مؤتمر شركاء السودان ببرلين ومآلاته

 


 

 

 

انعقد مؤتمر شركاء السودان الاسفيري ببرلين في ٢٥ يونيو ٢٠٢٠ وان التمثيل فيه كان عاليا من مختلف الاصعدة، الأمم المتحدة ممثلة بأمينها العام (شخصياً) ووكالاتها المتخصصة بالاضافة الي الولايات المتحدة الامريكية، الاتحاد الاوروبي، الاتحاد الإفريقي، الجامعة العربية، البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، بنك التنمية الإفريقي، الصندوق العربي للتنمية، بنك التنمية الاسلامي وغيرها من مؤسسات التمويل الدولية وذلك لمساعدة السودان عبر شراكة دولية للنهوض به الي مصاف الدول المتقدمة في مجالات التنمية حتي يلعب دوره الرائد في محيطه الاقليمي العربي، الافريقي و العالمي.

ان موقع السودان الجيوسياسي الاستراتيجي علي البحر الاحمر و ارتباطه بالقارة الافريقية شرقا، غربا، شمالا وجنوبا وكحلقة وصل بين العالم العربي و الافريقي وغناه بالموارد البشرية، الزراعية، الثروة الحيوانية، المعدنية و غيرها من الموارد، كل ذلك يجعل السودان مهمًا في خارطة العلاقات الدولية و ان قيام هذا المؤتمر لاشك يعتبر نجاح من الناحية الدبلوماسية للحكومة الانتقالية بمؤسساتها الثلاثة مجلس السيادة، مجلس الوزراء، الحرية و التغيير. بدلًا من ان كان العالم يجتمع لفرض عقوبات علي السودان اصبح يجتمع لمساعدة السودان.

ان السودان خلال العقدين الاخرين مر بعدة تجارب ممثلة في عدد من مؤتمرات المانحين الدولية خاصة بعد إتفاقيات السلام، مما يشير الي ان معضلة ومشكل السودان و تخلفه عن ركب التنمية هي الحرب. مثلا مؤتمر المانحين في اوسلو لدعم اتفاقية السلام الشامل، وكذلك مؤتمر المانحين لاعمار دارفور عبر اتفاقية ابوجا لسلام دارفور، و مؤتمرات المانحين لدعم صندوق اعمار دارفور عبر اتفاقية الدوحة.

ان تلك المؤتمرات الدولية المنبثقة من اتفاقيات السلام لم تؤدي دورها المطلوب منها كاملة لعدة سباب منها عدم الشفافية من جميع الاطراف و لتاريخ السودان الحافل جدا بتلقيه القروض المالية من الدول المانحة و مؤسسات التمويل الدولية بعشرات المليارات من الدولار لكن العبرة هي كيف يتم صرف و استخدام تلك الاموال وتنفيذ المشاريع التي جاء التمويل من اجلها يمكن الرجوع الي سجلات بنك السودان ووزارة المالية وصناديق الاعمار للتحقق من ذلك.

كذلك عدم استفادة السودان من برنامج اعفاء الديون لدول العالم الثالث حيث بلغت ديونه اكثرمن ٥٠ مليار دولار و فوائد الديون الشهرية، و عدم استفادته من اتفاقية كتونو نادي باريس وكثير من الشراكات الدولية مع مؤسسات التمويل الدولية وذلك يرجع الي الاتي:

١- إرتباط تنفيذ امر القبض للمتهمين الصادر من محكمة الجنايات الدولية بموجب قرار مجلس الامن الدولي رقم ١٥٩٣ تحت البند السابع في يوم ٣١ مارس ٢٠٠٥ كشرط لاعفاء الديون وتوفير التمويل الاقتصادي الدولي عبر مؤسسات التمويل الدولية خاصة التمويل النوعي في مشاريع البني التحتية و الشركات العابرة للقارات و البنك الدولي و صندوق النقد الدولي.

جاء ذلك الشرط في مشروع أهداف التنمية المستدامة Sustainable Development Goals (SDG)الصادر من الامم المتحدة ووكالاتها المختلفة في ٢٠١٥حيث ان هناك 16 هدفًا يجب تحقيقها و لاول مرة يدخل بند العدالة كشرط قبل التمويل. حيث تم استضافة المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية فاتو بن سودا لالقاء محاضرة و حوار في المعهد الملكي لتنمية ما وراء البحار بلندن Over Seas Development Institute ( ODI ) في صيف ٢٠١٥ وذلك لاهمية ربط التمويل الدولي بشرط تنفيذ العدالة الدولية.

٢- السلام هو التحدي الثاني الذي غيابه يؤثر علي جميع التحديات التي تواجه حكومة الثورة مثال لذلك ان منبر جوبا لا يشمل جميع حركات الكفاح المسلحة و ان مسار دارفور لا يوجد فيهكل حركات الكفاح المسلح و اختصر علي عدد معين من الحركات و المحصلة عبر منبر جوبا هو سلام ناقص وايضا التمويل الدولي مربوط بتحقيق السلام العادل الشامل.

٣- التحول الديمقراطي وهو بعد العدالة و السلام لاستكمال هياكل السلطة الانتقالية مثل المجلس التشريعي و تعيين الولاة و المؤتمر الدستوري و الانتخابات وذلك ايضا مربوط ببرنام جبناء السلام من الامم المتحدة.

٤- رفع السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب لان اكبر ارهاب حول ارتكاب الابادة الجماعيه في حق الشعوب وعدم تسليم المتهمين.

دون تلك الشروط الاربعة ستظل المساعدات في اطارها الاغاثي الانساني الطاريء وليس النوعي ويمكن الرجوع الي سياسات الولايات المتحدة الامريكية و الاتحاد الاوربي تجاه السودان. اذن الحل بيد السودان و داخل السودان وليس خارجه و ذلك بتطبيق العدالة الدولية، السلام ، التحول الديمقراطي و رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب و لا يمكن تحقيق تنمية مستدامة ولا ديمقراطية مستدامة في السودان من دون تطبيق العدالة الدولية والتوصل سلام عادل وشامل.

يحي البشير ( بولاد)
لندن ٢٧ يونيو ٢٠٢٠

yhbashir@yahoo.co.uk
/////////////////

 

آراء