جرعة موية للجنرال
الجنرال، أكبر شخصية عسكرية في جيش نادوس جالس فوق مكتبه الفخيم، أكتافه تنوء بعلامات النسور و النجوم و السيوف المتقاطعة ذات اللون الذهبي البراق فوق قاعدتها الخضراء، صدره مثقل بالأوسمة و النياشين و الميداليات التي يعلقها بلا إستحقاق إذ ان المعركة الوحيدة التي خاضها كانت في التمرين الختامي لضرب النار قبل تخرجه من الكلية الحربية منذ أربعين سنة.
الجنرال يتلاعب بأزرار جهاز التحكم فتتبعه قنوات التلفاز على شاشة البلازما العريضة التي تتصدر الحائط المقابل، حرك كرسيه الدوار ذات اليمين مرة وذات الشمال مرة، تنحنح ثم علا صوته بكلمة واحدة: موية.
بعد ثلاثين ثانية دخل نائبه، حياه وهو يقف مشدود القامة و بخطوات واثقة فتح الثلاجة وأخرج قارورة ماء بلاستيكية عبوة نصف لتر، أزال غطاءها ثم صب نصفها في الكوب الزجاجي، أعاد الغطاء ووضعها بجانب الكوب، تمتم: تفضل سعادتك، حيا وانصرف، الجنرال لا يزال يجوس خلال قنوات التلفاز بعصبية ظاهرة، اللواء من مكتبه ملأ كوبا من ثلاجة صغيرة حمله لمكتب المشير حياه ووضع الكوب وهويتمتم: تفضل سعادتك، العميد وجه طاقم مكتبه بتوريد اثنين ثلاجة 18 قدم، تم وضع إحداها في البوفيه الخاص بمكتب الجنرال، والثانية للشقة التي يستأجرها العميد لزوجته السرية، العقيد وجه طاقم مكتبه بالتعاقد مع شركة حفريات لحفر بئرين فتعاقدوا علي حفر ثلاثة آبار، احداها جوار مكتب الجنرال و الثانية في مزرعة يملكها العقيد و الثالثة لم يحفروها، استلموا تكلفة حفرها و اقتسموها بينهم، المقدم ذهب لوزارة التعليم العالي فتحصل على التصديق بمنحة دراسية لشقيق زوجته للسفر الى اوكرانيا لتحضير الماجستير في تقنيات استخلاص المياه من حقول البترول، الرائد ذهب لوزارة الري لأعداد تقرير عن خططها لتحقيق الأمن المائي للعشر سنوات المقبلة، النقيب ذهب لهيئة الارصاد الجوية لمعرفة اتجاهات الرياح في المحيط الهندي و احتمالات المطر شمال خط الاستواء للخريف المقبل، الملازم أول اصدر اوامره باغلاق مواسير الماء التي تزود سكنات الجنود وان يكون استخدام المياه لرتبة الملازم باستخدام سر الليل و البطاقة العسكرية، الملازم جمع بقية القوات في الإدارة وامهم لصلاة الاستسقاء.
oahassan.1963@gmail.com