نعيش اليوم فترة كارثية على مستوى عالمنا العربي وسط حمامات الدم وسقوط الآلاف صرعي وأرتال من البشرفي تشريد ونزوح الى عالم المجهول بحثاً عن المأوى والحياة الآمنة وتمتد الكارثة لتشمل الأمة الاسلامية بالنيل من مقدساتها والمسلمين الأبرياء . نعم، أفواج من النازحين في رحلات طابعها المعاناة والقسوة وكأنما العالم المتحضر اليوم ينظر متشفياً وهؤلاء تتقاذفهم الدول بقوانين اللجوء الجائرة أو تبتعلعهم أمواج البحر والمحيطات العاتية والصورة متكررة بدءاً بالشعب الفلسطيني ثم العراق وسوريا واليمن ودارفور السودان ، ووسط هذا الخضم تتلاعب السياسة بمقدرات الشعوب وتنخر فئات ضالة ومضللة في قلب الأمة العربية والاسلامية باسم الاسلام والدين الحنيف منهم براء . وبالأمس القريب ووسط هذه الحروب الأهلية الطاحنة تمتد الأيادي النجسة الى مقدسات المسلمين في القدس والابادة الجماعبة لمسلمي الروهنقا في ماينمار – بورما ويتم حرقهم وقتلهم بالسلاح الأبيض ودفنهم أحياء وكلها كوارث ما كان لها أن تحدث لولا انشغال الأمة العربية والاسلامية بصارعاتها الداخلية من أجل السلطة أو لتنفيذ أجندة خارجية والحرب نيابة عن قوى طامعة ومضللة.
يستقبل عالمنا العربي والاسلامي بعد أيام تباشير يوم عرفة والاحتفاء بعيد الأضحى المبارك وقد اعتاد المسلمون على الفرحة والتقرب الى الله سبحانة وتعالى بالحج والتراحم بينهم ولكن تأبى القوى القاهرة الا أن تنزع منهم هذه المناسبة بدءاً من الغلاء الطاحن الذي أصبح طابعا لفساد حكام اليوم والأدهى وأمر من ذلك أن تقوم أربعة دول بفرض حصار جائر على دولة ذات سيادة وشعب لايعرف الا العطاء والكرم ويمتد الحصار ليدخل في الشهر الثالث ويحمل معه أطنان من الكراهية والحقد ولا يعلم بزوالها في السنوات القادمة الا الله. والأكثر من ذلك نشر معلومات مشكوك في صحتها عن دولة قطر ويعود تاريخها لسنوات بالتدخل في شؤونها الداخلية فأين كانت أجهزتها الأمنية طوال هذه الفترة و أليس من العيب أن تعلن دول عربية كبري بأن قطر تحاول أن تسقط أنظمتها ؟ وعلى الرغم من القناعة التامة بأن أهل قطر أدرى بشعابها وهم القادرون على الصمود أمام الحصار الجائر ، الا أن الملاحظات التالية تلقي الضوء على مأساة الأمة العربية اليوم واصرار دول الحصار على نهجها : –
أولاً : استطاعت دولة قطر بحكمة حكامها وصمود شعبها أن تكسر الحصار المفروض عليها من الدول الأربع السعودية والأمارات والبحرين ومصر وفتحت أبواب الرزق بعد توقف صادرات جيرانها من دول الحصار منذ اليوم الأول التي توقفت معهم كتجارة بائرة ومنتهية الصلاحية الى أسواق جديدة من تركيا وايران وغيرها و أن الأسواق العالمية مفتوحة بين أياديها وهي تقدم الخير لشعبها وعلى الرغم من زيادة التكلفة الا أن التوكل والاعتصام بالله ضاعف الخير لها مرددين قوله تعالى الله (اللهم أجعل هذا البلد آمناً وارزقه من الثمرات ).
