كرتى وينو !؟ … بقلم: د. احمد خير/ واشنطن

 


 

د. أحمد خير
29 September, 2010

 


تسلمت دعوة كريمة لحضور حفل تقيمه إحدى الجمعيات الناشطة فى أعمال التنمية الإجتماعية فى منطقة الأسكندرية بولاية فرجينيا . قبل يوم الحفل بيوم واحد بحثت عن كارت الدعوة الذى تسلمته منذ أكثر من أسبوعين فلم أعثر عليه بالرغم من أن أفراد الأسرة يعرفون مدى النظام الذى أسير عليه وأن كل شئ منظم ومرتب. وبالرغم من ذلك لم أجد كرتى !
جلست أفكر فى كل الزوايا التى ربما أجده فيها فلم تجدى كل المحاولات نفعا. هل فشلت فى هذه المرة؟ سؤال ظل يطرح نفسة وحاولت مرارا إبعاده لشعور مؤكد بأننى لا أخطئ فى وضع الأشياء فى مكانها المناسب . لماذا هذه المرة!؟ ولما تكرر السؤال جلست أفكر فى جميع الإحتمالات ربما أخرج بحل يوصلنى إلى أسباب ضياع  كرتى . فشلت كل الإحتمالات ولما دب اليأس ووجدت أن لا بصيص أمل فى إيجاد كرتى . إمتدت يدى إلى الريموت كنترول وأدرت التلفاز وإذا بى أواجه بتليفزيون (.... السودان) وبنشرة الأخبار وفيها أن الوفد الذى غادر السودان متجها إلى الولايات المتحدة لحضور قمة نيويورك عن السودان التى ستنعقد على هامش إجتماعات الأمم المتحدة ا يتكون من الساده/ نائب رئيس الجمهورية الأستاذ على عثمان طه وعلى كرتى وزير الخارجية  وعندها فقط تأكد لى أننى لن أعثر على كرتى فيكفى أن السيد وزير الخارجية سيأتى إلى أمريكا . والسبب هو أن علامات إستفهام كثيرة قفزت أمامى . كيف لرجل سب أمريكا بعبارات يندى لها الجبين ويأتى وكأن شيئا لم يكن ! ماذا سيقول للمسئولين !؟ أنا أعلم أن المسئولين فى أمريكا لا يأبهون بإناس لاحولة لهم ولاقوة يطعنون فى ظلها طالما فيلهم واقف على أقدامه وياجبل مايهزك ريح . والأدهى والأمر هو أن الرجل لم يعتذر على مابدر منه ومن حكومته من باب اللياقة ، بل أراه قد إستمرأ السباب فأضاف إلى ماضيه بألفاظ أخرى . ليس فى حق أمريكا فحسب ـ بل فى حق الحركة الشعبية أيضا حيث قال لافض فوه : أن الحركة الشعبية تشن إرهابا فى جنوب السودان لمنع الجنوبيين من التصويت لصالح الوحدة  وإتهم بأن هناك أيادى خفية تحركهم !والشئ الذى تصعب علىّ فهمه هو لماذا ينكر السيد كرتى حق السيد سلفاكير فى تحريك الشارع من أجل قيام دولة فى الجنوب ، فهل إذا فتح المجال لبقية أقاليم السودان للإستقلال عن الخرطوم ، فهل سيبقى إقليم واحد تحت حكم الجبهة؟ سؤال أتمنى أن يتمعن فيه السيد وزير الخارجية فور عودته إلى الخرطوم لينضم إلى السيد وزير الإعلام فى تحريك الشارع ضد إخواننا من أبناء الجنوب الذين إرتبطوا بالشمال بعد أن أفقرتهم الحكومات المختلفة وشردتهم الحروب الضارية التى شنت ضدهم وأحرقت الأخضر واليابس ! أعلم أن السيد وزير الإعلام قد أدلى بتصريحه العنصرى ذلك وفى إعتقاده أن المليون ونصف من الذين إرتبطت مصالحهم بالشمال عندما يسمعون لذلك التهديد سيصوتون للوحدة !والشئ الذى لايمكن أن يقبله العقل هو أن يصدر تهديدا من وزير إعلام ضد أبناء وطنه ، وهو المفترض أن يحافظ على الوحدة أو يعمل من أجلها بطرق كثيرة ليس من ضمنها مايبثه إعلامه الفارغ من المضمون وليعلم أن الوحدة لاتتحقق بشعارات وأغان لايأبه بها أحد !  