صفعة “الإثنين” .. بقلم: منى عبد الفتاح

كيف لا

 

moaney [moaney15@yahoo.com]

  محال أن يكون هذا السودان بأربع جهات فقط :شرق وغرب ، جنوب وشمال ، فلا بد أن هناك جهة غير معلومة لم تثبتها الجغرافيا بعد ،كبقعة ملعونة  أو كجزيرة "غوري" تأتي منها ضربات الشيطان تحدث وصمة العار على جبين البشرية ،أو منطقة خفية طُمرت وآلت إلى ما آلت إليه "أطلانطيس".ومحال أن يفر ذهنك  أيها السوداني الأبيّ إلى غير التفكير  في أزمات التحول الديمقراطي كما لا يمكنك أن تفر من التفكير  في  الغلاء وفتاوى علماء الداخل والخارج التي ما تركت قضية إلا وأفتت فيها غير هيّابة ولا مبالية إن كان مالك في المدينة أم لا.

 هناك عقل في الجنون كما قال شكسبير . عقل يصدّعك بأن تكف عن التفكير ، أو أن تكفّ عن الأمل بأن السودان ماضٍ إلى خير ، هذا لو كنت مواطناً عادياً.وعقل يمسك بيدك على ألا تكتب حرفاً أو تقول كلمة إذا كنت مهتماً  بمناقشة قضايا البلد مع بقية أبنائه الآخرين . وعقل يقول لك لو كنت سياسياً وبطرف يدك قبضة من الحكم وجاه السلطان فحدّث بلسان مبين ونفّذ غير ما تقول بيد خفية .

محال أن يحدث كل هذا في بلد ليس فيه سوى أربع جهات فقط كما تقول الجغرافيا . بلد نأمل أن يكون لنا فيه كل شيء ثم لا نجد شيئاً غير ثمن الريح  التي لم نقبض منه غير هذه التي تثير بعض الغبار لتدفع بعملية التحول الديمقراطي المأمول، وعوضاً عن ذلك لا تفعل هذه الريح غير أن تنقل الغبار من بقعة إلى أخرى غير مباركة .ألم أقل لكم إنه حظ الشقي.

 كدنا نصدق أن هذا البلد ذو الأكثر من أربع جهات تتحول تدريجياً إلى الديمقراطية ، فعزمنا على ممارسة حقنا فيه ودوّنا أسماءنا للمرة الأولى – منذ صرخة الميلاد-  في السجل الانتخابي ، حتى جاءت صفعة الإثنين لتدمي بلا رحمة تجاويف هذا الكائن المأمول "التحول الديمقراطي" ، وليتفرق بعدها من هتفوا بالحرية والديمقراطية سائرين فوق أشواك الخوف لا يروا غير النهايات التعيسة التي تراءت أمامهم ، تكمن بداخلها صور شهداء الحريات على مر العقود .

  عندما بدأت عملية التحول الديمقراطي تنمو من داخل رحم المجتمع ، قطعت السلطة سير هذا النمو ومنعت عنه أكسجين الحرية الواصل مع حبله السري وهو لم يزل بعد معصوب القلب والعينين. ما رُوي وأثبت في أكثر من مصدر يقول أن اللواء منفذ قمع التظاهرة السلمية ، قام بتنفيذ القانون على طريقته الخاصة.وبالرغم من أن هذا الحديث أريد به أن يرفع اللوم عن السلطة بتصديها للمظاهرة ، إلا أنه يدين الحكومة أكثر مما يرفع عنها اللوم . يدينها حينما نرى أجهزة الدولة تتقلص على كثرتها وسعتها ، وحينما تصبح واجهتها ومنفذة قوانينها هي شرطتها.ما قيل هو أن منفذ القمع قام بشخصنة القضية لأنه كان يثأر لكرامته لأن قيادات سياسية تقدمت المظاهرة السلمية رفضت الخضوع لتعليماته، فاعتقل عدد من قيادات الحركة الشعبية لتحرير السودان وعدد من قيادات القوى السياسية الأخرى . فإذا ثأر لكرامته فمن يا ترى يثأر لكرامة شعب أو كرامة من قُمعوا. وإذا كذب المشهد فالسلطة الحاكمة في مأزق كموج من حميم.

تحولنا الديمقراطي يمشي بساق مبتورة في هذا البلد ذو الأكثر من أربع جهات ، شرقه صفقات تحت الهجير ، وفي غربه عرق الجلادين ما زال يتصبب على ظهور المهمشين هناك ، والشمال يدخل معركة حاسمة أو خاسرة ، أما الجنوب فيخرج من جراحاته ليعود إلى جراح أخرى يمسك أسنة أقلامها المسمومة الكتبة العنصريون . ومن البقعة غير المعلومة تأتي أرواح منهكة تسعى من منفى إلى منفى  ، فهل بقي في هذا البلد موقع قدم أو شيء يستحق أن يُرى.

عن صحيفة "الأحداث"

عن منى عبد الفتاح

Avatar

شاهد أيضاً

الصحفي أمين حسن عمر وصويحبات يُوسف .. بقلم: منى عبد الفتاح

اترك تعليقاً