معركة حماية الديموقراطية في ولايات أميركا المتحدات ومقاربة بين معركة حماية الديموقراطية في السودان

 


 

 

لم يكن في وسع أكثر الناس خيالاً أن يتوقع جلوس شخص علي مقعد الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية مثل ترمب ! ففي مثل هذا اليوم من العام الماضي (6 يناير 2021) سعي ترمب علي تغيير نتيجة الانتخابات التي سبقه فيها بايدن بفارق كبير في الأصوات و حاول تعطيل إعلان نتيجتها في الوقت المحدد وذلك بالطعن في صحة الانتخابات في أكثر من ولاية. وفي نهاية الأمر حاول أن يقنع نائبه بعدم إجازة نتيجة الانتخابات، بل أرسل أتباعه إلي مبني الكونقرس لانجاح مساعيه و لكن لم يقف نائبه مايك بنس معه في هذه المؤامرة و أُعلنت النتيجة في وقتها و بالطبع كان الرجل العاقل بايدن هو الفائز و تم الاحتفال به رئيساً لذلك البلد العظيم.قصة معروفة لكثير من الناس، نعيدها للعبرة و الاعتبار.
ولكن مما يحير العقول ، كيف تمكن ترمب من الفوز في إنتخابات الرئاسة؟ لا أحد يملك الاجابة القاطعة، و لكنها في تقديري تتلخص في عدد من الحقائق، أولاها : الصدفة و الاستهانة بالمرشح ترمب في مقابل بعض المرشحين المؤسسياتينInstitutional))، أي المرشحين الحزبيين المعروفين ، أمثال:رومني، تيد كروز، بوش...إلخ.
وهنا في السودان جاء البرهان بصدفة دفعت به إلي رئاسة مجلس السيادة وهو خلو من أية قيم و يكذب باستمرار تماماً مثل ترمب- والاخير ما زال يكذب في صحة الانتخابات وقد وصف الرئيس بايدن أكاذيب ترمب بأنها " شبكة من الأكاذيب" وقد بدأ يكذب حتي قبل الانتخابات في أكتوبر من عام 2016 وذلك إستباقاً ليقينه من أنه لن يفوز! وبذلك يمهد "ألم أقل لكم إنها سيتم تزويرها؟"
يمكن تشبيه صعود ترمب إلي سدة الرئاسة بما فعله هتلر، فقد جاء منتخباً و من بعد إنقلب علي الديموقراطية.
أما البرهان فقد سعي لترسيخ حكمه ،مدفوعاً بحلم أبيه بانقلاب مهد له بأساليب سبق أن لجأ إليها السيسي في مصر. الترويع و التخويف وبمذبحة القيادة، أغلاق طريق الشرق و الميناء، بث الفوضي و دعوة مناصريه لاعتصام القصر ، لمنحه التفويض الذي سعي إليه و أخيراً أقدم علي خطوته بعزل حمدوك و حل الحكومة. و ما زال يسعي للتشبث بالحكم و هو غير مؤهل له.
في الولايات المتحدة إعلام قوي و رجال ونساء أقوياء يواجهون الأكاذيب بشجاعة و جرأة مع مؤسسات راسخة،القضاء و الكونقرس الذي أقدم علي تكوين لجنة للتحقيق في أحداث 6 يناير وقد توصلت تلك اللجنة إلي إدانة أكثر من 700 متهم و زجت بهم في السجون ولما يمضي عام علي تكوينها. و سنشهد قريباً مثول ترمب أمام المحاكم في أميركا لادانته في جرائم لا حصر لها.أما هنا وبتحكم البرهان و نائبه في كل شؤؤن البلاد، قد لا نري محاكم ناجزة لاجرامهما و زمرتهم.
هنالك في أميركا يحاسبون ترمب علي جلوسه أمام شاشة التلفاز و هويشهد الفوضي و لا يفعل شيئاً لايقافها.إنهم يسجلون كل شئ و سيجدون الشهود علي إدانة ترمب.
هنا في السودان نجد إعترافاً ضمنياً بحديث الكباشي "حدث ما حدث" و حديث البعض عن جلوس القيادة في القيادة و هم يستمتعونبمحرقة و مذبحة ميدان القيادة. تم تعيل لجنة التحقيق و قد لا نري نتائجها قريباً.
بالمقارنة مع أميركا ،فهي تمتلك المؤسسات الراسخة والقوية يقوم عليها رجال ونساء أقوياء-مع الفصل الكامل بين تلك المؤسسات: القضاء، الكونقريس و أجهزة الأمن، إضافة للاعلام القوي و المسؤول ومن عجب فهو إعلام غير حكومي و لا تتحكم فيه الحكومة الأمريكية.أماهنا فلا توجد لدينا مؤسسات و يركد(من ركد الدجاج علي بيضه، بمعني الكنكشة) فيها ضعفاء غير مؤهلين تنقصهم الشجاعة. ولكننا نملك شباباً واعياً ،شجاعاً ومنازلاً-أمامهم المستقبل ليضعوا أسساً للحكم الرشيد و ليجلسوا علي مؤسسات قوية سلاحها العلم و المعرفة. نراهم يدافعون عن الحرية و الديموقراية باجسامهم العارية !
الديموقراطية الراسخة تستطيع تعديل مسارها و إصلاحه. لقد كانت معركة الولايات المتحدة مع الحقيقة و" لحماية روح أميركا" كما وصفها بايدن ! وهنا في السودان معركتنا أيضاً للحقيقة و لترسيخ الحرية و الديموقراطية.
من مهام الرئيس كما قال بايدن "علي الرئيس أن يوحد البلاد و الجماهير، لا أن يفرقها " أما هنا يقوم رئيس الصدفة يتفريق الشعب و قتله و لا يجد محاسبة، بل يجد من يدعمه! و يتجلي إرث الانقاذ كله في البرهان و من خلفه.في الكذب و تحري الكذب، أنانية و نرجسية ،غش و خداع وكل ما يخالف الفطرة السليمة.
لذلك ليس أمام أهل السودان غير إزاحة البرهان و التخلص من كل آثار الانقاذ لبناء نظام للحكم رشيد ، ديموقراطي، يحقق آمال الشعب و شبابه في مستقبل زاهر و مشرق، تسود فيه العدالة و المساواة و كل القيم الجميلة.
قد يقول أحدهم تلك مقارنة ظالمة ولكن علينا الاقتداء بالأفضل و الأمثل، إن أردنا النهضة و التقدم.

a.zain51@googlemail.com

 

آراء