مؤتمر تقدم وتساؤلات مشروعة

 


 

 

زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن الفارق كبير بين السياسي الحر الذي يقدم أفكار من أجل حل الأزمات في الوطن و أيضا للبناء الوطني، و بين السياسي المستلب المقيدة حريته، أن الأول الحر يستطيع أن يصل إلي قناعات جديدة في أفكاره كلما أكتشف أن هناك أفكار أفضل، لآن المقصد عنده تحقيق الأهداف التي يدعو لها. و المستلب الذي لا يستطيع أن يتفاعل من الأفكار الجديدة، لآنه لا يملك حرية الرآي، و حتى الأجندة التي ينادي لتحقيقها هي أجندة ليست من بنات أفكاره أنما هي أجندة أمليت عليه من قبل القيم عليه، و الذي يحدد له المسار الذي يسير عليه. و هذا التباين يظهر بين الإثنين كلما إزدات التحديات، و تعمقت الأزمة..
عندما وقعت " تقدم" مع ميليشيا الدعم "الاتفاق السياسي لأديس أبابا" و أثارت أسئلة عديدة بأن " تقدم" بتوقيع هذا الاتفاق أصبحت هي الجناح السياسي للميليشيا، بدأت قيادات " تقدم" تنفي ذلك؛ و قالت هو خطأ بسبب أن هذه القيادات لا تملك الخبرة الكافية السياسية التي تجعلهم يستوعبوا ردة هذا الفعل، لأنهم ناشطين سياسيين لا يدركون مسؤولية هذه الفعلة، و كان تبريرهم فطير جدا أنهم، بأنهم يقومون بوساطة و أن الميليشيا قبلت دعوتهم لذلك وقعوا مع الميليشيا و ينتظرون قبول الجيش لدعوتهم، رغم أن الوساطة أن تنتظر أن تسمع رؤية الطرفين ثم تقدم خلاصة اللقائين، هذا الفعل كان خصما عليها..
القضية الأخرى توقيع رئيس "تقدم" اتفاقين مع "الحركة الشعبية شمال " عبد العزيز الحلو بأنه رئيس "تقدم"و وقع مع "حركة تحرير السودان" مع " عبد الواحد محمد نور بأسم رئيس الوزراء السابق، و هل الوظيفة السابقة تعطيك الحق للتوقع على أي اتفاق.. الغريب في الأمر أن حمدوك ذهب للتوقيع و أغلبية قيادات " تقدم" سمعت بالتوقيع من أجهزة الإعلام، و هناك من أصدروا بيانات تؤيد الاتفاق و لكنهم يتحفظون على " تقرير المصير و العلمانية" مما يؤكد أنهم لم يجلسوا و يتفقوا على نص الاتفاق.. الأمر الذي يؤكد أن هناك جهة هي التي تحرك رئيس تقدم و تملي عليه الأجندة المطلوب تحقيقها. بل ترتب له حتى المكان و الزمان لتحقيق ذلك.. هذه تؤكد عملية الاستلاب..
كان المتوقع أن يناقش المؤتمر التأسيسي في البداية "حالة الاستلاب" التي تقع على التحالف، و يزيل حالة الاستلاب، لكن للأسف أن المؤتمر أكد تماما حالة الوصف للتحالف و التي حدثت بعد توقيع " الاتفاق السياسي لأديس أبابا" أولا الآحتفاء برئيسة الحزب الجمهوري برمزية الميليشيا " أم قرون" فالرمزية الثقافية تؤكد قوة العلاقة بين الميليشيا و تقدم، و القضية الأخرى؛ عندما تحدث ممثل الزراعيين و الذي بدأ يوضح إنتهاكات الميليشيا في الجزيرة التي تعيق العملية الزراعية هناك، بدأ حالة الهياج و المقاطعة عليه من أغلبية الحضور، و أيضا من قيادات القوى السياسية الذين اعتبروا ذلك يعد خروجا على المتفق عليه، الغريب في الأمر؛ عندما تحدث ممثل الرعاة الذي اتهم الجيش بالقص و الانتهاكات بدأت القاعة تصفق بشكل متواصل دون توقف، كيف تفهم هذه الحالة.. الحالة التي تصر قيادات "تقدم" أنها محايدة و تظهر حالات الميول و التماهي مع الميليشيا في السلوك..
أن حمدوك أصر على دعوة عبد الواحد محمد نور أو من ينوب عنه و أيضا عبد العزيز الحلو و من ينوب عنه، اعتذر عبد الواحد عن تلبية الدعوة، و وافق الحلو أن يبعث ممثلا للحركة كمراقب في المؤتمر على شرط عدم حضور ياسر عرمان.. هذا القبول خلق موقفا مناهضا من قبل ياسر، لكن كان الإشكالية أن قيادات "تقدم" كانت تحتاج لأسماء جديدة لكي تبين للناس أنها تتوسع و تتمدد، و أخطر ياسر بعدم الحضور من الجهة التي تمارس عملية الاستلاب.. لا أحد يعارضها في ذلك.. القضية الأخرى تم إعلان مشاركة الحزب الاتحادي الأصل، و هم يعلمون أن إبراهيم الميرغني لا يمثل الحزب الاتحادي الاصل، و حتى الذي كان يرأسه لم يوافق على تمثيله للحزب.. كانت فكرة أحد الصحافيين أن يتم إعلان حضور الاتحادي و سوف يسمع الإعلان العديد من الناس، لأنه سوف ينقل عبر القنوات، و النفي سوف لن يصل إلي كل الذين استمعوا للإعلان..
أن قيادات "تقدم" يجب أن تعمل كشف حساب و تقييم على تجربتها، هل كسبت قاعدة شعبية تمنحها القوة للسير في طريقها، أم إن مسارها تجاه الجماهير مايزال تواجهه العديد من التحديات، خاصة أن هناك قناعة واسعة وسط الشارع السوداني أنها ليس بعيدة عن الميليشيا.ز و تعقد "تقدم " مؤتمرها التأسيسي و تدعو له 600 مشارك و مشاركة من 30 دولة تتكفل هي بتذاكر السفر ذهابا و إيابا و إقامة و نثريات، كلها تدعوا إلي التساؤل من الجهة التي تكفلت بهذه الملايين، مع العلم أن كل الشعب السوداني يعرف أن قيادات "تقدم" أغلبيتهم يشغلون وظائف محدودة الآجر و لابد أن هناك جهة هي التي قامت بدفع التكلفة و هي التي تحدد المسار و الأجندة.. إذا هذا قول غير صائب أخرجوا المستندات التي تكذب ذلك حتى يعلم الشعب أنه عملا دون إملاءات... نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com

 

آراء