غيبة القانون.. أم غيبة العقل؟ بقلم: مصطفى عبد العزيز البطل

 


 

 

غربا باتجاه الشرق

 

mustafabatal@msn.com

 

  

(1)

 لا أعرف على وجه الدقة معنى اللفظة المصرية العامية "دُحديرة"، ولكنني استنتجت استنتاجاً أن الدحديرة لا بد أن تكون شكلاً من أشكال الحُفر أو المطبات الأرضية. والمثل المصري يقول في وصف الإنسان الخائب، كثير العثرات: (يقوم من حفرة يقع في دحديرة). تبادر ذلك المثل العامي إلى ذهني أول ما تبادر وأنا أشاهد للمرة الأولى، ثم أتابع بعد ذلك على شاشات التلفزيون وصفحات الصحافة الأمريكية وقائع وتداعيات المصيبة التي لحقت مؤخراً بـ (أمتنا العربية) من حيث لا تحتسب، فزلزلت لها الولايات المتحدة زلزالاً، وسادتها من ساحلها الشرقي إلى ساحلها الغربي حالة من الذهول، وقامت لها منظمات حقوق الإنسان ولم تقعد، واسودَّت لها وجوه القوم من بني يعرب في حضر أمريكا ومدرها واستخزت نفوسهم، حتى صاروا يمشون في الطرقات محسورين مقهورين منكسي الرؤوس يقول الواحد منهم يا ليتني كنت مكسيكيا!    قلت لنفسي: ما هذه الأمة التي لا تأمن العثار. لا تخرج من حفرة وتقف على رجليها إلا ريثما تنكبُّ على وجهها في حفرة جديدة. ولكنني راجعت نفسي وصوبتها من بعد، إذ أدركت أن أمة يعرب ربما كانت بخير وأن البليّات والرزايا التي تعروها وتجلل رؤوس بنيها بالخزي، إنما هي من صنع الحاكمين المتحكمين والسلاطين المتسلطين، دون السواد من جمهرة الشعوب. وإذ أكتب هذا المقال قبل أربعة أيام من تاريخ نشره، فإنني أحسب أنه حين تنبسط كلماته بين يدي القارئ فإن خبر الشريط التلفزيوني الذي بثته القنوات الأمريكية، وما فتئت تعيد بثه متبوعاً بتعليقات المعلقين واستنكارات المستنكرين، خلال الأيام القليلة الماضية سيكون قد ملأ الصحافة السودانية الورقية وشغل منابر السودانيين الإسفيرية. وللقلة التي ربما لم يأتها النبأ المخزي بعد نقول إننا نشير على وجه التحديد إلى الشريط الذي لا يعرف أحد حتى يومنا هذا كيف تحصلت عليه إحدى أكبر الشبكات التلفزيونية الأمريكية، ويشتمل على تسجيل مفصل لوقائع قيام الأخ الشقيق لرئيس دولة عربية بتعذيب أحد مواطني تلك الدولة بمساعدة رجال الشرطة، تعذيباً يجل عن الوصف وتشيب له الأجنة في بطون الأمهات.

(2)

 أكون شاكراً لو تكرم عليَّ أحد المتخصصين في علم النفس فأبان لي ما عساها تكون الدوافع التي تكمن وراء حرص بعض البشر على تسجيل ممارساتهم الشاذة التي يأباها الخُلق القويم وتمجها الفطرة السليمة والتي تخالف الشرائع السماوية والأرضية، وذلك من خلال تصويرها على أشرطة فيديو، ثم الاحتفاظ بالأشرطة بعد ذلك في حوزاتهم. من أشهر هؤلاء الكوميسير الحاج محمد ثابت مفوض عام شرطة الدار البيضاء بالمغرب، الذي قُدِّم للمحاكمة في العام 1994م بتهمة اغتصاب عدد استعصى على الحصر من بنات الدار البيضاء وما جاورها فاكتفت المحكمة بشهادات تسعة عشر مغتصبة. وكانت السلطات قد وضعت يدها على حوالى خمسين شريط فيديو كان الكوميسير الحاج (الحاج ليس اسماً وإنما لقب حازه لأدائه فريضة الحج ثلاث مرات) قد قام بتصويرها بمعونة ضابط صف من مرؤوسيه اسمه ذو النعيم. وتعرض التسجيلات مشاهد طويلة ومفصلة لعمليات الاغتصاب أثناء ممارسة قائد الشرطة لها. ومعلوم لمن تابعوا ميلوداراما المحاكمة التي هزَّت المغرب في منتصف التسعينات أن الحكم قد صدر بالإعدام وتم تنفيذه على الحاج الذي أدمن الاغتصاب والتصوير في آن معاً، وذلك بناء على مادة في القانون الجنائي المغربي تقضي بتوقيع حكم الإعدام في حالة (الاغتصاب تحت تهديد السلاح).

