ما بين دكتور عبد الله الربيعة ودكتور حسين أبو صالح … بقلم: سارة عيسى

 


 

 

     تابعت في قناة الجزيرة مباشر عملية فصل التؤامين السيامين ، الطبيب الذي أجرى العملية هو الدكتور السعودي عبد الله الربيعة ، فهو يشغل منصب وزير الصحة  في السعودية ، لكن ذلك لم يلهه عن القيام بالعمل الإنساني ، فدكتور الربيعة يمثل نموذجاً للطبيب المثالي ، فنحن نرى فيه وقار العلم والمثابرة ، حتى المنصب الحساس لن يجعلك تشعر أن هذا الطبيب قد خرج عن طوره .

    لكن ما علاقة ذلك بالشأن السوداني ؟؟ ، العلاقة هي زعمنا بأننا شعب متميز في مجال التعليم  وبالذات في مجال الطب ، ربما يكون ذلك صحيحاً من الناحية النظرية ، لكن الواقع العملي  يقول غير ذلك ، فأطباؤنا تركوا دنيا الطب وبحثوا عن ذاتهم في مجال السياسة ، الدكتور علي الحاج محمد ، الدكتور عبد الحليم إسماعيل المتعافي ، المرحوم دكتور مجذوب الخليفة ، وغيرهم ، فقد قفز أطباء الحركة الإسلامية على أسنمة المناصب السياسية ، وهذا لا بأس به  إن كان لذلك حدود ، لكن بعضهم دخل الأجهزة الأمنية ومارس السحل والقتل والتعذيب كما يفعل صغار رجال المخابرات  ، فقد تحولوا إلى ما يشبه ظاهرة دكتور  هانيبال لكترز ، حيث مارس الطبيب الماهر في الجراحة هواية أكل لحوم البشر ، وأول شهيد قتلته الإنقاذ هو الدكتور علي فضل ، والشركاء في الجريمة هم من زملاء المهنة . بل بعضهم زوّر التقارير الطبية مؤكداً أن الملاريا هي التي فتكت بالدكتور علي فضل ، ولذلك ليس غريباً أن تزوّر الإنقاذ الإنتخابات ، فالتزوير في ثقافة هذا النظام هو أحد أركان التمكين .

    أما الحالة الغريبة في الأطباء السودانيين هو الدكتور حسين سليمان أبو صالح ، فالرجل خرج من عباءة الحزب الإتحادي الديمقراطي الاصل ليلتحق بمنصب وزير الخارجية في أول حكومة شكلتها الإنقاذ ، وقد ورد إسمه في محاكمات ضباط 28 رمضان ، ولا أعلم حجم الدور الذي لعبه في تلك المحاكمة لكن النهاية كانت مقتل 28  فرداً هم  من خيرة ضباط  قواتنا المسلحة ، صحيح أن الدكتور حسين أبو صالح يتملكه الغضب حتى ولو أنتقد أي إنسان الرئيس البشير ، فهو يراه مثلاً للوطنية الشريفة ، والسبب في ذلك بسيط وهو  لأن المشير البشير في السلطة ، فثلاثة من عائلة أبو صالح يشغلون مناصب رفيعة في الخارجية السودانية ، وحتى دكتور ابو صالح يبحث له عن دور مرتقب ،  فكل من يدافعون عن الرئيس البشير هم في حقيقة الأمر يدافعون عن مصالحهم الشخصية ، ولا أنسى كيف رمت الإنقاذ في الشارع الدكتور حسين أبو صالح عندما أستبدلته بالأستاذ/علي عثمان محمد طه ، لكن الدكتور حسين أبو صالح لم ينسى الجميل في زمن كثر فيه الغدر وأنعدم فيه الوفاء ، وقد أسس الدكتور حسين أبو صالح حزب وادي النيل ، وهو حزب لم تتجاوز عضويته الخمسة أشخاص من بينهم موظفة التذاكر في العيادة ، وفي العادة تكرر مشهد رؤية الدكتور حسين أبو صالح في المظاهرات التي حركها حزب المؤتمر ضد مذكرة أوكامبو ، فهو من الذين كانوا يهتفون بإسم الرئيس  ، كنت أتمنى أن أرى الدكتور حسين أبو صالح وهو يجري عملية مخ حساسة  لأحد المرضى الفقراء ، وتكون الجزيرة مباشر هي الناقل  للحدث ، كنت سوف أهديه رسالة جوال نصية تظهر في شريط القناة ، ودعاء صادق من المريض الذي كان يكابد الألم ، لكن علي ما يبدو أن هتاف سير ... سير ...يا بشير لم يترك مكاناً للمبضع  والمشرط ،  فالهتاف اسهل من مراوغة المشرط ، عندما يتحول العالم إلى بائع هتافات  رخيصة يموت العلم ويسود النفاق  ، الله يحفظك يا دكتور الربيعة ،مثلاً للإنسانية ، ومن أحيا نفساً فكانما أحيا الناس جميعاً  ، وكما قال الحطيئة :

من يصنع  المعروف لا يعدم جوازيه  ....ولا يذهب العرف بين الله والناس

سارة عيسي

 

sara issa [sara_issa_1@yahoo.com]

 

آراء