فئران وأرانب

 


 

 

تكملة القصة القصيرة : فئران وأرانب

تحرك الفريقان في هدوء حذر باتجاه كومة من الأشباح - كما أسموها . صدرت أوامر الزعيمين بالوقوف بعيدآ عن هذا التجمع وليتركوا مهمة التقصي للزعيمين . تسلل الزعيمان خلسة وصعدا إلى شجرة ظليلة لم تطالها النيران . تأملا جيدآ وحدقا كثيرآ . قال زعيم الفئران : من أين جاء هؤلاء ؟ أهم شرذمة من الجن ؟ وما هذا الذي يحملون على أكتافهم ؟ أجاب زعيم الأرانب : لا بل هم بشر غرباء لا يشبهون البشر يبدو أنهم غزاة من بلاد بعيدة . ولقد رأيت مثل ما يحملون على أكتافهم وعلى العربات عند الجيش في بلادنا .
رجع الزعيمان إلى قومهما وأطلعوهم على نتائج التقصي . إختار كل زعيم ثلاثة من النشطاء لديه وأمروهم بالذهاب إلى الشوارع الخلفية ودخول المنازل عسى أن يأتوا بطعام من فتات المطابخ . ذهب النشطاء ركضآ بعيدآ عن الشارع الفسيح . رأوا صفآ من المنازل والفلل الراقية فاختار كل ثلاثة بيتآ يدخلوه . إلا أنهم سمعوا صراخآ وضجيجآ يعلو في كل بيت . توقفوا برهة فزعآ ، لكنهم قرروا التسلل إلى الداخل يدفعهم الجوع . فرأوا ما لا عين رأت وسمعوا ما لا أذن سمعت . رأوا نفس سحنات الأشباح التي رأوها في الشارع الفسيح هنا داخل البيوت يحملون السياط والعصي يجلدون الشباب والحريم من أهل البلد بل يغتصبونهم رغم أنفهم تحت تهديد الضرب والتنكيل بهم . أصيب نشطاء الفريقين بهلع كبير ، وبكت الأرانب الثلاثة بكاء مرآ مما شهدن .رجع النشطاء من الفريقين إلى رفاقهم تعلوهم سحابة حزن داكنة . نشروا شهادتهم على ملأئهم بمرارة وحسرة . صاح زعيم الأرانب : أين الشرطة بل أين الجيش ؟ واحسرتاه !
قرر الزعماء التحرك إلى منطقة أخرى بعد أن ملأوا بطونهم من براميل الزبالة في الشوارع الخلفية . قطعوا مسافة طويلة تمكنهم من التأكد مما يجري في المدينة إن كان محدودآ أم إنه بالفعل غزو الغرباء للاستيلاء على البلاد وقهر العباد ونشر الرذيلة والفساد . وصلوا إلى أحد الأحياء البعيدة فرأوا أرتالآ من الغزاة . رأوا النيران والحرائق والدمار وخلو الحي من البشر وفراغ الأسواق من كل شئ وبقايا الطعام والملابس مبعثرة في الشوارع أمام المحلات التجارية والبيوت . إذن ترك الناس البلدة ونجا بجلده من نجا ووقع في مصيدة الوحشية واللارحمة من وقع . هكذا كان تلخيص الزعيمين للأمر برمته . لم تكد تمر ساعة على تنوير الفريقين بملخص ما رأوا حتى سمعوا أزيز طائرة ثم انهالت نيران المدافع من السماء والأرض . قال زعيم الأرانب : يبدو أن الجيش قد جاء أخيرآ لصد الغزاة . كان الاشتباك مدويآ يصم الآذان والنيران تشتعل في كل مكان ولا يرى غير الدمار والخراب والحرائق . صاح زعيم الفئران بعد برهة من الصمت : إذن هي الحرب التي لا تبقي ولا تذر . تقطعت مدينتنا أشلاء وتحولت رمادآ . هلموا أيها القوم إلى تلك المغارة قبل أن يحل بكم الموت .
انتهت
كتبها : محمد عمر الشريف عبد الوهاب
الرياض في ٢٢ / ٨ / ٢٠٢٣

m.omeralshrif114@gmail.com

 

آراء