(3)

 يعرض شريط الفيديو الذي حصلت عليه شبكة ايه بي سي وبثته في توقيت الذروة، ضمن فقرات واحدة من أشهر برامجها وأكثرها مشاهدة، ثم أعادت بثه كل القنوات الأمريكية، مشاهد نابضة للأخ الشقيق لرئيس دولة عربية ينزل من سيارته وفي معيته حاشية من جنود الشرطة في زيهم الرسمي يقتادون رجلاً يلبس ملابس عربية. عقب ذلك مباشرة شرع شقيق الحاكم في مهمة قيادة (حفلة) التعذيب ثم الإشراف والتوجيه لآخرين ممن نهضوا بعملية تقطيع لحم المواطن وتكسير عظامه. ومع ان الشبكات الأمريكية أعلنت انها حذفت أجزاء من الشريط لعدم صلاحيته للعرض بسبب الأهوال والبشاعات الإنسانية التي احتوتها، فإن القدر الذي تم عرضه يزلزل وجدان كل إنسان سوي: ضرب مبرح بالعصى، ضرب بألات تحتوي على مسامير وتؤدي إلى تفسخ جلد الرجل المستهدف، مشهد لشقيق الحاكم وهو يتقدم وفي يده إناء مملوء بالتوابل الحارقة، كما ذكر المعلِّق ثم يشرع في حثو التوابل بين الأجزاء المتفتتة من جسد المواطن، ثم يأتي الفصل الأخير المروع. وفي هذا المشهد يرمي رجال الشرطة بالرجل كومة هامدة على الأرض وينسحبون إلى الوراء ثم يتقدم شقيق الحاكم ليستقل سيارته من، طراز مرسيدس اس يو في، ويتقدم بها في اتجاه الكومة البشرية الملقاة على الأرض، ثم صدِّق أو لا تصدق، يسير بالسيارة في عزم وثبات فوق الرجل المقيد والملقى على الأرض. ويرى المشاهد للشريط بعيني رأسه عجلة السيارة الأمامية ثم الخلفية تصعدان وتهبطان فوق جسد الرجل وتهرسان عظامه!كيف لا تقوم أمريكا ولا تقعد، وقد شاهدت ما شاهدت وسمعت ما سمعت؟ ففي فسطاط الكفر هذا، كما يسميه أسامة بن لادن، تقوم الدنيا ولا تقعد لخبر عارض عن كلب أو قط أو سنجاب صدمته سيارة في عرض الطريق. وهنا إنسان كامل الإنسانية يعذبه شقيق الحاكم ثم يمشي عليه بسيارته! ما هي الجناية التي ارتكبها هذا المواطن العربي فاستحق ذلك المصير البشع؟ الشبكة التي حصلت على الشريط وأدارت تحقيقاً حوله قالت انها لا تعرف على وجه الدقة. ولكن هناك أسباب لغضبة شقيق الحاكم على ذلك الإنسان البائس تتردد همساً في دوائر مواطني تلك الدولة العربية من المقيمين بالولايات المتحدة، غير أنها للأسف مما لا يصلح للنشر.

