مئات المصريين عالقون في قاعدة سودانية من دون ماء أو طعام

 


 

 

القاهرة ـ «القدس العربي»: لم يكن سعيد يعلم أن الرحلة التي اعتاد خوضها مع أسرته من الخرطوم إلى القاهرة وتستغرق عدة ساعات، سيضطر لخوضها في 3 أيام هربا من جحيم المواجهات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع».
روى سعيد لـ «القدس العربي» كيف بدأت رحلة عودته مع زوجته وابنته من الخرطوم بحثا عن سيارة تقلهم إلى الحدود، إذ ظل وأسرته تحت القصف لأيام في ظروف صعبة من دون كهرباء أو غذاء، قبل أن يقرر أن يجمع حقائبه ويخوض تجربة العودة التي استغرقت ساعات للخروج من منطقة الاشتباكات بالقرب من المطار حيث محل سكنه.
ثم نجح في حجز أماكن لأسرته في أحد الباصات التي ارتفع سعرها لأكثر من ثلاثة أضعاف بسبب رفض سائقين الخروج في ظل الأوضاع الأمنية المتردية واستغلال آخرين الأزمة.
سعيد واحد ضمن مئات أعلنت السلطات أنهم عادوا إلى مصر عبر الإجلاء الجوي أو معبر أرقين الحدودي.

تسهيلات

وزارة النقل قالت إنها قدمت كافة التسهيلات اللازمة التي ساعدت على عبور أكثر من عشرة آلاف شخص من السودان خلال الأيام الماضية، من جنسيات مختلفة.
وفق بيان للوزارة صدر أمس الأربعاء، فإن إجمالي عدد الذين وصلوا من السودان عبر منفذ قسطل البري من مختلف الجنسيات خلال الفترة من 21 إلى 25 أبريل/نيسان الجاري بلغ 1297 شخصًا، كما وصل عدد العائدين عبر منفذ أرقين البري خلال الفترة نفسها 8897 شخصًا.
ولم يوضح البيان عدد المصريين العائدين من السودان، غير أنها أوضحت أن من بين القادمين مصريين وسودانيين وصينيين ومجريين.
واستعرض البيان التسهيلات التي تقدمها الجهات المصرية في استقبال العائدين حيث «تم فتح نقاط متقدمة من الهلال الأحمر المصري في الميناءين، وتوفير مزيد من عربات الاسعاف بالتنسيق مع الإسعاف المصري».
وأضاف «تم التنسيق مع كافة الجهات العاملة داخل الميناءين مثل الإدارة العامة لأمن الموانىء وإدارة الجوازات والجمارك وغيرها من الجهات حيث تمت زيادة العاملين في المنفذين من هذه الجهات وذلك لاستيعاب كثافة العائدين من السودان من مختلف الجنسيات لسرعة إنهاء كافة إجراءات الوصول وتقديم كافة أنواع الدعم».
كما قامت الهيئة بتدبير عدد من الاستراحات الخاصة بالعاملين الذين انضموا إلى فريق العمل الأصلي في الميناءين وتم إعفاء الأشخاص ممن لا يملكون نقودًا من رسوم الوصول، وفق البيان.
وأكدت الوزارة أنه في إطار استقبال الميناءين لعدد كبير من العائدين قامت السفارات الأجنبية في مصر بالتنسيق مع وزارة الخارجية ووزارة النقل والجهات المعنية بمصر باستقبال مواطنيهم مثل دولتي المجر والصين.

القاهرة أكدت عبور أكثر من 10 آلاف شخص عبر منفذي قسطل وأرقين

السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، قال إنه استمراراً لجهود الدولة في تنفيذ خطة إجلاء المواطنين المصريين في السودان، فإن عدد من تم إجلاؤهم حتى الآن 1539 مواطناً، وإنه جار العمل على إجلاء عدد من المصريين وعائلاتهم من أحد المطارات القريبة من الخرطوم، فور تحسن الأوضاع الأمنية هناك.
إلا أن باقي رعايا الجالية المصرية الذي يصل إلى عشرة آلاف شخص بحسب التقديرات الرسمية، نصفهم من الطلاب، ما زالوا عالقين هناك.

قاعدة وادي سيدنا

في قاعدة وادي سيدنا الجوية الواقعة شمال الخرطوم، ينتظر مئات المصريين وصول طائرات الإجلاء المصرية.
وقال أحد العالقين لـ «القدس العربي» إنه ومجموعة من زملائه توجهوا للقاعدة منذ الإثنين الماضي، في محاولة للحاق بالطائرات التي تجلي المصريين، وإن ثلاث طائرات أقلعت وأقلت سيدات فقط.
وأضاف أنه ينتظر مع عدد كبير من المصريين في المسجد الموجود في القاعدة للتسجيل في القوائم الخاصة بالطائرات.
أسر المصريين العالقين في السودان ومعظمهم من الطلاب، دشنوا مجموعات على تطبيق الواتساب للتواصل مع أبنائهم، وللتنسيق لعودتهم.
وعشرات الشكاوى تضمنتها مجموعة الواتساب التي حملت اسم «موجودن في مطار سيدنا» وسط نفاد الماء والطعام وطول فترة الانتظار.
وتحدث أحمد في رسالته على المجموعة: «ننام على الأرض ولا نجد الطعام أو الماء، آخر طعام وزع على الموجودين في المطار كان جبنا وعيشا، والقوات الموجودة في المطار وزعت الطعام على من كانوا مستيقظين فقط، في وقت كان معظم الموجودين نائمين بسبب التعب».
إلى جانب العودة من السودان، طفت على السطح أزمة مستقبل الطلاب المصريين هناك، الذين يقدر عددهم بخمسة آلاف طالب، حسب تصريحات لوزيرة الهجرة المصرية وشؤون المصريين في الخارج، سها جندي.
ويلجأ طلاب مصريون إلى الالتحاق بالجامعات السودانية، بسبب نظام التنسيق في مصر الذي يحدد عدد درجات معينة على الطالب تحقيقها للالتحاق بالكليات، فبعض الطلاب يرغبون في الالتحاق بما تعرف بكليات القمة الطب والهندسة والصيدلة، ولا يسمح لهم مجموع الدرجات التي حصلوا عليها بالالتحاق بالكلية في مصر فيلجأون إلى السفر إلى السودان لإتمام دراستهم الجامعية.