وزير الإعلام ظل صامتا لزمن طويل وليته كان قد إستمر فى صمته لكفى المواطن السودانى ذلك الشرخ النفسى الذى أوغله فى صدور إخوة لنا لهم الحرية الكاملة فى إختيار أسلوب حياتهم . هذا بعكس المواطن فى الشمال الذى ليس له الحق فى فعل أى شئ لأنه------ أصبح مفعولاً به من يوم أن إستولى نظامكم على السلطة قبل أكثر من عقدين من الزمان ! نائب الر]س ب حض أن من أسباب التشويش الذى أدى إلى ضياع كرتى هى قراءتى للقاء الصحافى الذى أجراه الأخ محمد على صالح مع وزير الخارجية الذى نشرته جريدة الشرق الأوسط بتاريخ لقد ضاع كرتى فى ذلك اللقاء وخرج عن السياق وعن اللياقة و الدبلوماسية التى تحكمها الحكمة والحفاظ على رباط الجأش وعدم التهور . وإن كنت أعلم سلفا أن فاقد الشئ لايعطيه وما كنت أتوقع منه أكثر من ذلك وهو المتغول على العمل الدبلوماسى ( سبق أن أوضحت ذلك فى مقال فور إختياره وزيرا للخارجية وإعتبرت ذلك سقطة من سقطات الإنقاذ)
وتوصلت أخيرا على سبب من أسباب ضياع كرتى الحقيقى بعد أن قرأت تحقيق الأخ محمد على صالح مع كرتى الملقب بوزير خارجية السودان .
لنترك كرتى الحقيقى الذى كنت ابحث عنه وندلف إلى ما أدلى به السيد كرتى فى الحوار المشار إليه والذى صب فيه جام غضبه على أمريكا والدول التى تساند الإنفصال . الإخوة فى مصر يقولون " شحات ومشارط " وفى الماضى عندما أتى الأتراك إلى مصر كان الشحات التركى يطرق باب أحدهم ويقول" هات حسنه لسيدك محمد أغا " والآن السيد كرتى يأتى إلى أمريكا طالبا المساعدة ويسب فى الأيدى التى يرغب  أن تمد إليه ! كيف ياهذا وبأى وجه تعيب فى أمريكا التى كنت تناصبها العداء أيام الدبابين وترسلون لها الإنذار تلو الآخر مهددين لها بأن تلم جدادها ! فإذا أصبح اليانكى بجلالة قدره دجاج ماذا تسمى دبابينكم الذين إنهزموا أمام ضربات مقاومة أبناء الجنوب الذىن إستبسلوا فى حرب الدفاع عن أراضيهم وممتلكاتهم أمام نيران الدبابين الذين أرغموا فيما بعد على توقيع إتفاق نيفاشا بكل المكاسب التى تضمنتها الإتفاقية والتى تبحثون الآن على مخرج من مصير محتوم أدخلتم فيه البلاد ومن نتائجه أن سيتفرق أبناء البلد الواحد . وبعد ذلك جئتم إلى أمريكا عدو الأمس تبحثون عن الجزر حتى وإن كانت مصحوبة بعصى . وأنتم تعلمون قبل غيركم أنكم لاتستحقون جزرة واحدة ناهيك عن جزر . أما العصا فهى كما هى فى شرعكم فهى لمن عصى وأنتم عصيتم كثيرا وإستكبرتم كثيرا وحسبتم أنكم بفعلكم ذاك ستعلون علوا كبيرا فزادكم الله تحقيرا وجئتم إلى واشنطن تبحثون عن حبات قمح وشعيرا وحسبى أنكم لن تجدوا نقيرا.  وعليكم الإنتظار إلى أن ترضى عنكم دولة الإستكبار بعد أن تزيدكم تحقيرا قبل أن تحصلون على الفتات وأنتم صاغرون . هل فى إمكانكم أن تقولوا لا !؟ هل فى إمكانكم أن لاتمدوا يدكم لدولة ناصبتمونها العداء منذ يومكم الأول المشؤم الذى وصلتم فيه إلى السلطة !؟ هنا المخاضة التى تظهر .... فإما الخوض الآن فى المياه الضحلة أو الإنتظار إلى موعد الفيضان( يوم الإستفتاء) الذى فيه ستشلحون ملابسكم وتظهر فيه عوراتكم للعالمين ! وعندها ستعلنون للملأ بأن الرئيس أرجل سودانى هو الذى منح أبناء الجنوب حق تقرير المصير (فكك السودان ) وهذه فرية ترغبون فى بثها للمواطن السودانى الذى يعلم جيداً كما يعلم نظامكم  بأنه هوالنظام الوحيد الذى إنحنى أمام ضربات المقاومة الجنوبية الشرسة . عليكم توضيح الحقائق للجماهير بدلا من دفن رؤوسكم فى الرمال . فالشعب السودانى يرى الإمبراطور عاريا مهما حاولت أجهزتكم الإعلامية بإظهاره فى دور الفارس المغوار! أفيقوا يرحمكم الله .               
Ahmed Kheir [aikheir@yahoo.com]

 

آراء