مقترح اتفاق شعبي ثوري سياسي لإجراءات وبنود للضغط لاتفاق وفق الاقتتال بين القوات المسلحة السودانية والدعم السريع .. عمر خليفة /مواطن سوداني

 


 

 

 نؤمن تماما بأن الحرب هي أسواء السلوك الذي يمكن ان ينتجه الإنسان ، ولكن تظل هناك بعض المعارك المؤجلة اللازمة لوضع الدولة في المسار الصحيح ، نحو الدولة المدنية ودولة العدالة والقانون والمؤسسات المختصة .
 في ظل هذا الظرف الكارثي للبلاد ، والذي سقط أثره المئات من الشهداء من أبناء وبنات البلاد الطيبة ، ودمرت القليل الذي يوجد من البنية التحتية للبلاد ، مع نذر تمدد الحرب لتكون حربا شاملة ، ومع تدخلات القوي الإقليمية والدولية في تحديد مسارات الانتقال نحو الديمقراطية قبلا ، والتي قادت بعضها الي مسارات الحرب الداخلية الحالية عبر دعم الأطراف السودانية المختلفة سياسيا وعسكريا ، في تدخل غير مقبول في الشأن السوداني ، إذ أن مساعي ذات القوي لا يجب أن تتجاوز المساعدة في تنفيذ ما يتفق عليه أبناء وبنات السودان من ثوار وثائرات وساسة حسب مصالح البلاد والمواطن السوداني مع مراعاة المصالح الإقليمية والدولية الي الحد الذي لا يجب أن يتجاوز ذلك .
 أن القوات المسلحة الوطنية السودانية هي المؤسسة العسكرية الأوحد المسؤولة عن حفظ أمن ووحدة البلاد ، والتي مارست هذا الدور تاريخيا، رغما عن اختراقاتها السياسية من قبل القوي السياسية المختلفة تاريخيا ، والتي كان ولا يزال اسؤاها علي الاطلاق هو اختراق الجبهة الإسلامية ١٩٨٩ ، ورغما عن دخولها كطرف في الاحتراب الداخلي لسنوات طويلة في مناطق الصراع المسلح المهمشة عبر الاختراق السياسي لقيادتها ، والذي كان ولا يزال ينذر بتفكيك الدولة السودانية الي دويلات مناطقية تحت حماية التنازع الإقليمي والدولي . الا ان وجودها كمؤسسة عسكرية رسمية وطنية ظل الضامن لوحدة البلاد وربما بدرجة الحد الأدنى .
 أن الحرب الداخلية الحالية لا يجب أن تفضي الي تفكيك مؤسسة القوات المسلحة السودانية ، وان هذا هو الموقف المبدئي الوطني الأول ، وان علي الشعب السوداني وقواه الثورية والسياسية أن تعي جيدا أن احدي نتائج هذه الحرب هو ضياع الدولة السودانية كواقع معاش وليس وضعا تنفيذيا أو سياسيا أو رئاسيا ، أن تفككت المؤسسة المسلحة الوطنية القوات المسلحة السودانية .
 أن قوات الدعم السريع هي قوات عسكرية مستحدثة، مُنحت الشرعية بقانون تم إجازته في فترة سلطة الإنقاذ في العام ٢٠١٧ ، بتبعية قيادتها للسلطة الرئاسية مباشرة لحماية الرئيس المخلوع البشير ، وان تمددها الاعظم وترتيبها تم في مرحلة الفترة الانتقالية ما بعد ١١ ابريل ٢٠١٩ ، بعد أن منحتها سلطة الفترة الانتقالية السلطة السيادية والاقتصادية المفصولة ، وان سلطة نظام الإنقاذ قد اعتمدت عليها عسكريا في صراعها ضد حركات الكفاح المسلح والتي ارتكبت حينها جرائم بشعة في حق المدنيين العزل في تلك المناطق من قتل وتشريد وتهجير قسري ، وان القوي الدولية قد اعتمدت عليها في إيقاف تدفق الهجرة غير الشرعية ، وان السلطة الانتقالية السابقة منحتها الشرعية واعتمدت عليها عسكريا أيضا ، ولكنها تظل قوة عسكرية قانونية مستحدثة منفصلة و لا تتبع قيادتها للمؤسسة العسكرية الوطنية الأوحد .
 أبرزت الحرب مابين القوات المسلحة الوطنية وقوات الدعم السريع مجموع الأزمات التاريخية التي عشناها و نعيشها الآن والتي أنتجت هذه الفاجعة .
 أن ماتم خلال الأربع اعواما السابقة مابعد ١١ ابريل ٢٠١٩ سياسيا وعسكريا ، لم يكن بمستوي عراقة وقوة وصلابة وتماسك وتضحيات الشعب السوداني خلال ثورته ضد نظام الإنقاذ ، وانما كان فعلا عبثيا تلاعب بمستقبل وحاضر وتاريخ البلاد ، وتلاعب بأهداف ثورة ديسمبر المجيدة الشعبية السلمية ، فكانت نتائجه الاختلاف المخل باستقرار الدولة سياسيا وعسكريا واقتصاديا ، نتاج عدم تفكيك مؤسسات نظام الجبهة الإسلامية العسكرية والسياسية والاقتصادية ، ونتاج الصراع السياسي الحزبي المستند علي دعم القوي الإقليمية والدولية ، ونتاج ضعف قرارات المؤسسة العسكرية تجاه فعل المجلس العسكري عسكريا وسياسيا ، وكانت نتائجه رضوخ مؤسسات الدولة مدنيا وعسكريا لسلطة نظام الجبهة الإسلامية وسلطة سلاح المليشيات التي كانت دائما ما تهدد بنسف الأمن والسلام الاجتماعي عبر الحراك العسكري في حال لم ترضخ السلطة الانتقالية لقراراتهم وبنود اتفاقياتهم ، و ظهور بدايات حراكات مسلحة جديدة تهدد الأمن والسلم الاجتماعي من بقايا نظام الإنقاذ نجحت بعضها في فرض وجودها سياسيا ، وكانت نتائجه رضوخ ذات المؤسسات للقرارات الإقليمية والدولية دون وضع مصلحة البلاد كأولوية ، وذلك عبر التدخلات الخارجية التي حددت مسارات الفعل السياسي والعسكري حسب مصالحها الخاصة دونا عن مصالح البلاد والشعب السوداني ، فكانت النتائج :