أزمة الطلاب

ودشن أهالي الطلاب مجموعات على تطبيق الواتساب تحت اسم «الإجلاء والتحويل إلى مصر» نشروا عليها استغاثات ومخاوف على مستقبل أبنائهم، خاصة بعد أن قضى بعضهم سنوات في الدراسة في السودان.
الأزمة وصلت أروقة البرلمان، ودفعت النائب عبد العليم داوود رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد، إلى التقدم بطلب إحاطة، بشأن «حالة الخوف والرعب التي تنتاب الأسر المصرية بسبب ضبابية المشهد في السودان والمصير المجهول لمستقبل أولادهم التعليمي في الجامعات السودانية».
ولفت في طلب الإحاطة إلى «عدم وجود رؤية واضحة ومطمئنة حتى الآن لوازرة التعليم العالي بشأن مستقبل الطلاب في السودان ما يستلزم التدخل الفوري والعاجل لعدم ضياع عام جامعي عليهم ولضمان مستقبلهم وحفاظا على الأسر المصرية التي أنفقت آلاف الدولارات حفاظا على مستقبل أولادهم».
أما النائب هشام الجاهل فقال: «لا يخفى على أحد ما يمر به السودان الشقيق من ظروف عصيبة لا سيما الحرب وتدمير البنية التحتية وصعوبة المعيشة وما لهذا من تأثير واضح على الطلاب في الجامعات وعلى مستقبلهم العلمي والدراسي نظرا لتوقف الحياة في السودان».
وأضاف : «ورد الكثير من الاستغاثات من الطلاب المصريين في الجامعات السودانية بشأن توقف الدراسة وتأثيرها على المراحل الدراسية وعلى مستقبلهم العلمي، حيث يوجد الآلاف من الطلاب المصريين الذين يلتحقون ويدرسون في الكليات هناك وتأثروا بظروف الحرب وتوقفت حياتهم الدراسية في السودان».
واقترح إتاحة فرصة التحويل للطلاب المصريين الدارسين في الخارج إلى الكليات والتخصص نفسه داخل مصر.
كذلك قدم النائب أحمد إدريس عضو مجلس النواب طلب إحاطة إلى المستشار حنفي جبالي رئيس المجلس موجها إلى وزراء التعليم العالي والهجرة وشؤون المصريين في الخارج، أكد فيه أن «هناك حوالى 5 آلاف طالب مصري يواجهون مستقبلامجهولا حول كيفية استكمال دراستهم الجامعية، وذلك فى ظل التطورات الراهنة فى السودان مما يُشكل صعوبة العودة إلى الجامعات مرة أخرى، علاوة على ذلك، فإن الوضع معقد لعدد كبير من الطلاب الذين لم يتمكنوا من الحصول على أوراق رسمية تُفيد بأنهم مقيدون فى جامعات سودانية، كما أنه لا توجد معالجة واضحة لمصير دراستهم، خاصة أن هناك احتمالية بعدم القدرة على استكمال الدراسة عبر الإنترنت بسبب الوضع الجاري في السودان، كذلك فإن هناك حالة من عدم اليقين حول ما إذا كان الحل هو اللجوء إلى معادلة الشهادات الجامعية أم أن عليهم استكمال الدراسة في جامعات مصرية».
وطالب وزارتي التعليم العالي والهجرة وشؤون المصريين في الخارج بـ «التنسيق العاجل فيما بينهما لوضع استراتيجية حاسمة لمصير هؤلاء الطلاب، ووضع كافة الحلول التي من شأنها الحرص على مصلحتهم على أن يحال طلب الإحاطة إلى اللجنة المختصة في المجلس للمناقشة نظرا لأهمية الموضوع».

«عشان سوداننا»: مبادرة تطوعية لمساعدة الهاربين إلى مصر

دشن مواطنون سودانيون ومصريون مبادرة تحمل اسم «عشان سوداننا» لمساعدة السودانيين القادمين إلى مصر.
وعرّف المواطنون أنفسهم في بيان تدشين المبادرة، بأنهم مجموعة من الشباب المتطوعين في مصر لمساعدة السودانيين الذين وصلوا مصر عن طريق معبر أرقين البري الحدودي.
وحسب بيان المبادرة «المتطوعون يولون أهمية للسودانيين الذين يزورون مصر للمرة الأولى، ولا يعرفون كيف يوفرون مسكنا لهم».
وأوضحوا أنهم سيوفرون للسودانيين معلومات عن السكن والعلاج والدراسة في مصر.
ونشروا أرقام هواتف لمتطوعين في محافظة أسوان جنوب مصر، وعدد من أحياء القاهرة.
////////////////////////////

 

آراء