(4)

 

ولا تظنن أننا فرغنا مما نرويه، فالرواية لم تتم فصولا. فمن مشاهدها السوداء القاتمة التي تنضح بؤساً وتعساً، وتشع هماً وغماً، أن منتجي الشبكة الأمريكية الذين نهضوا بمهمة التقصي والتحري ركبوا مراكب السماء وعبروا بحر الظلمات إلى الدولة العربية المعنية، وهناك شرعوا في التحقيق والتحقق. وعندما طلب هؤلاء تعليق وزارة الداخلية في الدولة العربية الفتية على ما جاء في الشريط، وذلك اتباعاً للأعراف المستقرة في مجالات الصحافة والإعلام التي تستلزم استمزاج مواقف وآراء  كل الجهات المعنية عند عرض مواد كهذه أمام المتلقين، ردت وزارة الداخلية بأن الشريط حقيقي وأن الشخص الذي يظهر فيه هو بالفعل شقيق رئيس الدولة وأن لابسي الزي الرسمي هم فعلاً رجال شرطة يتبعون القوة الشرطية في تلك الدولة. والأنكى وأضل أن المسئول القيادي في الوزارة لم يرَ مانعاً من كتابة توضيح رسمي سلمه لمندوبي شبكة ايه بي سي يقول فيه إن ما جاء في الشريط صحيح ومطابق للواقع و(أن تصرفات وممارسات رجال الشرطة كما جاءت في شريط التسجيل كلها صحيحة ومطابقة للقوانين والنظم الشرطية المطبقة في تلك الدولة)! وقد بثت شبكات التلفزيون الأمريكية نص (التوضيح) الصادر من وزارة داخلية الدولة العربية كما هو، ومضى على ذلك ثلاثة أيام عند كتابة هذه المادة، ولم يصدر أثناءها تكذيب ولا تصحيح، لا من عاصمة الدولة ولا من سفارتها بواشنطن!

  ثم ماذا نقول بعد هذا وما عسانا نفعل؟ هل نضحك، هل نبكي، هل نحثو التراب فوق هاماتنا، هل نتوجه بالدعاء إلى المولى أن يثبت العقول في رؤوسنا، أم هل نتناسى وننسى ونتصنع الجهالة ونضرب صفحاً عما رأت الأعين وسمعت الآذان، وننصرف إلى شواغل الدنيا؟

شيئان اثنان شغلاني في مشاهد شريط الفيديو القبيح، الأول هو أن الرجل الذي وقع عليه التعذيب والذي نغلّب الظن انه غادرنا إلى دار البقاء، كان يسير ثابتاً وهادئاً ومطمئناً عندما أخرجوه من السيارة وأمروه بالتقدم إلى منتصف حلقة التعذيب، ثم استجاب في خضوع وخنوع وطاعة مطلقة عندما أمروه بالركوع على الأرض في الوضع الملائم لتلقِّي الضربات على جسده. لم يُسمع من الرجل كلمة اعتراض واحدة أو محاولة مقاومة. ولكن أليس ذلك هو حال الشعوب العربية كلها من مشرقها إلى مغربها؟ ألم يقُد معتوه تكريت شعبه كله ثماني سنوات حسوماً إلى أتون حرب مع إيران، لم تبقِ ولم تذر فانقاد الشعب خانعاً ذليلا؟ ثم انقلب فقاد أهل الرافدين إلى حرب أخرى مع العالم كله، فمشوا وراءه إلى حتفهم كما تمشي الدواب بأمر أسيادها؟

 

الشيء الثاني الذي أهمني ولا يزال يلح عليّ هو: لماذا قام شقيق رئيس الدولة أساساً بتصوير فعلته النكراء على شريط فيديو؟ أهو شذوذ النفس وغيبة العقل التي أودت بصاحبه قائد شرطة الدار البيضاء، وتكاد اليوم تضيع هيبة دولته وسمعتها ومكانتها في منظومة المجتمع الدولي؟ أم هي أسباب أخرى عليها اقفالها، كغيرها مما استغلق ويستغلق علينا من رزايا وبلايا بني يعرب؟!

