صندوق الطماطم والحرب المقدسة!

 


 

 




تحت ضغط حملات الكراهية الموجهة ضد المسلمين في الغرب خصوصاً بعد هجمات 11 سبتمبر ، أطلقت مجموعة أمريكية مسلمة حملة في ديسمبر2012 في مدينة شيكاغو تحت شعار "جهادي" لنفي تهمة الإرهاب عن الاسلام والمسلمين وتوضيح معنى "الجهاد" في الإسلام وعدم ارتباطه بالعنف ضد الأبرياء أو التفجيرات الانتحارية ، وقد جاءت هذه الحملة كرد على حملة نظمتها مجموعة أمريكية متصهينة مساندة لإسرائيل ناشدت الامريكيين "بدعم إسرائيل والحاق الهزيمة بالجهاد" الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً حول مبدأ حرية الرأي وجريمة نشر الكراهية ضد المسلمين عبر حملات عنصرية.
من المعلوم أن مفهوم الجهاد في الاسلام يعني الجهاد الأكبر أي جهاد النفس والجهاد الأصغر ويشمل عدة مجاهدات وهي الجهاد بالمال والجهاد باليد والجهاد باللسان والجهاد بالقلب ثم الجهاد بالنفس أي مقاتلة المشركين ويشمل جهاد الدفع وهو القتال عند غزو المشركين لبلاد المسلمين وجهاد الطلب وينشأ عند غزو المسلمين لبلاد المشركين المحاربين للمسلمين حيث تُعتمد خيارات ثلاث هي الدخول في الاسلام أو دفع الجزية أو القتال ، ومن المؤكد أن جهاد الدفع يحمل نفس المفهوم القانوني الحديث لحق الدفاع الشرعي ، أما جهاد الطلب فقد توقف بعد هزيمة العثمانيين المسلمين في أوربا وانتهاء حكم العرب في أسبانيا، وبالتالي فليس على أي مسلم في أي مكان في العالم أن يقدم كشف حساب إسلامي يثبت برائته من الإرهاب، قد يقول بعض الغربيين إن هجمات 11 سبتمبر الإرهابية على مدينة نيويورك الأمريكية، والتي راح ضحيتها 3,000 شخص، قد شوهت صورة الإسلام والمسلمين لدى الغربيين ، لكن على الغربيين أن يتذكروا أن حرب الثلاثين والحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية هي حروب غربية غربية وأن ضحاياها كانوا أكثر من مئة مليون إنسان ناهيك عن حروب المستعمرين الغربيين عند احتلالهم للعالم الاسلامي بما في ذلك فلسطين والتي راح ضحيتها في الجزائر وحدها أكثر من مليون شهيد وبالتالي فإن الغربيين هم الأولى بتبرئة أنفسهم من تهمة الإرهاب لا المسلمين!
من المعروف أن الغربيين حينما يبحثون عن معنى كلمة "جهاد" في معاجمهم يجدون ترجمتها "الحرب المقدسة" وهي ترجمة مغلوطة تماماً ، لأن الحرب المقدسة هي حرب دينية مدمرة نشبت بين الكاثوليك والبروتستانت في أوربا ولا شأن لها بالاسلام والمسلمين ، ولاشك أن أخطاء الترجمة عند الغربيين والشرقيين قد تخلق قدراً كبيراً من عدم الفهم أو سوء الفهم أو سوء التفاهم بينهم ولعل هذا الخطأ الغربي الشائع يذكرني بخطأ شرقي عجيب وقع فيه صحفي عربي عندما قام بنشر تقرير مترجم من الإنجليزية إلى العربية في صحيفة عربية وأورد في مقاله ما يفيد "إن التحقيق في هذا الاتهام سيفتح صندوق طماطم"! والشاهد أن ذلك الصحفي قد قام بترجمة مصطلح Bandora’s box ترجمة حرفية أي صندوق بندورة أو صندوق طماطم ، مع العلم أن مصطلح Bandora’s box مأخوذ من الأساطير الوثنية اليونانية ويعني عند الغربيين إمرأة تدعى بندورا أرسلها الإله زيوس عقاباً للجنس البشري ، بعد سرقة بروميثيوس لنار المعرفة المقدسة ، وأعطاها علبة ما إن فتحتها بدافع الفضول حتى إنطلقت منها جميع الشرور وعمت كل البشر! ومثلما أن التحقيق في الاتهامات لا علاقة له بصناديق الطماطم ، فإن الجهاد عند المسلمين لا علاقة له بالحرب المقدسة ، وإلى حين فض الاشتباك بين الإثنين ، سيظل عدم الفهم أو سوء الفهم أو سوء التفاهم هو أكبر مشكلة عند الغربيين!
sara abdulla [fsuliman1@gmail.com]
//////////

 

آراء