 اولا : استمرار تسييس المؤسسة العسكرية الوطنية والابقاء علي اختراقات الجبهة الإسلامية و إهمالها عسكريا - مؤسسة القوات المسلحة السودانية - بما لا يتناسب وميزانيتها الممنوحة ، وعتادها العسكري والتسليحي ، وهذا ما يعتبر مهددا حقيقيا للأمن والسلم القومي للبلاد من التدخلات العسكرية الخارجية والداخلية ، وايضا ما يدل علي عدم كفاءة قياداتها الحالية والسابقة في المهام القيادية العسكرية الموكلة إليها واهمها المحافظة علي قوة وتماسك واستغلالية المؤسسة المسلحة الوطنية ، واتجاهها الي الصراعات والمواجهات السياسية .
 ثانيا : وجود أكثر من مؤسسة عسكرية مسلحة رسمية ، أو وجود حركات كفاح مسلح خارج إدارة وقيادة المؤسسة العسكرية مما جعل و يجعل الطريق فاتح بكامل أبوابه نحو استمرار الحرب او احتراب جديد قد يقود الي مذيد من التشظي وتفكيك الدولة .
 ثالثا : لم يكن معظم العمل السياسي السوداني تاريخا وحاضرا، قادرا علي توطيد الروح الوطنية في الشعب السوداني ، وجعل المصلحة الوطنية تعلو علي الحزبية في المعارك والمواجهات الوطنية الفاصلة ، وانما نقيضا أصبح أحد ادوات تفكيك الوحدة الوطنية وممارسة الوطنية سياسة بلعبة الضد والمع حتي في أحلك اللحظات الوطنية .
 رابعا : أن كل ما تم سياسيا من اتفاقيات بعد ١١ ابريل ٢٠١٩ لم يجانبه الصواب ، وما يدل علي ذلك هو الوصول إلي مرحلة الاحتراب والاقتتال بعد أكثر من ٤ سنوات من سقوط رأس نظام الإنقاذ ٢٠١٩ ، و إبرام أكثر من أربع اتفاقيات سياسيا و عسكريا لم تقود الا الي نذر الوصول إلي الحرب الأهلية حاليا .
خامسا : أن التعقيد العسكري الحالي يستوجب قيادة عسكرية وطنية موحدة و متماسكة تكون من داخل المؤسسة المسلحة الوطنية لممارسة دورها العسكري بكل حكمة ووطنية ، بالشكل الذي يقود الي تكوين الجيش الوطني المؤحد المستقل وإيقاف الاقتتال الداخلي .
 سادسا : إن وجود مليشيات قبلية عسكرية غير رسمية ظهرت علنا في الشهور والسنوات السابقة تهدد أيضا وحدة البلاد ، هو أمر يستوجب تفكيكها قبل فوات الاوان وقبل أن تتحول إلي قوات عسكرية موازية للمؤسسة الوطنية العسكرية الموحدة ، واعادة انتاج كابوس الحرب الذي عشناه ونعيشه بكل اطيافنا كشعب سوداني في الأيام السابقة ، إعادة إنتاجه في مراحل قادمة من عمر البلاد .
 سابعا : أن ايقاف الحرب والقتال هو أمر ضروري وحتمي باعتبارات سقوط الشهداء من الضحايا والأزمات الانسانية ، وانهيار البنية التحتية المنهارة سلفا ، و الواقع الاقتصادي المنهار للدولة والمعيشي الكارثي للمواطن السوداني ، والأمني المنفلت ، والقبلي المتعدد للبلاد ، والذي قد يقود الي انهيار كامل للدولة .

