مشروع مصري رائد في الاصلاح الاجتماعي: نوادي أو معاهد أطفال الشوارع

 


 

 

 


فلتكن البداية من نهاية المشروع و التي يجسدها الحوار التالي عندما كان أحد الرواد (ضابط خدمة إجتماعية) يهم بركوب الترام و إذا بصبي ينزل منه و يحيي الرائد مبتسماً و يسير لحال سبيله و إذا واحد من الركاب وقد لا يعرف الرائد و لا الرائد يعرفه يقول:
الراكب:حضرتك تعرف هذا الصبي؟
الرائد: نعم
الراكب:من أين عرفته؟
الرائد:هو عضو في نادي كوبري الليمون
الراكب:برافو
الرائد:لماذا؟
الراكب:أتعرف كوبري الليمون هذا؟
الرائد:نعم
الراكب:هل يصرح لي أن أزوره؟
الرائد:بالطبع
الراكب:أين مكانه؟
الرائد:ناد لأطفال الشعب
الراكب: برافو
الرائد: لماذا كل هذا؟ (وقد ثار فيه حب الاستطلاع)
الراكب:هذا الصبي الذي رأيته ركب الترام في المحطة الفلانية، فحضر الكمساري مهرولاً و يقول له إنزل يا ولد ،إنزل يا ولد، فما كان من الصبي إلا أن قال له " أنا عضو في نادي كوبري الليمون، و هاك تذكرة عضويتي، و نحن أعضاء نادي كوبري الليمون لا نركب الترام سرقة أو خديعة، نحن نسير علي الأقدام إن لم يكن عندنا ما ندفعه أجرة لركوب الترام و نركب عندما نستطيع أن ندفع-هاك ثمانية مليمات فأعطني تذكرة، ثم جلس علي المقعد و أعجبتُ لهذا التصرف وددت لو أعرف كوبري الليمون هذا، فما هو وماذا يصنع؟ وكان الترام قد وقف فحي الراكب ونزل.
قصة نجاح في تغيير سلوك و في تربية أطفال الشوارع أو الشماشة يجسدها الحوار السابق، كان هذا في مدينة القاهرة في أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي عندما عزم مجموعة من المصريين المصلحين بقيادة د. يعقوب فام و هو عالم نفس و مربي علي إحداث تغيير صغير في مصر- ناقشوا المشاكل التي تواجه مصر حينها، مثل التعليم و الأمية و الفقر و المشردين أو أطفال الشوارع و قد إستقر رأيهم بعد نقاش طويل علي العمل في مشكلة الأولاد المشردين و نعرفهم هنا بذات الأسماء و السلوك و الصفات.
بعد قراءتي للتجربة كما صاغها المؤلف في كتابه الذي أسماه" أطفالنا كيف نسوسهم؟" صادر عن سلسلة كتاب الهلال الشهرية. لم أجد الوصف ينطبق علي هؤلاء الأطفال فهم يعيشون مع أسرهم و لكنهم يقضون جل و قتهم في الشوارع و الميادين، وكما وصفهم فهم متسخي الملابس و الأجساد، ثيابهم بالية و تمتلئ بالقمل.وتنتشر بينهم الأمراض الجلدية مثل البهاق و القوب و سؤ التغذية.
يتسم أسلوب الكاتب بالاسهاب كما أن تركيب الجمل فيه كثير من الاختلال فقد تحتاج للرجوع مجدداً لمعرفة مقصده- فهو لا يستخدم الاسلوب المباشر بالرغم من أنه عالم في التربية و النفس ! كان في وسع المؤلف أن يصيغ كتابه في شكل يحث علمي أو دراسة كما وصفها هو ! و كما حدد الهدف من مشروعهم في دراسة أحوال أطفال الشوارع أو أطفال الشعب كما يسميهم أحياناً !
قدم للكتاب د. طه حسين وهو أيضاً مصلح كبير و لم يخفي إعجابه بالكتاب الذي يعكس هذه التجربة في وقت مبكر من القرن الماضي .يُحمد لطه حسين رسمه لسياسات التعليم المجاني في مصر.
من الواضح بأن التجربة كانت ناجحة وفقاً لما ذكر المؤلف من بعض قصص النجاح و جاءت أولاها في مقدمة المقال هذا- حيث تغير الأطفال للأفضل إذ أخذوا بعاطفة إنسانية كبيرة و رحمة كما تم تخير العاملين من المتعلمين و المثقفين ، خاصة الرواد وكان أحدهم محاوراً لراكب الترام أو الشاهد !
تتوفر في هذه النوادي الألعاب الرياضية و تدريب في بعض المهن مثل صناعة الصابون و ممارسة شئ من الهوايات ، كما تتوفر الحمامات و ملابس الرياضة و معداتها.في مساحة تتراوح بين 1500متر مربع إلي 2000متر مربع.
يتم إستقبال الأطفال مساءً - حيث تم تشغيل بعضهم في المصانع و الشركات مع متابعة دقيقة . يمكن تشغيل النادي في ورديات عندما ينتهي صغار السن يأتي بعدهم الأكبر سناً و الشباب ثم كبار السن لاستخدامه كنادِ معتاد.
تجربة جديرة بالدراسة و التطبيق و نحن في حاجة إليها لاستيعاب الشباب -فما أكثر النوادي الخالية و مراكز الشباب المهجورة و المساجد التي تغلق منذ الثامنة!لانحتاج لاعادة نظر في أولوياتنا و إستغلال ما يتوفر من إمكانات بشكل إقتصادي. كما يمكن توفير هذه الخدمة للبنات فهن يعانين في صمت و يأس.
من الامكانيات المعطلة: قصر الشباب و الأطفال بأمدرمان، مدرسة المؤتمر، مدرسة وادي سيدنا الثانوية – في الخرطوم تمت الاستفادة من مدرسة الأساس لبناء برج البركة و بنيت المدرسة بشكل أفضل في موقع مناسب ببري. من الممكن وضع هذه المواقع و غيرها للاستثمار و إستغلال عائدها لتدريب الشباب و الخريجين.


a.zain51@googlemail.com

 

آراء