فَكَ الدرب فللي! … بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم

 

 

IbrahimA@missouri.edu

    قال عادل إمام:” إن شاء نحن الشعب نمشي نغور عشان الحكومة ترتاح”. ولم نبلغ مع حكومتنا هذا الحد فيما يبدو. فالحكومة عندنا ربما تمنت فقط أن لا تلقانا في الطريق. ولو لقيتنا ستفكه وتقوم فللي. لماذا؟ لأنها مديونة لنا لسبيب رأسها. والمديون ليس كالعاشق “مشوق حين يلقى العاشقينا”. المدين ما بعرف يودي وشو وين حين يلقى الدائنينا. فمنذ حين أقرأ عن مديونية الحكومة للعمال وأستغرب للوضع عكس مكس هذا. فبدلاً أن تقرض الحكومة العمال قرضاً حسناً أصبحت هي المقترض قرضاَ فلكي الأرقام. فقد قرأت في جريدة الوطن أن استحقاقات العمال المتراكمة على الحكومة منذ  2001 بلغت 13 مليار جنيه (جديد يا ربي؟). ثم أقرأ في الوطن نفسها أن متأخرات العمال بالولايات (2001-2006) بلغت 41 مليار جنيه عبارة عن فروقات الهياكل والعلاوات. ثم اقرأ في عدد تال من الجريدة أن متأخرات العمال (2002-2005) بلغت 70 مليار. والعدد في الليمون. ثم أقرأ في جريدة الراي العام عنواناً رئيسياً: ب 10 ولايات فقط: 941،5 مليون جنيه جملة متأخرات الأجور والمعاشات خلال 2008. والولايات هي جنوب وشمال كردفان والجزيرة وجنوب وشمال درافور والنيل الأزرق وسنار والنيل الأبيض ونهر النيل والخرطوم. وقفت عند مديونية الحكومة للعمال عند مسألتين. أولهما أن الخرطوم هي أقل الولايات ديناً على الحكومة.فهي تطلب من الحكومة 45 مليون جنيه مع أنها الأغزر من حيث العمالة. وقد تم الاتفاق مع الحكومة على سدادها حتى أن علي مصطفي رئيس عمال الولاية مطمئن أن كل شيء سيكون على ما يرام لأن الولاية أوفت ما التزمت به.  من الجهة الأخرى توقفت عند متأخرات الحكومة (أجور ومعاش) على دارفور. فوجدتها 77 مليون جنيه (لجنوبها 44 مليون ولشمالها 33 مليون). ولذا استغربت لخبر عن اتحاد العمال مفاده أنه تبرع ب 14 مليار جنيه لمساعدة نازحي دارفور للعودة للاستقرار (الراي العام 2-2-2008). وهذه عاطفة كريمة من اتحاد العمال بالطبع. غير أنها عاطفة لا غير مهما قلنا عنها وعن حسناتها. ولو قام الأمر على العقل كما ينبغي لسدد اتحاد العمال من حزائنه الغراء دين عمال دارفور على الحكومة حتى إشعار آخر. فالاتحاد جهة اختصاص في دين العمال للحكومة. والقيام به فرض عين. أما التبرع للنازحين فمندوب. فلن يؤاخذه أحد إن لم يقم به. يواتيني الرباطاب دائماً عند مثل هذه المفارقات. كان أحد الرباطاب يتولى مسئولية تنفيذية كبيرة وبوسعه أن يعطي ويمنع ويعين ويرفت. ولم ير منه أهله “خيركم خيركم لأهله”. ثم نزل المتنفذ الرباطابي المعاش. وجاءت الانتخابات وقرر الرجل أن يخوضها في دائرة الرباطاب. واجتمع ببعضهم. فقال له مسيخ منهم :”يا فلان لما كنت بتسد وتقد ما شفنا منك نفع. اها داير تدخل البرلمان تشحدو لينا شحدة. إن دائرتي وما إن دائرتي”. واضح من الحيثيات أنه كان بوسع اتحاد العمال إزالة الضرر بصورة مباشرة عن جماعة دارفورية (هي العمال) من أخص اختصاصه ولكنه اختار أن ينفق ماله على جماعة دارفورية ليست في مركز الاختصاص. وعليه فالاتحاد سيطالب الحكومة بتسديد ما عليها لعمل دارفور ويطالب ويطالب. أي أنه  “سيشحد” لعمال دارفور متأخراتهم شحدة كما قال الرباطابي.وبدا لي أن دوائر حكومية أخرى قررت ألا تفك الدرب للعمال من فرط الديون التي على كاهلها. فقد قرأت أن ولاية الإستوائية قررت توفير 10 ألف عامل وصفتهم بفائض عمالة. واضح أن الإستوائية قررت أن تلعب بخطة ألا تخلي الدرب متى رأت العمال بل أن تخلي الدرب من العمال بالمرة. فلا ديون ولا فلقة دماغ تضطرها لفك الدرب فللي. وحيلة الإستوائية قريبة من قول عادل إمام: إن شاء الله نحن الشعب نغور في ستين داهية عشان الحكومة ترتاح مننا”. 10 الف عامل استوائي غاروا عشان الحكومة تستريح مننا.   

شاهد أيضاً

الانضمام لمنظمة التجارة العالمية: آفاق وتحديات

خضعت عملية العولمة ومنظمة التجارة العالمية , بوصفها احد اهم ادوات العولمة , لانتقادات لاذعة …