تمهيد : يهدف هذا المقال الى التاكيد على ضروره العمل النقابى المستقل عن النشاط السياسى" الحزبى"، بما يضمن حمايه مظالب وحقوق الشرائح الضعيفه فى المجتمع، ويبعده عن التوظيف السياسى الذى يسخره لخدمه مصالح ضيقه لفئات معينه تمارس هذا النشاط السياسى، والمقصود بهذا الاستقلال الاستقلال النسبى، الذى يجعل الاولويه لحمايه حقوق هذه الشرائح الاجتماعيه الضعيفه ،فى اطار المصلحه الوطنيه العليا، وليس الاستقلال المطلق الذى يفصله عن المجتمع وقضاياه .ويحاول المقال التاكيد على ضروره العمل النقابى،من خلال بيان توصل اغلب مذاهب الفكر السياسى الانسانى الى هذه الضروره، سواء على المستوى النظرى"كالمذاهب الاشتراكيه"، او المستوى العملى " كالمذهب الليبرالى" الراسمالي". وانه انه ظهر في تاريخ المجتمعات المسلمة ، العديد من التنظيمات الحرفية ، التي حملت أسماء متعددة:كالأصناف وأرباب الحرف و الأخية والفتيان و الجودية و الكرمية والطوائف .. والتي يمكن اعتبارها نواه لنقابات وعمل نقابي، اتفقت مع واقع المجتمعات المسلمة حينها، ويمكن تطويرها بما يتفق مع الواقع المعاصر لهذه المجتمعات. تعريف النقابة ( Syndicate) : هي جمعية تشكل لأغراض المفاوضة الجماعية أو المساومة الجماعية بشأن شروط الاستخدام، ولرعاية مصالح أعضائها الاقتصادية والاجتماعية،عن طريق الضغط على الحكومات والهيئات التشريعية ، والالتجاء إلى العمل السياسي في بعض حالات معينة. ورغم انه قد وجدت عبر التاريخ ، العديد من التنظيمات ، التي يمكن اعتبارها انويه للنقابات والعمل النقابي ، إلا أن ظهور النفايات والعمل النقابي، بشكله التنظيمي الحالي ،ارتبط بظهور النظام الاقتصادي الراسمالى في أوروبا ،ولقد كانت بريطانيا أسبق الدول إلى الاعتراف بالأهلية الكاملة للنقابات العمالية وكان ذلك في عام 1871، وقد حدث تقارب بين النقابات والحركات السياسية الاشتراكية نتيجة لاتفاقها على مقاومه الاستغلال الراسمالى للعمال. (ويكيبيديا). النقابات والعمل النقابي في الفكر السياسى الغربي: المفهوم الليبرالي: المفهوم الليبرالي للنقابات والعمل النقابي يستند إلى منهج معرفه يستند إلى فكره القانون الطبيعي،ومذهب ديمقراطي ليبرالي في موقفه من الدولة ، راسمالى في موقفه من الاقتصاد ، فردى في موقفه من المجتمع علماني في موقفه من الدين و بناءا على هذا فان المفهوم الليبرالي للنقابات والعمل النقابي- على المستوى النظرى- مرتبط بالديموقراطيه فى صيغتها الليبراليه، وتقليص دور الدولة في اداره المجتمع ،وخضوع الاقتصاد لاليات السوق، وفصل الدين عن الدولة،والتاكيد على الفرديه فى مواجهه المجتمع... اما على المستوى العملى التطبيقى، فقد ظهرت النقابات والعمل النقابى فى المجتمعات الليبراليه الراسماليه ،كشكل من اشكال مقاومه الاستغلال الراسمالى للعمال وغيرهم شرائع اجتماعيه ضعيفه، كما اشرنا اعلاه. المفهوم الماركسي : أما المفهوم الماركسي للنقابات والعمل النقابي فيستند إلى المنهج المادي الجدلي والمادية التاريخية(محصله تطبيق المنهج المادي الجدلي في التاريخ)،والتي مضمونها أن البنية الفوقية (الفن والفلسفة والأخلاق والنظم السياسية )مجرد عاكس للتطور الجدلي الحادث في البنية التحتية (أسلوب الإنتاج الذي يضم النقيضين أدوات الإنتاج وعلاقات الإنتاج )، وهو ما يعبر عن نفسه في صورة صراع طبقي بين الطبقة التي تمثل أدوات الإنتاج والتي تمثل علاقات الإنتاج، وهذا التطور يتم عبر أطوار هي الشيوعية البدائية فالعبودية فالإقطاع فالراسماليه فالشيوعية العلمية وأولى مراحلها الاشتراكية . وبناءا على هذا فان المفهوم الماركسي يربط النقابات والعمل النقابي بالصراع الطبقي كمحرك للتاريخ ، وهو يركز على دورالعوامل الاقتصادية في تكوين النقابات،ويتجاهل أو قلل من دور العوامل الثقافية ،كما يركز على الطابع الصراعى للنقابات والعمل النقابي وتجاهل دور طابع التشاركى لها. النقابات والعمل النقابي في الفكر السياسى الاسلامى المعاصر : أما في إطار الفكر السياسى الاسلامى المعاصر ، فإننا نجد موقفين أساسيين من النقابات والعمل النقابي: الموقف الاول: ويقوم على الرفض المطلق للنقابات والعمل النقابي ، باعتبارهم من انتاج مجتمعات اجنبيه "غير مسلمه" . هو موقف قائم على أن تحقيق التقدم الحضاري للمجتمعات المسلمة يقوم على الرفض المطلق لإسهامات المجتمعات الأخرى،والعزلة عن المجتمعات المعاصرة. وهو موقف لا يعبر عن جوهر الموقف الاسلامى الصحيح من الاسهامات الحضاريه للمجتمعات الاخرى. الموقف الثانى : ويقوم على تجاوز موقفي الرفض المطلق والقبول المطلق للإسهامات الحضاريه للمجتمعات الأخرى- والمتضمنه للنقابات والعمل النقابي- الى موقف نقدي " تقويمي" مضمونه الاخذ بالنقابات والعمل النقابي على وجه يتسق "على المستوى النظري" مع المفاهيم الكلية لفلسفه السياسيه الاسلاميه كالشورى والعدل والمساواة... ، ويتسق "على المستوى التطبيقي" مع واقع المجتمعات المسلمة. وهو موقف يتسق مع موقف السلف الصالح من إسهامات المجتمعات الأخرى، حيث نجد أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) اخذ بالدواوين ومن الفرس. كما أن هذا الموقف يرى انه ظهر في تاريخ المجتمعات المسلمة ، العديد من التنظيمات الحرفية ، التي حملت أسماء متعددة:كالأصناف وأرباب الحرف و الأخية والفتيان و الجودية و الكرمية والطوائف (د.محمّد مُنير سَعد الدّين/ النقابات عِند المسلِمين)، والتي يمكن اعتبارها نواه لنقابات وعمل نقابي، اتفقت مع واقع المجتمعات المسلمة حينها، ويمكن تطويرها بما يتفق مع الواقع المعاصر لهذه المجتمعات. _______________________________ للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زياره العنوان: drsabrikhalil@wordpress.com //////////////////