___________________

لذلك اتقدم انا عمر خليفة مواطن سوداني ، ومن منطلق الرؤية الوطنية لمستقبل ومآلات الحرب الحالية ، والواقع العسكري والسياسي المختل ، اتقدم باقتراح مجموع من الإجراءات اتمني أن تتبناها القوي الثورية والسياسية الوطنية كورقة مقترحة و مطروحة لتكون بداية اتفاق سوداني سوداني لايقاف الحرب بين القوات المسلحة السودانية المؤسسة العسكرية الوطنية وقوات الدعم السريع ، ومحاولة قطع الطريق أمام احتمالات الاحتراب الداخلي مستقبلا ، أو محاولات تدخل عسكري أجنبي محتمل ، والعمل علي دعم استمرار وتقوية وحدة السودان ، وذلك اعتمادا علي وضع مستقبل البلاد ووحدتها ووحدة مؤسستها العسكرية الوطنية حاليا ومستقبلا .
___________________

اولا : المتطلبات العاجلة ( المرحلة الأولي ) :
اولا : هدنة فعلية بإيقاف إطلاق النار لفترة ٣ ايام قابلة للتمديد .
ثانيا : فتح المسارات الآمنة الإنسانية لإجلاء المرضي والمصابين ، وإيصال الإمداد الطبي للمستشفيات ، وكافة الاغراض الإنسانية ، وفتح المجال للمواطنين لتلقي مستلزمات الحياة .

