هناك فرق
*"الإقلال من الضار خير من الإكثار من النافع" .. أبو قراط!*
النائب البرلماني المثير للجدل والخيبة والإحباط يسخر ـ في آخر حواراته الصحفية المقلقة لمنام الحضارات! ـ من أنبل حملات التوعية لمحاربة أخطر العادات الضارة (ختان الإناث) .. أولاً من أين أتي هؤلاء (مطلقاً) ؟! ..
ثانياً من أين تستمد تصريحات أمثال هؤلاء تلك الثقة وذلك الإطمئنان المحير؟!
.. هل أصبح السودان مثل سيراليون التي يتحكم المؤيدون لختان الإناث فيها بخط سير الانتخابات وقرارات الحكومة ..؟!
**
لا حول ولا قوة إلا بالله .. اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا! .. لا توجد آية صريحة واحدة في كتاب الله يستدل منها على وجوب ختان الإناث، والفقهاء الذين قالوا بوجوب ختان السنة للإناث استدلوا بقوله تعالى (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين)، باعتبار أن الختان من ملة إبراهيم الذي ثبت أنه خُتن !..
وهو ـ كما ترى ـ استدلال (مُتكلَّف)، فجل محاجَّة إبراهيم مع قومه ـ والتي ذكرتها آيات القرآن الكريم ـ كانت في شأن التوحيد، ولم تشمل تلك الآيات أحكاماً جزئية كحكم الختان ! ..
كلما حل اليوم العالمي لمحاربة ختان الإناث أكد التمثيل الرسمي للسودان على استمرار جهوده لقطع دابر هذه العادة، لكنها ما تزال تمارس جداً على نحو غير شرعي وبمختلف درجات الممارستة ومسمياتها .. سبعون مليون امراة في سبع وعشرين دولة معظمها إفريقية ـ من بينها السودان طبعاً! ـ تعرضن للختان، وتتعرض غيرهن لذلك كل (15) ثانية، والسبب يرجع بطبيعة الحال إلى أمثال هؤلاء ..!
مشكلة هذا النوع من العادات الضارة أن القوانين الرادعة لا تكفي للحد منها، لأن رسوخ قناعة الناس بكونها ضرورة يقودهم إلى ممارستها في الخفاء، لذا فالمعركة مع ختان الإناث هي معركة قناعة في المقام الأول .. هي حرب أدبية سلاحها الإقناع وغنيمتها الاقتناع ..!
أما سن القوانين الناجعة فيتطلب قراءة مستفيضة في واقع الحال ومآله، واستصحاب آراء ذوي الاختصاص العلمي، فدور القانون هو الموازنة بين التشريعات الدينية العامة وحاجات المجتمع الخاصة ..!
منع المباح درءاً للمفسدة قاعدة فقهية أصيلة لها سوابقها التاريخية على أرض التطبيق العملي فقد منع سيدنا عمر رضي الله عنه زواج المسلمين من الكتابيات في عهد خلافته من باب سد الذرائع ودرء المفاسد ـ ورحمة بالمسلمين والمسلمات ـ مع أن الأصل في هذا الزواج من الكتابية أنه حلال زلال، ما بالك بخفاض الإناث ..
فمتى يرحمنا أمثال هؤلاء ..؟!
رحم الله الشيخ البرعي القائل "بالدين أدبوهن .. قط لا تختنوهن" ..!* *
*منى أبو زيد*
munaabuzaid2@gmail.com