 

الشيخ حمدنا الله

 قرأت بعناية الرد الذى سطره شيخنا الدكتور عبد الله حمدنا الله الأسبوع الماضي بعنوان (الكاتب الملاكم). وقد وجه الشيخ إلينا في مقاله لكمات قوية، بعضها قانوني، وبعضها الآخر غير قانوني، مما يطلق عليه في مضمار الملاكمة (الضرب تحت الحزام).  وبالرغم من أن الشيخ الجليل قال بأنه راعى فينا شفاعة صديقنا الأثير الشاعر السفير خالد فتح الرحمن فترفق بنا، إلا انني رأيت – كما رأى غيري - الشرر ينقدح من بين سطوره ويتطاير من ثنايا كلماته. وإن حدث ذلك بشئ فإنما يحدث بأن مقالي الأصل الذي ردَّ عليه الشيخ كان نافذاً ومؤثراً وفاعلاً. وأنا بذلك جدٌُ مغتبط، فكل كاتب يكتب إنما يبتغي بكتابته النفاذ والتأثير والفاعلية. وقد عجبت أن الشيخ مدَّ لي حبلاً في مقالته الأولى فأخذته منه، ووضعته في عنقي بيدي، ثم جاء في مقاله الثاني فشد الحبل شدا، وخنقني به خنقاً، حتى كاد يزهق روحي... لولا شفاعة خالد! كتب الشيخ يخاطبني: (لا تتعبنا بالصنعة والفلسفة وتوليد المعاني..)، فأخذت نفس الجملة التي أنشأها هو– لا أنا – وتمنيت متأدباً لو أنه كان قد أراني شواهد من ذلك (التصنع والتفلسف) في بضاعتي فأتعلم على يديه وأثقِّف قلمي. ولكن الشيخ أعاد الانتاج والمونتاج فصورني كما لو كنت أنا منشئ العبارة – لا هو – ثم دعا الناس ليضحكوا على هذا الواهم الذي يحسب نفسه "متكلماً" و "فيلسوفاً". يا لمكر الشيوخ!غير أنني لا أدخر وقتاً بعد هذا فأعلن نيابة عن الحَكَم نهاية المباراة بانتصار الشيخ  بالضربة القاضية الفنية. والأعراف الرياضية تقتضي أن يكون حكم المباراة هو من يقوم بإعلان النتيجة. إلا ان الحكم – وهو رئيس تحرير هذه الصحيفة – كان قد تلقَّى هو نفسه لكمة قوية من قلم الشيخ إذ وصفه بأنه (البوم البعجبو الخراب)، و تم إسعافه بواسطة فريق الاسعافات ونقله للعلاج. وفي حقيقة الأمر فإننا نرى في بادرة الشيخ الجليل بالصعود إلى الحلبة وملاكمتنا - بحد ذاتها - تشريفاً لا يدانيه تشريف، ومكرمة لا تعدلها مكرمة، فما نحن، صغرنا أو كبرنا، إلا عيال عليه، نمتح من بئر علمه وننهل من فيض حكمته، شأننا شأن تلاميذه الكثر داخل السودان وخارجه. وما أعلمه أنا عن فرص مثلي في الظفر على من هو في مقام شيخنا العالم النحرير لا يجاوز ما يعلمه شيخنا الآخر، المرشح الرئاسي الدكتور عبد الله علي إبراهيم، عن فرصه في الفوز على الرئيس المُشير. اللهم إلا إذا كان مرشحنا الرئاسي يؤمن فعلاً أن بوسعه من خلال صندوق الاقتراع  أن ينحى البشير جانبا ويستأثر بمقعد رئيس الجمهورية. تكون تلك إذن مصيبة ذات قرون، نسأل الله أن يعظِّم أجرنا – أنا والشيخ حمدنا الله – فيها!

