم بإذن الله عن أمر يخص نادي الهلال، لكنه لا يخرج عن ذات سياق اليوم.


kamalalhidai@hotmail.com

 

آراء