كيف يمكن للشعب السوداني يستعيد ضميره

 


 

 

كيف يمكن للشعب السوداني أن يستعيد ضميره وينهض ؟ تساؤل يطرح نفسه وَسْط كم الخلاف والفوضي علي المسرح السياسي والصراع بيننا لكل منا رأيه الخاص فيمَا عدّ ضميرًا وطنيًا أو انعدامه, لكن عمومًا، يمكننا أن نقول أن الأحداث التي تهدد وحدة السودان وسيادته واستقراره وديمقراطيته وتنميته تستدعي تحرك ضمير السودان ومواجهة الحروب و الانقلابات والصراعات والتدخلات الخارجية من بين هذه الأحداث، نذكر لابد من إنهاء الحكم العسكري واستعادة السلطة المدنية والشرعية التي تم منحها الشعب السوداني تفويضًا بعد الثورة من أهم مطالب الامة الآن, الالتزام بالميثاق الدستوري الانتقالي والاتفاقيات السياسية والسلام الذي تم التوصل إليها بين الأطراف المختلفة وكذلك تشكيل مجلس تشريعي انتقالي يمثل كافة القُوَى السياسية والمجتمعية والإقليمية، ويمارس دوره في الرِّقابة والتشريع والتوازن, تنفيذ إصلاحات اقتصادية واجتماعية وإدارية تهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين ومكافحة الفساد والهدر والمحسوبية, مع تعزيز دور المجتمع المدني ووسائل الإعلام والمؤسسات الأكاديمية والثقافية في نشر الوعي والتثقيف والتعبير والحوار والتنوير, كما تعزيز ثقافة الديمقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان والتسامح والتعايش السلمي بين مختلف مكونات الشعب السوداني, تحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية والتعويض لضحايا الانتهاكات والنزاعات التي شهدها السودان على مدى عقود, تحضير الظروف المناسبة لإجراء انتخابات عامة حرة ونزيهة وشفافة تؤدي إلى تسليم السلطة لحكومة مدنية ديمقراطية أن التساؤل المطروح الآن هل الديمقراطية هي نظام سياسي يقوم على مبادئ الحرية والمساواة والمشاركة والتعددية وسيادة القانون والأنسب لنا قبل هذا التساؤل هنالك سبل متعددة لتعزيز الديمقراطية، يجب أن تتوفر بعض الشروط والمتطلبات، منها إنهاء الحكم العسكري واستعادة السلطة المدنية والشرعية التي تم تفويضها من قبل الشعب بعد أنهيار النظام البائد, وكذلك الالتزام بالميثاق الدستوري الانتقالي والاتفاقيات السياسية والسلام الذي تم التوصل إليها بين الأطراف المختلفة, هذا سؤال مهم ومعقد يتطلب تحليلًا عميقًا للمفاهيم والنظريات والتجارب السياسية المتعلقة بالوطنية والتوافق. لكن بشكل عام، يمكنني أن أقدم بعض الأفكار الأساسية التي قد تساعد في بناء ضمير وطني قوي يخدم المرحلة, أولًا، يجب تحديد ما الضمير الوطني وما هي مصادره ومقوماته وأهدافه. الضمير الوطني هو الشعور بالانتماء والولاء والتفاني لأمة محددة أو منطقة جغرافية تتميز بعلامات وملامح إثنية، وثقافية، وسياسية، وتاريخية مشتركة. المصادر الرئيسية للضمير الوطني هي الهُوِيَّة الجماعية، والقيم الأخلاقية، والمصالح الوطنية، والرموز الوطنية، والتاريخ الوطني. المقومات الأساسية للضمير الوطني هي الوعي الوطني، والفخر الوطني، والمسؤولية الوطنية، والتضحية الوطنية. الأهداف الرئيسية للضمير الوطني هي تعزيز الوحدة الوطنية، والحفاظ على السيادة الوطنية، وتحقيق التنمية الوطنية، والمساهمة في السلام العالمي , وثانيًا، يجب تحديد ما التوافق السياسي وما هي أسبابه ومعوقاته وآلياته ونتائجه. التوافق السياسي هو حالة من الاتفاق أو التناغم أو التعايش بين القُوَى والجماعات والأفراد و السياسيين في المجتمع على مجموعة من القواعد والمبادئ والأهداف السياسية الأساسية.
أسباب التوافق السياسي تكمن في الحاجة إلى تجاوز الصراعات والخلافات السياسية التي قد تهدد الاستقرار والأمن والتنمية في المجتمع. معوقات التوافق السياسي تتمثل في الاختلافات والتنافس والتعصب السياسي بين الأطراف المختلفة في المجتمع، التي قد تنشأ من عوامل دينية، أو عرقية، أو اجتماعية، أو اقتصادية، أو أيديولوجية. آليات التوافق السياسي تشمل الحُوَار والتفاوض والتسوية والتحالف والتعاون والتشاركية والتعددية والديمقراطية في العمل السياسي. نتائج التوافق السياسي تتضمن تعزيز الديمقراطية والمشاركة والتمثيل والشفافية والمساءلة والحقوق والحريات في المجتمع، وتحسين العلاقات والتفاهم والثقة والتضامن بين الأطراف السياسية، وتحقيق