عمار محمد آدم

 نشرت جريدة ( الصحافة ) خبرا فحواه أن الكادر الحركى الاسلاموى السابق، المثير للجدل، عمار محمد آدم بعث برسالة الى رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان داعيا اياه للاعتذار والاعتراف بالأذى الذى لحق بمملكة الشايقية التاريخية بسبب غزو محمد على باشا للسودان. ووصف عمار فى رسالته ما حدث من غزو لمملكة الشايقية بأنه مجزرة بشعة وابادة جماعية لشعب عريق. وأضاف أنه يخاطب الحكومة التركية باعتباره حفيد الملك حنك ملك الشايقية وأحد الورثة الشرعيين.ونود من جانبنا أن نلفت نظر سمو الامير عمار، حفيد الملك حنك، بأن الذين غزوا مملكته ليسوا هم الاتراك وإنما هم الالبان والبوسنيون. محمد على باشا وابنه اسماعيل باشا والدفتردار كانوا من الالبان، ثم إنهم كانوا خارجين على الدولة العثمانية. والحال كذلك فأننا نقترح علي سمو الامير ان يسحب الرسالة التى بعث بها لاردوغان وان يبعث برسائل بديلة لرئيسى دولتى البانيا والبوسنة. ولكننا قبل ذلك نريد منه أن يبين لنا من أين جاء كل هؤلاء ( السناجك) الذين يملأون السودان فى يومنا هذا اذا كان الجيش الغازى قد شن (حملة ابادة لشعب الشايقية العريق)، كما يزعم فى رسالته. التاريخ المرصود والموثق يقرر أن فئة محدودة من الشايقية هى التى تصدت لحملة اسماعيل باشا وصادمته فى موقعة كورتى عام ١٨٢٠م. واستشهد بعضهم وتم أسر البعض الآخر ومن بينهم مهيرة بنت عبود، جدة الرئيس الراحل الفريق ابراهيم عبود، تغمده الله برحمته. وقد قام اسماعيل باشا بحماية ابنة الملك وارجاعها لأبيها معززة مكرمة. وقد كان لهذا الموقف النبيل فعل السحر فى نفس ملك الشايقية. ولكن الذى يعنينا هنا ما هو ثابت من ان السواد الاعظم من الشايقية انخرطوا فى الجيش الغازى وساندوه ومكنوا له. وبعض النصوص التاريخية عن تكوين الجيش وتركيبته العرقية تثبت ان الشايقية كانوا يشكلون عموده الفقرى. وقد كافأهم الغزاة بعد ذلك بأن أقطعوهم مساحات واسعة من أراضى الجعليين، إبتداءً من مدينة شندى وصولا الى منطقة الحلفاية شمالى الخرطوم. فأين الابادة الجماعية للشعب العريق هنا؟! الواقع الذى يدعمه الرصد التاريخى  يشير الى أن التعويض الذى يطالب به سمو الامير قد تم دفعه بالفعل أضعافا مضاعفة للشايقية، الذين مكن لهم الغزاة فى الارض، ومدوا لهم فى الرزق فأكلوا من وراء تواطؤهم معه اللاذونج بالفستق المقشور. وبما أن الدافع الرئيس وراء خطوة الغزاة باقتطاع مساحات واسعة من أراضى الجعليين ومنحها للشايقية كان هو الكيد لبنى جعل بسبب مواقف المك نمر العدائية، فربما كان الاخيرون هم الاولى بالشكوى وطلب التعويض.لربما وجد الامير عمار على خلفية هذه الحقائق أن من الأوفق المسارعة بطى هذه الصفحة، قبل ان يجد نفسه – هو وأصحاب السمو الأمراء وصاحبات العصمة الأميرات من أسرته الملكية الكريمة - مطالبين امام المحاكم السودانية برد الاراضى التى تملكها رعاياهم إغتصابا فى مناطق ليس لهم بها صلة، الا صلة التآمر مع الغزاة!

