قم للمعلم وفه التبجيلا…كاد المعلم أن يكون رسولا !!

 


 

 

ما من بلد وصل إليه حال المعلم لحد الكفاف والاستجداء، وتلقي الاكراميات من رجل الدولة الذي كان حظه من العلم ما جادت به الكتاتيب من فك للخط وتعلم لمباديء نطق الكلمات، لن تقم لمثل هذا البلد قائمة مهما اختبأ المزينون للباطل وراء ستار الانتهازية وتقديم الجهل على العلم الذي هو نور، لا يعقل أن وطناً مثل السودان زكّاه البريطانيون لبلدان النفط أن اهبطوا أرض النيلين فإن لكم ما سألتم، من كادر مهني وإداري وعسكري كفوء تسدون به فراغ مؤسساتكم الوليدة، كيف انقلبت الأمور رأساً على عقب وصار حال ومآل معلم الأجيال أن يسأل الناس إلحافا أعطوه أو منعوه، تحت ظل حكم البرهان وحمدان، هل هو زمان الانحطاط القيمي والأخلاقي أن يكون رسول العلم والمعرفة والتربية وتزكية النفس محط أنظار المستهترين؟، ومن عجائب زمان الثنائي العجيب هذا أن المعلمين أصبحوا يصطفون للحصول على الفتات، الذي تجود به حقائب الرجلين من مال مستجلب من عطايا بلدان البترودولار، إنّه لزمان أشد بؤساً من زمان المهازل الذي قصم ظهر السياسي والمفكر والأديب الأريب والشاعر والمحامي والمهندس محمد أحمد المحجوب، وشتّان ما بين ذلك الزمان الذي قدم أمثال المحجوب وزمان الرويبضة، فالبون شاسع والمقاربة لا تجوز لجريمتها البيّنة بما كسبت أيدي الانتقاليين الجدد.
المعلمون عليهم الانخراط في مشروع المقاومة الوطنية الناشدة تخليص الناس من ربقة الجهل وسطوة العسكر، فكل واحد منهم واجب عليه الانطلاق نحو استكمال المشروع الديسمبري الذي لا يقبل القسمة على إثنين، ودعم الخط الثوري الساعي للاسقاط الكامل لمنظومة المنافقين والدجالين سارقي قوت الشعب والمتلاعبين بأحلامه، ولا توجد مكانة وسطى بين جنة الانتقاليين الزائفة ونار الثورة المشتعلة في القلوب، والخارج لهيبها من بين هتافات الحناجر، فالثورة ليست هتافاً أرزقياً لا يجدي، وإنما هي مقاومة وتراص للأيدي فوق الأيدي، ولن يحلم المعلم بعالم خالٍ من التقتير والانقاص والتقصير والاستهتار، إلّا بانضواء قبيلة المعلمين تحت لواء المقاومة، الهادفة لقلب الطاولة على رؤوس المتساهلين والمستهترين بالقضية الوطنية، فقضايا الصحة والتعليم والأمن حلولها خاضعة لتفكيك الدويلة التي كرّست للمرض والجهل والخوف، وهذا الثالوث هو الطاعون الذي قضي على أشهر الحضارات، فما أن يحل على أمة من الأمم هذا الوباء والبلاء العظيم، إلّا ويسكن ديارها الخراب والدمار والانهيار المادي والأخلاقي، ويجب على المعلم أن لا تأخذه الحاجة إلى تصديق أقوال أعداء العلم وكارهي مؤسسات التعليم التي لم يلجوا بابها، فالجاهل لا يمكن أن يقيم مثقال ذرة من خردل احترام لأهل العلم.
إنّ ديدن الجاهل ومنذ غابر الأزمان أنه والعالم يسيران على خطين متوازيين لا يلتقيان أبداً، لذلك تسمع لأبي جهل السوداني وهو يسخر من الذين نالوا حظاً وافراً من التحصيل العلمي والتعليم المهني، فيلصق بهم خزي عار اتساخ مدينة الخرطوم، هذه العاصمة الجميلة التي كانت تنظف طرقاتها بالمطهرات، وهو لا يدري بأن طرق مقرن النيلين لم تصلها القذارة إلّا بعد أن وطأتها أقدام العسس المستجلب من الفيافي والجغرافيا البعيدة، ولا يعلم أن الخصائص الحضرية والحضارية لا تتماشى مع الترييف الخلوي الذي أتى به من أقصى أقاصي الواق الواق. طريق المعلمين المؤدي للخلاص من هذا الذل والهوان واحد، هو التمسك بالمشروع الديسمبري المجيد الرافض لأي شكل من أشكال التسويات القاتلة لروح التغيير، وعلى المعلم أن يعي دوره الطليعي في إنجاز هذا التغيير المنشود، وأن يصعّد من لهجة الرفض والمقاومة وأن يتحدى بسلاحه الأخلاقي والعلمي الراسخ كل أشكال الطاغوت والجبروت العسكري، كما فعل المعلم الشهيد أحمد الخير، فأزمة هذا الشعب كامنة في ابناءه الذين ارتدوا البزة العسكرية، إنّهم الأبناء غير البررة الذين كسروا جبيرة ساق الوطن أكثر من ثلاث مرات فحرموه الوقوف، وأخيراً جاءت طامة العسكر الكبرى بتزاوجهم مع الجهل الذي يُردي. وأخيراً اهتف معي وقل يا أخي، يحيا الكفاح وينبغي.

اسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com

//////////////////////////

 

آراء