متى يصبح للولاة برنامج عمل مطابق للمشكلات؟

 


 

جعفر حسين
17 June, 2015

 


تتعاقب الحكومات وتتغير الوجوه وتتبدل المواقف ولكن مشكلات المواطن السوداني في الولايات والأرياف تظل تراوح مكانها بلا تغيير ، فمنذ سنوات ظلت ولايات دارفور تشكو إنعدام الأمن وتفشّي النهب المسلح ،وولايات الوسط تعاني الأمرين من تردي المشاريع الزراعية وضعف الانتاجية وتفشي معوقات الإنتاج الزراعي ، وبقيت الخرطوم على حالها تشكو من نقص خدمات الصحة والتعليم والمواصلات فضلاً عن ارتفاع الإيجارات وإرتفاع معدّلات العطالة وتراجع دخل الفرد .. وفي ولايات الشمال ما زالت المطالب هي ذات المطالب ومنذ عقود من الزمان، وكأنّي أسمع الشاعر حمّيد وهو يردّد بلسان سكان الولاية في الزمن السابق وهم يهتفون: دايرين بوستة ومدرسة وسطى.
والسبب في بقاء هذه المشكلات كل هذه السنوات الطويلة هو أن حكام الولايات يفتقرون إلى البرنامج السياسي والتنفيذي الذي يعتمدون على تطبيقه ويتحملون مسؤولية السلطة ويقعون فريسة للمشكلات القائمة ويفقدون زمام المبادرة، وتقودهم المشكلات الإدارية المتعددة ويغرقون في بحر متلاطم من المعوقات الإدارية المتراكمة. كنت أتمنى ان يتم تعيين الولاة على أساس البرنامج الإنتخابي او الإداري بحيث يكون البرنامج مطابقاً لمطالب سكان الولاية والمشكلات التي تواجههم.
إن الواقع الإداري الحالي يفرز سلبيات ومفارقات لا يصدقها العقل، وعلى سبيل المثال، نحن ابناء مناطق فتوار- الجول والسليمانية و هي قرى تقع على الضفة الغربية للنيل شمال غرب مدينة بربر. وهي قرى عريقة لها جذور ضاربة في تاريخ السودان،اشتهرت هذه المناطق بإنتاجها الزراعي الوفير ، وفوق ذلك مشهود لها بالمواقف المشرفة، لم تبخل على الوطن بشيء، عمل ابناؤها في القوات المسلحة والشرطة منذ زمن بعيد وقدمت للوطن فلذات أكبادها ،منهم من استشهد وهو يؤدي واجبه الوطني في حروب جنوب السودان و شرقه.
هذه المناطق عانت ولفترات ليست بالقصيرة من ظلم الحكومات المتعاقبة على الولاية وحُرِمَت من أهم مقومات الحياة من كهرباء ومياه وتعليم وصحة، ورغم ذلك صبر أهلها وجاهدوا في تعليم ابناءهم وعانوا من أجل الحصول على خدمات العلاج من مناطق نائية وهم أحق بهذه الخدمات.
كنا في زمان مضى نرى أن هذه هي طبيعة حياة أهل القرى، حيث أغلب قرى السودان تعيش في ظلام ولاحاجة لها للكهرباء ، اضافة الى تركيز الخدمات على المدن والمدن الكبيرة فقط . لكن نحن الآن في القرن الواحد والعشرون، في عصر التكنولوجيا وثورة الاتصالات والمواصلات التي اجتاحت كل العالم ، وخدمات الكهرباء والمياه عمت كل الحضر والبوادي، واصبحت الكهرباء إلى جوار المياه تشكل عصب الحياة.
فأهل المنطقة يعتمدون بشكل رئيسي على الزراعة وهذه تحتاج للكهرباء، ومازال أهلنا في ظل غياب الطاقة الكهربائية يستخدمون طرقاً بدائية في الزراعة والحصاد. نتيجة ذلك تدهورت المشاريع الزراعية وتدنى الإنتاج، بل هجر بعضهم الزراعة.
والأمر العجيب أن خدمة الكهرباء تخطّتنا الى مناطق مجاورة ولاندري ما سبب ذلك !؟ وتملكت الحيرة اهل المنطقة في معرفة أسباب هذا التخطي ،وهل سببه الإهمال أم التقصير من قبل المسؤولين، وللأسف بعض الولاة هم من أبناء الولاية نفسها كنّا نحسبهم من ذوي القربي، ولكن "ظلم ذوي القربى أشدُّ مضاضة - على المرء من وقع الحُسّام المهنّد". لذلك نحن نرى أن تجربة تعيين والياً من أهل الولاية لم تكن موفقة.
والجدير بالذكر ان هذه المناطق في الآونة الآخيرة اصبحت مرتعاً خصباً لشركات التنقيب عن المعادن وثبت عملياً أنها تذخر بثروات معدنية هائلة كالذهب وأخواته ،إلا اننا لم نجني ثمار هذه الثروات ولم نرَ عائداً من ورائها ،لاكهرباء ولاصحة، بل اصبح التنقيب وبالاً على أهلنا بتفشي بعض الأمراض.
وقد استبشرنا خيراً بمقدم الوالي البلّه تزامناً مع توقيع عقد تمويل مشروع كهرباء مناطق فتوار-الجول والسليمانية قبل أيام قلائل.
ونتمنى ان يتم على يده اكتمال هذا المشروع الذي انتظرناه طويلاً (ولقد هرمنا حتى نرى هذه اللحظة) ،وكذلك مشروع طريق النيل الغربي الذي يربط مناطق الضفة الغربية للولاية بالعاصمة الخرطوم/ام درمان وخاصة انه تم تنفيذ 28 كلم من الطريق.
ونسأل الله ان يوفقه في خدمة أهلنا في الولاية وهي ولاية واعدة ومتنوعة الموارد وبها إنسان يتحلى بالصبر والمثابرة بحكم عمله في الزراعة، وان شاءالله سيجد منا كل الدعم والمؤازرة.
ختاماً نرحب بتعيين السيد/ علي حامد البلّه والياً على الولاية الواعدة والمعطاءة ولاية نهر النيل ، ولا غرابة أنه من النيل الأبيض فهو رافد رئيسي لنهر النيل وكذلك نحسبه رافداً لأهل الولاية البسطاء. ونأمل أن يعمل على حل مشكلتنا هذه لأنها مظلمة حقيقية لا يبررها منطق ولا يقبلها لنا الوالي الجديد بلا شك.
والله الموفق،،
جعفر حسين
 
talabmakki@gmail.com
/////////////

 

آراء