ثانياً : لم تتوقف الخطوط الجوية القطرية يوما واحداً بل ضاعفت من رحلاتها مع عودة المقيمين لاجازاتهم لأوطانهم وشهدت حركة الطيران الجوي عمليات نقل للشحن الجوي على مدار الساعة لأيام الحصار وعلى الرغم من تغيير المسار لبعض الخطوط الذي نجم عنه زيادة ساعات الطيران الا أن الاقبال كان منقطع النظير وخاب ظن دول الحصار بتوقف طيران القطرية أو توقعات كوارث جوية .حتى الرحلات التي شملها الحظر من دول الحصار ووجدت الممرات الآمنة البديلة لأداء فريضة الحج وهي ممرات لمواجهة الطوارئ بمعني أن دول الحصار تعمدت دخول الطيران القطري في مخاطرات غير محسوبة .
ثالثاً: أما الممرات البحرية فسرعان ما وجدت البواخر والناقلات البحرية في موقف تشق فيه عباب الماء بيسر وأمان ليسقط الحصار ملوماً أمام حركة الملاحة البحرية القطرية بل كانت فرصة لدولة قطر لايجاد موانئ بديلة على امتداد الخليج والبحار والمحيطات والتي سوف تظل مستدامة لمواجهة أي عقبات غير محسوبة,
رابعاً: وجد اعلام دول الحصار فرصته لنبش الخواطر الخفية بالعداء لمونديال القرن 2022 الذي سوف يُقام في قطر وقد ارتدت اليهم القاضية الفنية بفتح مشتريات المواد البناء والتشييد من مصادر أخرى وبأسعار أقل ليستمر مشروع التشييد حسب الخطط المرسومة له أداءاً ووفق فترات زمنية محددة ولعل الخاسر الأكبر كان مصر التي أقحمت نفسها في الخلاف الخليجي وكانت قد خسرت عمليات التصدير للمشروع من المواد المصنعة في مصر كالحديد الصلب وغيرها بالاضافة للعمالة من المهندسين والفنيين والعمال لأنها بادرت بالمقاطعة مع بداية المشروع لسنوات مضت.
خامساً : الرهان الخاسر من دول الحصار على الشعب القطري فقد طفحت بعض أجهزة الاعلام برهان على احتجاجات أبناء قطر على سياسات دولتهم وخاب ظنهم منذ اليوم الأول والشهور التالية ولفترات ممتدة من عمر الدولة بترابط أهل قطر على كل المستويات نحو قيادتهم بل أصبحت قطر كلها تميم وآل ثاني وحتى القيادات التي ابتعدت اختياريا عن السلطة تهافتت على الساحة بالولاء والتأييد ولعل من مجالات السخرية مانقلته وسائل اعلام الحصار بأن قطر استوردت قنابل لتفريق المظاهرات بل تمادي وجه غريب عن الاعلام يهدد بأن دول الحصار لا تريد أن تكرر مأساة العراق في غزوها اللعين ضد الكويت وينسب نفسه لجريد عكاظ السعودية وما شاهد الناس الا صموداً لشعب قطر واصرار على السيادة الوطنية.
سادساً : مع بداية الحصار الجائر على دولة قطر تناقلت أجهزة دول الحصار الاعلامية ضجيجاً حول القاعدة الأمريكية في قطر ونادت بنقلها لدولة أخري وخاب ظنهم فالولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب لها حساباتها المبنية على مصالحها وكانت خطوة قطر التالية لحماية شعبها ومقدراته بالدخول في اتفاقيات مع تركيا وايران وهو عمل من أعمال السيادة الوطنية وارتفعت أصوات دول الحصار للمناداة بقيام تحالف جديد يشمل دولها بالاضافة لاقناع دول أخرى بالانضمام وهو عمل من أعمال التقسيم وتفكيك أوصال الأمة العربية ، والغرض منها عزل دولة قطر عن محيطها الخليجي وبالتالي العربي وهي تجربة لاقت الفشل في الماضي القريب بسقوط حلف بغداد بجبروت الشعب العراقي .
سودانايل أول صحيفة سودانية رقمية تصدر من الخرطوم