غني عن القول أن السلام كان من شعارات هذه الثورة المباركة ، خطته في مقدمة ميثاقها العملي لحكومتها الانتقالية ، على ضوء ذلك بدأت الحكومة وقواها الثورية في اتخاذ خطوات عملية ، منها لقاءات مع قادة الحركات المسلحة ، ومنها قرارات عملية كاسقاط التهم والافراج عن أعداد من أسرى تلك الحركات ، ومنها تشكيل مفوضية السلام وتحديد موعد لبداية اجتماعات الحكومة الانتقالية مع الفصائل العاملة للسلاح بمدينة جوبا ، وقد جاءت الأنباء بأن الرئيس سلفا كير رئيس دولة جنوب السودان وزع رقاع الدعوة لحضور مؤتمر السلام للأطراف بجانب ممثل الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوربي و منظمة الايقاد و دول الجوار ، إلى هنا وخطوات الحكومة الانتقالية تمضي وفق المسارات التى وضعتها الثورة في ميثاقها الدستوري ، غير أن السؤال الذي ظل يشغلني ، هل الوصول إلى سلام يعني فقط المحادثات مع الحركات الحاملة للسلاح ؟ في تقديري هنالك خطوات في غاية الأهمية كان من الممكن على حكومة الثورة الشروع في أنفاذها لولا المماحكات والبطء الذي صحب تشكيل لجنة التحقيق وتعين النائب العام ، على سبيل المثال فإن الشروع في التحقيقات حول جرائم الإبادة والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبها النظام السابق ، وتقديم الجناة إلى محاكمات عادلة ، لم تكن بحاجة إلى إذن من اي جهة خاصة واغلب االمشتبه بهم هم الآن في قبضة العدالة ، بنفس القدر كان من المهم التواصل المباشر مع النازحين في معسكراتهم ، والوقوف على ما يمنع عودتهم ، ومن ثم والشروع في إعداد العدة لإعادة توطينهم ، فضلا عن ذلك النظر في دراسة الخطط اللازمة للعودة إلى نظام الحكم الإقليمي الذي جوزت الوثيقة الدستورية النظر في العودة إليه ، كل هذه المهام كان يمكن للحكومة ممثلة في مجلسي السيادة والوزراء وقوى الحرية والتغير أن ينجزوا فيها مراحل متقدمة ، تبث في روع المعنيين بملف السلام روح الأمل ، وجدية الثورة وإرادتها القاصدة نحو السلام ، عموما كيفما يكون عليه الحال الآن ، أرى من الضروري أن يكون للحكومة مسار مواز لمسار المحادثات التى سوف تبدأ مطلع الأسبوع ، تشرع من خلاله في وضع المهام المذكورة موضع التنفيذ ، خاصة وقد فرجت معضلة تعين النائب العام بحمد الله .