عذراً الشعب السوداني لغيابي من حصة الوطن

 


 

فاطمة غزالي
31 December, 2018

 

 

تظاهرة تجمع المهنيين السودانيين اليوم لا شك أنها تسعى إلى ترتيب خطوات الثورة الشعبية السودانية، ترتيباً بحجم الأحداث الجارية في الشارع السوداني الذي قهر شتاء التردد الكئيب من أجل الانتقال إلى دفء الكرامة والحرية باسقاط نظام الاستبداد . لا شك في أن الثورة السودانية التي انتظمت البلاد في التاسع عشر من ديسمبر الجاري ستكون سيف الحق الذي يهزم الباطل ويعيد للشعب السوداني كرامته، فتضحيات الشهداء هي الشعاع الذي يضئ ليل الظلم، فليس هناك أغلى من دماء شهداؤنا الذين سطروا بالدماء أروع البطولات في التضحية لرسم طريق جديد لحياة مزدانة بالعزة والعيش الكريم والعدل والسلام. 

عذراً الشعب السوداني البطل الصامد بين في أرض الوطن، لا نملك حق أن ننادي بخروجكم لمواجهة النظام ونحن آمنين في مهاجرنا، ولكن نملك حق المساندة وإرسال أصواتكم إلى إلى العالم.. فمن حقكم علينا أن نقدم كل ما يمكن أن يدعم ثورتكم العظيمة . حقاً أعزي نفسي، وأعزي كل المناضلين والمناضلات في المهاجر في عجزنا من أن نكون قاسماً مشتركاً في دالة ثورتكم المجيدة. عذراً عزا اللقاء حضرتم أيها الثوار لم تجدونني بينكم في الطرقات والأزقة المختنقة بدخان الغاز المسيل للدموع كما كان الحال في سبتمبر 2013. وأسفاي لم تجدوني بين أصوات الرصاص وقطرات دماء الشهداء وأنين الجرحى. أصوات الحناجر التي تملأ الدنيا ضجيجاً يزلزل عرش الطغاة. كم اشتاق إلى رفيقاتي ورفقائي كانت أيدينا تتشابك حتى لا نفترق في زحمة الجموع الغفيرة من المتظاهرين والمتظاهرات في سبتمبر.كانت دموعنا تتدفق من حرقة (البمبان) ، نضع الخل على وجوهنا كيما نستعيد قدرتنا على الهتاف بعد كل نوبة من نوبات الاختناق، كنا نقهق حينما نفلت من كمين نصبته القوات الأمنية .. كنا سعداء لأننا نريد إسقاط النظام، كنا فرحين بالكر والفر ومليشيات النظام تطاردنا بين الشوارع الرئيسية والفرعية. التحية لكل من نال شرف المشاركة في ثورة ديسمبر، وذاته محصنة بالعزيمة وقلوبه مكتنزة بالأمل بتحقيق حلم إسقاط النظام الذي أصبح قاب قوسين أو أدني.
الشعب السوداني البطل لك العتبى حتى ترضى لغيابي من حصة الوطن. أيها الشرفاء أنتم تحترقون برصاص النظام الجائر الفاسد، ونحن نحترق بالحسرة على أننا لم نكن فاعلين أساسيين في هذا الحراك الثوري . أعتذر عن جبني.. كثيراً ما أنظر في مرآة المهجر الكبيرة، أرى ملامح وجي حزينة ، مدتثرة بالكآبة ، وأشعر أني غريبة على نفسي، فلا أملك سوى البكاء حد النحيب. قطعاً معلم الوطنية سيعلن (رسوبي) في مادة الوطن. عذراً وطني العزيز، غيابي كان قسراً فحقيبة الصغيرة تشكو الإفلاس من أوراقي الثبوتية فجواز سفري رهنته من البحث على الحرية. يا ليتني أقوى على هزمة تلك الحدود السياسية ، ويا ليت العالم كان قرية واحدة كما يزعمون كي أركد إليك وطني وأهتف مع أهلي في ميادينك التي احتضنت خيرا شعب أخُرج للناس في رحلة البحث عن الكرامة و الحرية. لسان حالي يقول( إلى عطبرة خذوني إلى القضارف، الدمازين، إلى سنار خذوني، إلى الرهد إلى أم روابة إلى الأبيض والفولة خذوني، إلى مدني ، الكالمين، ود الحداد،خذوني ، إلى حلفا، إلى أمنا الخرطوم خذوني كيما أمارس فعل الثورة، لأني أعلم أن حضن الوطن يضمنا مهما هجرناه
بين وبينكم مسافات شاسعة أيها الثوار الشرفاء وقلبي مذبوح بالحزن يتقطر دماً كلما أخترقت الطلقة جسداً طاهرا في موكب الخلاص، وكلما تدفقت دموع أمهات الشهداء. روحي تشكو من الإنكسار حينما تُسمعنا وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات العالمية أصوات الأبطال في في الشوارع يهتفون (حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب).أخجل من غيابي فخسرت درجاتي في الواجب المدرسي لحصة الوطن فكان ترتيبي الأخير.
الشرفاء في المهجر الذين شردهم نظام الإنقاذ تظهر في ملامحهم خلاصة الأمل في غدا مشرق كلما هتف الأطفال الصغار مرددين( حرية ..حرية ..حرية. الشعب يريد إسقاط النظام) ،يفرحون لوعي هؤلاء الأطفال بمعنى الحرية قبل أن يطول باع أعمارهم . ويصدق فيهم قول الشاعر محمد بن الحسن بن موسى(فإنْ تـكُ سنّي ما تطــــــاول باعها فـلي مـــن وراء المجـدِ قلبٌ مُــدرَّبُ).


gazali2008@hotmail.com
////////////////////////

 

آراء