الاستقرار والأمن والتنمية والرفاهية في المجتمع, ثالثًا، يجب استقراء بعض النظريات والتجارب السياسية المتعلقة بالوطنية والتوافق من مصادر فلسفية أوروبية وتاريخية. من النظريات السياسية المهمة في هذا المجال نظرية العقد الاجتماعي الذي ط الذي طور خلال التجارِب الإنسانية منذ قيام أو تحالف وطني وضمير يعبر عن آلأمم في التاريخ الإنساني هذا سؤال مهم ومعقد، ولا يوجد إجابة واحدة أو سهلة عليه لكن بصورة أشمل، يمكننا القول إن الضمير الوطني هو شعور الانتماء والتفاني والولاء لأمة محددة، وهو يتأثر بالعوامل الثقافية والسياسية والتاريخية لإنشاء ضمير وطني بواسطة توافق سياسي، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار بعض النِّقَاط التالية الثقافة السياسية: هي مجموعة القيم والمعايير السلوكية المتعلقة بالأفراد في علاقاتهم بالسلطة السياسية. وهي تظهر مدى قَبُول وثقة ومشاركة الناس في النظام السياسي والمؤسسات الحاكمة. لتعزيز الضمير الوطني، يجب أن تكون الثقافة السياسية متوافقة مع القيم والمبادئ الأساسية للأمة، وتحترم التنوع والديمقراطية وحقوق الإنسان. كما يجب أن تشجع على التعاون والحوار والتضامن بين مختلف الفئات والمجموعات الاجتماعية والثقافية وهنا علينا أن نعود الي الفلسفة السياسية هي مثل دراسة مواضيع السياسة، والحرية، والعدالة، والملكية، والحقوق، والقانون، وتطبيق السلطة للقوانين , بالمقابل وهي تطرح أسئلة, ما هي طبيعة السلطة والشرعية؟ ما هي الحقوق والحريات التي ينبغي على الحكومة حمايتها؟ ما هي شكل الحكومة الأمثل؟ ما هي واجبات المواطنين تجاه الحكومة الشرعية؟ متى يمكن الإطاحة بالحكومة بشكل قانوني؟ لإنشاء ضمير وطني بواسطة توافق سياسي، يجب أن نستند إلى الفلسفة السياسية التي توفر إطارًا نظريًا ومنهجيًا لتحليل وتقييم وتطوير النظم السياسية والقوانين والسياسات. وهناك العديد من المدارس والاتجاهات في الفلسفة السياسية، مثل الوضعية، والواقعية، والليبرالية، والاشتراكية، والماركسية، والأناركية، والنسوية، والجماعية، والموجزة، والنقدية، والبيئية، وغيرها. وكل منها يقدم رؤية وتفسير مختلف للمفاهيم والقضايا السياسية. لذلك، يجب أن نتعرف على الفلسفة السياسية التي تناسب طبيعة وتاريخ وتحديات وطموحات أمتنا، وأن نحاول توفيق بينها و الفلسفات السياسية الأخرى الذي تؤثر على العلاقات الدولية والإقليمية السوابق السياسية التاريخية هي الأحداث والظروف والعوامل التي شكلت وأثرت على تطور وتغير النظم والحركات والأحزاب والشخصيات السياسية في مختلف الأزمنة والأماكن. وهي تظهر مدى نجاح أو فشل السياسات والقرارات والإصلاحات والثورات والحروب والمعاهدات والتحالفات والانفصالات والاندماجات والانقلابات والمصالحات وغيرها من العمليات السياسية, لإنشاء ضمير وطني بواسطة توافق سياسي، يجب أن نتعلم من التجارِب السياسية التاريخية التي مرت بها أمتنا وغيرها من الأمم، وأن نستخلص منها الدروس والعبر والتوجيهات والإرشادات التي تساعدنا على تحسين وتقوية وتنمية وحماية وطننا. وهناك العديد من المصادر والمراجع التي تتناول التجارِب السياسية التاريخية، مثل الكتب والوثائقيات والمؤتمرات والندوات والورش والدورات وغيرها. وكل منها يقدم رؤية وتحليل مختلف للحقائق والأسباب والنتائج والآثار والتأثيرات والتقييمات والمقارنات والاستنتاجات والتوصيات والمقترحات والبدائل والحلول والتحديات والفرص والمخاطر والمستقبل وغيرها من الجوانب السياسية التاريخية. لذلك، يجب أن نبحث ونقرأ ونناقش وننتقد وننتقي ونستفيد من التاريخ السياسي لكي نخدم مصلحة وطننا، وأن نتجنب ونتعظ ونتحاشى من أخطاء سياسية وتاريخية التي ممكن أن تضر بوطننا, وفي أعتقادي هذه بعض النِّقَاط الأساسية التي يمكن أن تساعدنا على إنشاء ضمير وطني من طريق توافق سياسي ولكن هذا لا يكفي، فهناك أيضًا حاجة إلى العمل والجهد والتعاون والتفاهم والتسامح والاحترام والمسؤولية وبما تقتضيه واقع الحال الآن, ولكن هل يعي ساستنا والنخب وكل أهل السودان مُدَى خوجتنا لتستعيد ضميرَا يؤسس لامة متحدة مؤمنة بالتعايش السلمي مع بناء دولة القانون المؤسسات أنه ليس بحلم أو أمنيات بل ما يجب أن يكون عليه الحال.

zuhairosman9@gmail.com

 

آراء