ظاهرة التطرف الديني وسط الشباب وغياب الوعي اﻻسري

 


 

 


لم يعرف السودان عبر تاريخه الحديث منذ تكونت الدولة السودانية بحدودها الحالية وقبل انفصال الجنوب ظاهرة التطرف اﻻ لماما وفي نطاق محدود وعفوي لم يكن ممنهج وقد لعبت الطرق الصوفية دورا محوريا في ترسيخ مفهوم اﻻسﻻم الوسطي في السودان لما كان لتلك الطرق من دور في نشر الدعوة بعيدا عن منابر السياسة وتمثل ذلك في تعدد اعراق ومعتقدات من ينتمون لتلك الطرق كل يمارس طقوسه باسلوبه الذي يراه ولم تحدث اي احتكاكات بين تلك الطرق خﻻل مناسبات المولد النبوي الشريف اوغيره من المناسبات الدينية  ويعزى ذلك لعدم وجود اي انتماءات سياسية بل يوجد في الطريقة الصوفية الواحدة من يتعاطفون مع عدة احزاب ومنابر سياسية دون ان يفسد ذلك للود قضية وبدخول حركة اﻻسﻻم السياسي للسودان في مطلع اربعينيات القرن الماضي تغير الوضع وبدا التطرف ياخذ طريقه في نهج الدعوة للفكر الجديد ومحاولة دك حصون الطرق الصوفية التي يرى فيها اﻻسﻻميون العقبة اﻻولي في طريق نشر فكرهم والذي ينظر ويعتبر اتباع تلك الطرق صنوا للكفار ومايقومون به من طقوس من اعمال الجاهلية كما سماها سيد قطب (جاهلية القرن العشرين )غير ان الوضع قد تغير اليوم حيث اصبحت الحركة اﻻسﻻمية تستنجد بالطرق الصوفية لمساندتها فضﻻ عن انحراف تلك الطرف بدخولها معركة السياسة  واخذت حركة اﻻخوان المسلمين المنحدرة من افكار حسن البنا وسيد قطب تتستر تحت عباءة الدعوة ﻻستقطاب الشباب من خﻻل تلك الشعارات البراقة التي تبهر الشباب خاصة اؤلئك الذين يميلون للتدين خاصة ابناء اﻻرياف وكانت المدارس الثانوية انذاك في مطلع ستينيات القرن الماضي مرتعا خصبا ﻻستقطاب ذاك الشباب المتحمس للتزود بالمعرفة واﻻفكار الجديدة من منطلق التثقيف والتزود بالعلم خاصة وهو حديث عهد بالمرحلة الثانوية ولم تتح له الفرص من قبل في المرحلة المتوسطة اﻻ قراءة ماندر من كتب اﻻدب والقصص من شاكلة كتب المنفلوطي وطه حسين والعقاد ونجيب محفوظ وغيرهم ووجد البعض بعد اﻻستقطاب ضالته في قراءة كتب سيد قطب من امثال (معالم في الطريق) وفي ظﻻل القرءان خاصة وقد تميز اسلوب سيد قطب بالنهج اﻻدبي الرصين المدبج بالمحسنات البديعية واﻻسلوب الشاعري المنمق وقد استطاعت تلك الكتب وغيرها من مؤلفات اﻻخوان ان تستقطب اعداد كبيرة من الشباب لفكر اﻻخوان خاصة في تلك السن من العمر التي تكون فيها قدرات الشاب محدودة وﻻتمكنه من تمحيص تلك اﻻفكار لسبر غورها لمعرفة مدى منطقيتها وبجانب ذلك كانت هناك اساليب واغراءات اخرى مقنعة جعلت الكثيرين ينخرطون في فكر اﻻخوان وحيث ان مرحلة اﻻستقطاب (التجنيد) تتبعها مرحلة التحكم وكبح الجماح من خﻻل التنظيم الهيكلي للجماعة والمجموعات والخﻻيا وتبعاتها من امراء ورؤساء في نطاق الطاعة التامة والسيطرة المحكمة واﻻنصياع للتعليمات وعدم الخروج عنها مهما كانت اﻻسباب ولعل تلك القبضة تفسر لنا ما لمسناه من اسلوب التفكير الجماعي والدفاع عن مايعتقدونه حتى وان كان خطا وتبرير افعال منسوبيهم والسكوت عن الباطل وهم يدركون ذاك وﻻ يرجعون الى النهج الطبيعي اﻻ بعد مفارقة الجماعة ومثال لذلك مانسمعه من بعض من خرجوا من الجماعة عن معارضتهم للانقﻻب بعد ماسكتوا عنه ربع قرن اوقول احدهم بانهم لن يخوضوا الحرب لتطبيق الشريعة وكثير من اﻻراء الجريئة التي ﻻ يستطيع احدهم قولها اﻻ بعد مفارقة التنظيم وهذا يدحض حديثهم عن الشورى ويناقض حججهم عن تطبيق مبادئ اﻻسﻻم التي جاءت في الكتاب والسنة وممارسات السلف الصالح ومن الغرائب ان معظم من تركوا التنظبم واصبحوا يهاجمونه في افعاله لم يتطرقوا ﻻي نقد لتلك اﻻفكار التي من المفترض ان يكونوا في مرحلة من النضوج الفكري والعمري الذي يمكنهم من ادراك حقيقة تلك اﻻفكار التي وضعها حسن البنا وبلورها سيد قطب والتي تهدف في المقام اﻻول الى قيام دولة الخﻻفة وﻻتعترف بالديمقراطية اﻻ كوسيلة توصلهم للحكم وﻻتعترف بالوطن الجغرافي الذي يضم غير المسلمين _والسؤال الذي يطرح نفسه لكل اﻻسﻻميين الذين مازالوا في التنظيم والذين خرجوا هل مازالوا يؤمنون بتلك اﻻفكار ويعتقدون في امكانية تطبيقها فاذا كانت اﻻجابة بنعم اذن المشكلة محلولة فما عليكم اﻻ البحث عن وطن غير السودان لتقيموا عليه دولة الخﻻفة وتتركوا السودان لبقية المواطنين ليقيموا عليه دولة الوطن التي تضم كل اﻻعراق والعقائد ونعود فيها لشريعتنا السمحاء المطبقة اصﻻ قبل مجي اﻻنقاذ وكانت حصيلتها التسامح والقوامة والعدل والتكافل والتراحم واﻻمن واﻻمان والصدق واﻻمانة والعفة وصلة اﻻرحام  والصدقة والزكاة والصوم والصﻻة والحج لمن استطاع اليه سبيﻻ لنعيش في سﻻم وننبذ الفتن والحروب ونشيع العدالة  بيننا وننبذ الجهوية والعنصرية وياخذ كل ذي حق حقه من هذا الوطن بقدر ماقدم من عطاء وادى من واجب  واذا عدتم الى صوابكم وادركتم خطورة تلك اﻻفكار على الوطن كما يحدث حولنا من حروب وتمزيق للاوطان واعترفتم بفشل التجربة عندنا وعند غيرنا في دول الجوار  فذاك عين العقل والتائب من الذنب كمن ﻻذنب له والرجوع للحق فضيلة وحمى الله السودان من الفتن ماظهر منها وما بطن والله من وراء القصد
sidahmedalkhidirosman@yahoo.com

 

آراء