أضحكني مقال لأخينا الساخر/ الفاتح جبرا في صحيفة ( حريات) الاليكترونية.. أضحكني، فبكيت؟؟ الفاتح جبرا صديقُه صدِّيق زول مقتدر جاي من لندن.. و تعاسته لم تكن لتُحتمَل لأنه من قمة الشفافية و العدالة الاجتماعية وجد نفسه أمام شلة من المؤلفة جيوبهم يحتمون بالاسلام في حرب الفساد الكبرى ضد الشعب السوداني.. تلك الحرب التي اندلعت بضراوة في الثلاثين من 30 يونيو عام 1989.. و ما تزال مستعرة تحرق أخضر الشعب السوداني و يابسه.. و الغزاة الذين أوقدوا نار الحرب يكسبون (أراضٍ) تلو أراضٍ في ( الأراضي).. و يقتحمون البنوك و الساحات بلا مقاومة تذكر.. و تتضخم أرصدتهم و تنتفخ أوداجهم و تتكور كروشهم.. إنهم ( الفئة الباغية) بكل مواصفات البغي و العدوان و الخروج عن شرع الله في المساجد و الخلاوي.. فئة تفعل ما تشاء في تجاسر على الدين بالمعاصي و الفسق و الفجور.. و لا حساب في حسابها ليوم الحساب.. المواطن السوداني المقيم بمدينة لندن بعث إلى الأستاذ الفاتح جبرا برسالة ساخطة تضمنت حوار المواطن مع موظف الجمارك:-" شوف أنحنا ح نشيل 50 ألف جمارك لصندوق الشاي ، و 280 ألف للورقتين (التوكيل والإقرار) و 50 ألأف لي فتيلين الدواء و 20 ألف رسوم أرضية .. والمخلص بيشيل ليهو 220 ألف جنيه يعني الموضوع كدة 620 جنيه"
!نعم، زول جاي من لندن يتعامل كده؟ ما صاح! أكيد لن يقبل التعامل بأسلوب تعيس كهذا في إدارة شئون المواطن.. لكن تعال شوف معاي ناس قريعتي راحت، و الطايرين ( مع الطيور الما بتعرف ليها صرفة و لا في إيدا جواز سفر و الراكين فوق شجرة المؤتمر الوطني..) ديل: و قد التقيت ( طيرة) من تلك الطيور في مكتب تسجيلات الأراضي.. علمت منها أن زوجها خرج من البيت ذات يوم و لم يعد حتى وقت حديثي معها .. و قد ترك لها ثلاث أطفال.. فاضطرت أن تعتاش و أبنائها على بيع الشاي لتغطية النفقات الضرورية.. و الجبايات و الرسوم غير الضرورية- و هي بلا عدد- و أن ناس الأراضي طلبوا منها مبلغ 9 مليون جنيه.. و أنها تقدمت بطلب تسوية للمدير العام الذي ( تكرم) بتخفيض المبلغ إلى 7.5 مليون جنيهاً.. و أنها تمكنت من جمع المبلغ بالاستدانة من عدد من الأهل و المعارف.. و هي سعيدة غاية السعادة أن صار لها بيت في أقصى أقاصي أم درمان.. كانت تتحدث و في عينيها فرحُ ضحيةٍ ( تنازل) لها زعيم عصابة عن جزء من مالها المنهوب بقانون الغاب.. و حين جاء دوري قال لي احد دكاترة ( الشيتات) :- إنتو يا ناس الحارة 11 عندنا معاكم كلام تاني.. و طلب مني دفع مبلغ 36 مليون جنيه و نيف.. و علمت أن الرسوم المقدرة 5 مليون جنيه فقط قبل عدة أشهر، ضحكتُ و لم أقل شيئاً بعد الضحكة.. فقط طلبت ذهبت طالباً إعطائي إذن دفع بغرض التسوية.. و لم أتقدم بطلب التسوية حتى الآن في انتظار تخفيض النسبة و التي يقولون بأنها سوف تكون 80% في آخر السنة.. و يطل سؤال من أفق المنطق: كيف يتم تقييم القطع السكنية..؟ إن قلت لي أن أسعارها ارتفعت لأنها أصبحت في وسط المدينة.. أقول لك: و ماذا عن الأسعار الرهيبة التي تطال المناطق الطرفية؟ و أسألك: بأي منطق اقتصادي ترتفع الأسعار و السودان من أكبر البلدان مساحة؟ و لماذا تتذبذب النسبة المئوية للتسويات؟ و أسترسل لأوضح لك أن المسئولين عن الأراضي غريبو الأطوار، فقد حددوا تواريخ معينة لزيادة رسوم التسجيل.. و حددوا تواريخ معينة و نسب معينة للتخقيضات متى تقدم مواطن ما ملتمساً التسوية.. و نسبة التسوية تبدأ من 80% من المبلغ المطلوب سداده ، ثم تنزل النسبة إلى 50%، ثم 30%.. و تدور لتبدأ من 80% كرة أخرى.. و إن لم تدفع خلال شهر من تاريخ توقيع المدير العام على الاذن، يسقط حقك في التسوية.. و في تلك الفترة تكون الرسوم قد زادت مرة أخرى.. و تبدأ أنت السير في تسوية جديدة مبتدئاً من الرسوم الجديدة! فالرسوم تزداد صعوداً و نسبة التسوية تتأرجح صعوداً و نزولاً.. و ( العاملون عليها) من موظفي الأراضي تزداد حوافزهم الشهرية و السنوية بأضعاف أضعاف رواتبهم.. و الحكومة تسيِّر أعمالها بالنهب القانوني غير المؤسس على قاعدة منطقية سوى أن وارداتها أكثر من ضعف صادراتها ( 4 مليار و نيف إلى 9 مليار و نيف)، ما أدى إلى اختلال خطير في الميزان التجاري.. لذا رأى النظام و مستشاروه أن يتحمل المواطنون التعساء عبء تجسير الفجوة بين الصادرات و الواردات.. و عبء الصرف على الحياة المترفة و رفاهية العطالى الدستوريين و الطفيليين و الجنجويد.. مع تحياتي لمواطننا (محمد الصديق) القادم من بلاد إسلام بلا إسلامٍ غالبٍ إلى بلاد مسلمينَ بلا إسلام حقيقي! و لا حول و لا قوة إلا بالله!