وقيع الله الكوز

 في الأسبوع قبل الماضي ذكرنا أن البعض نسب للإمام حسن البنا قوله: (الإسلام بحر واسع نحن كيزان له). وذلك في معرض محاولتنا البحث عن أصل ومصدر كلمة أو صفة  ( كوز) التي لحقت في معناها الاصطلاحي  بأعضاء تنظيمات الاخوان المسلمين منذ عهد بعيد. ولكن صديقنا الدكتور محمد وقيع الله ذكر لنا في إطار مراسلات خاصة دارت بيننا أنه يتشكك في نسبة هذه المقولة للإمام حسن البنا، لأن الإمام كان يتحدث بلغة عربية فصيحة ورفيعة وأن هذه الجملة المنسوبة إليه لا تشبه لسان الشيخ المبين. ثم أن لفظة ( كوز) غير معروفة او متداولة فى مصر، حيث عاش الامام وقاد حركته. ولا يعقل أن تصل عبارة قالها الامام الى السودان دون أن يكون لها ذكر فى مصر نفسها. وغلّب وقيع الله ان يكون مصطلح كوز قد صكه بعض المساطيل فى السودان. ثم مضى صاحبنا قدماً فعبّر في مقال منشور يوم الأحد الماضي بصيغة قطعية عن قناعته بأن عبارة (الإسلام بحر واسع....) لم ترد اطلاقا على لسان الشيخ الإمام. ولا نود قط أن نجادل وقيع الله حول هذه المسألة لعدة أسباب، منها أننا نعرف عنه أنه يدقق ويمحّص ويستوثق، ثم انه أعرف منا بالإمام البنا، كونه من تلاميذه النجباء وأتباع مدرسته الأصولية. المنطقة إذن منطقته وهو الأدرى بشعابها، ويلزمنا الحذر من الولوج فى دغلها بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، فيكمن لنا وقيع الله ويخرج علينا بعكازه ويجندلنا. وأخشى ما نخشاه لو أننا جادلناه أن يظن أننا ننتاش المؤسس التاريخى لحركة الاخوان بسهمٍ صدئ فينبري لنا بسلسلة مقالات يعدد فيها "خمسين إنجازاً" للإمام حسن البنا، ويجلدنا مع كل مقال خمسة جلدات، كما فعل مع حبيب لنا من قبل.ولكن ذلك لا يمنعنا من الاستطراد في مسار التحري والتقصي بغرض الوصول إلى الاجابة الصحيحة حول أصل كلمة (كوز) في استخدامها السياسي العامّي الاصطلاحي. وقد توجهنا بالسؤالات والاستفسارات إلى بعض أصدقائنا من الشيوعيين الذين أدمنوا استخدام هذه الكلمة في وصف خصومهم من الإسلاميين، كما سألنا عدداً من الإسلاميين ممن لحقت بهم الصفة، غير أننا لدهشتنا لم نجد علماً نافعاً عند أي من الطرفين. وأي شئ أدعى للدهشة من أن يكون الذين رددوا هذه الكلمة في وصف خصومهم قرابة نصف قرن من الزمان، تماماً مثل الموصوفين بها، لا يعرفون أصلها ومعناها!أيها الناس: من عرف منكم أصل وفصل المصطلح السياسي العامّي (كوز) فليبصرنا وينير عقولنا وله من الله الأجر والمثوبة.

الغرور على أصوله!

 فرشت (الأحداث) مساحة من صفحتها الأخيرة يوم الخميس الماضي لمحرر رياضي يعمل بالصحيفة، كاد يقتله السأم وضآلة الكسب وخمول الذكر، فكتب يصفنا بالغرور والوهم ومركزية الذات والتجانف عن فضيلة التواضع. وقد علمنا من أحد مصادرنا ان الرجل يملؤه التوق ويعتصره الشوق ليرى ردنا عليه في عدد اليوم الأربعاء. وقد كان بودنا أن ننيل الفارس المغوار بغيته، لولا أن لدينا معايير صارمة في الرد على مهاجمينا ومنتقدينا. وقد عرضنا الأخ على هذه المعايير فجاء وزنه أقل بكثير من الوزن القانوني المعتمد لدينا. بل أن درجاته لم تؤهله حتى لكتابة اسمه في زاويتنا. والحد الأدنى لكتابة الاسم عندنا هو سبعون درجة، وقد حصل الأخ على تسعة عشر درجة فقط.  ولكنني مع ذلك أدعو المحرر الرياضي ألا يحزن وألا يبتئس أو يفقد الثقة في نفسه. وأحثه على المثابرة وتكرار المحاولة مع المداومة على القراءة والاطلاع، والمواظبة على الصلاة والدعاء!

نصوص خارج السياق

 توقف الراديو - الذى كان يبث على محطة اف ام اسمها مانجو - لاذاعة آذان صلاة العصر. انتهى الآذان، فاذا بى أسمع صوت المذيع: ( كنتم مع آذان العصر برعاية الشركة العربية الكورية ). برغم التعاسة والضيق ضحكت. يا للآذان، دخل فى الزمن المسكين. من رعاية سيدنا بلال الى رعاية الشركة الكورية!

(من مقال للاستاذ ابراهيم الجريفاوى على المنبر الالكترونى سودان فور اول)

 

نقلا عن صحيفة ( الاحداث )

 

مقالات سابقة:

 http://sacdo.com/web/forum/forum_topics_author.asp?fid=1&sacdoname=مصطفى%20عبدالعزيز%20البطل&sacdoid=mustafa.batal 

 

آراء