ثانيا : الاجراءات المرحلية :
أ / إجراءات مرحلية عاجلة ( المرحلة الثانية ) :
اولا : إلغاء قانون و حل قوات الدعم السريع .
ثانيا : دمج أفراد قوات الدعم السريع في صفوف القوات المسلحة حسب لوائح وقوانين المؤسسة في فترة لا تتجاوز ستة أشهر ، تبداء إجراءات الدمج فورا بعد التوصل للاتفاق ، وتحت إدارة القوات المسلحة السودانية .
ثالثا : إلغاء قانون وحل قوات الدفاع الشعبي .
رابعا : اخراج كافة قوات الحركات المسلحة الموقعة علي اتفاق جوبا خارج المدن السودانية لحين مراجعة الاتفاق وإجراءات الترتيبات الأمنية مع الحركات الموقعة .
خامسا : تجميد الاتفاق السياسي الأطاري ووضعه موضع التقييم من قبل كل القوي الثورية والسياسية ما بعد ١١ ابريل ٢٠١٩ وحركات الكفاح المسلح الموقعة علي اتفاق سلام جوبا ، علي يتم مناقشته جمبا الي جمب مع مناقشة الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب وكل المواثيق الثورية والسياسية ، نقاشا مفتوحا ثوريا سياسيا سودانيا سودانيا دون أي وساطات دولية أو إقليمية ، للوصول إلي ميثاق ثوري سياسي يحافظ علي وحدة البلاد و أهداف ومطالب ثورة ديسمبر المجيدة.
_____________________
ب/ إجراءات مرحلية تالية ( المرحلة الثالثة ) :
اولا : ايقاف دائم لإطلاق النار .
ثانيا : حل المجلس العسكري الحالي .
ثالثا : تشكيل مجلس عسكري جديد من القوات المسلحة ، يتولي المهام العسكرية و الأمنية و الاشراف علي إدارة الدولة مرحليا لفترة لا تتجاوز ٦ شهور .
رابعا : الشروع الفوري في التعامل العسكري السياسي الجاد عبر القوات المسلحة مع بوادر تكوين المليشيات القبلية العسكرية التي بدأت نواتها حديثا في الإقليم الشرقي والشمالي .
خامسا : حل مجلس الوزراء والمجلس السيادي .
سادسا : تكوين الحكومة التنفيذية المؤقتة لإدارة الدولة ، بالتشاور العسكري الثوري السياسي مع المجلس العسكري المكون حديثا.
سابعا : الشروع الفوري ما بين حركات الكفاح المسلح والمجلس العسكري والقوي السياسية والثورية من مناطق الصراع المسلح في مراجعة بنود اتفاق جوبا للسلام في مؤتمر قومي للسلام ، بما سيضمن تنفيذ اتفاق سلام حقيقي يخاطب أساس الازمة ونتائجها الواقعية واليات العدالة وتعويض المتضررين، وتأهيل مناطق الصراع ، و خروج كافة القوات العسكرية خارج المدن ، وإجراءات الدمج حسب لوائح وقوانين المؤسسة العسكرية .
ثامنا : الشروع الفوري في إجراءات إصلاح وتأهيل القوات المسلحة والقوات النظامية عبر مؤتمرات عسكرية عسكرية فيما يخص الشأن الفني ، و مؤتمرات سياسية عسكرية فيما يخص الأهداف الاستراتيجية لاحقا بعد التوصل لاتفاق ثوري سياسي .
تاسعا : الشروع الفوري في بداية مسار اتفاق ثوري سياسي يشمل كل القوي الثورية والسياسية ما بعد ١١ ابريل ٢٠١٩ ، في فترة لا تتجاوز ٦ شهور للوصول إلي سلطة انتقالية مدنية .
عاشرا : البدء فورا في إجراءات إعادة تأهيل مناطق الحرب الحالية وتعويض المتضررين .
_______________________
نقاط مرجعية :
اولا : لا يمكن طرح هذا الاتفاق الا عبر وحدة قوي ثورية سياسية سودانية خالصة ، ويكون الاتفاق سودانيا سودانيا ، ويكون الدور الإقليمي والدولي هو ضمان تنفيذ الاتفاق السوداني .
ثانيا : تتم الدعوة لهذا الاتفاق عبر القوي السودانية الثورية السياسية من أجل :
١ / الوقف الفوري للاقتتال العسكري .
٢/ المحافظة علي وحدة مؤسسة القوات المسلحة السودانية و العمل علي إزالة كافة التشوهات والاختراقات السياسية .
٣/ معالجة كافة التعقيدات العسكرية ، و وجود قوات عسكرية مسلحة أو مليشيات خارج قيادة القوات المسلحة السودانية .
٤/ التعامل مع قضية السلام السوداني بالشكل الذي يقود الي سلام حقيقي .
٥/ استعادة المسار المدني للانتقال نحو الدولة المدنية .
ثالثا : تكون الإجراءات العسكرية هي الضمان الواقعي لبداية تنفيذ الاتفاق ، وتبداء بعد الاتفاق الكامل علي الإجراءات وتحت ضمان القوي الدولية والإقليمية .
رابعا : يكون تكوين الحكومة التنفيذية عبر التشاور العسكري الثوري السياسي .
خامسا : في حال لم يتم الاتفاق الثوري السياسي خلال الستة أشهر المقررة يتم تمديد سلطة المجلس العسكري الجديد لفترة ستة أشهر تالية .
سادسا : يكون الاتفاق الثوري السياسي الهادف للانتقال نحو السلطة المدنية ، محكوما بميثاق شرف ثوري سياسي يشمل أهداف ومطالب ثورة ديسمبر المجيدة و الانتقال نحو الدولة المدنية .

عمر خليفة
مواطن سوداني .
٢٣/ ابريل/ ٢٠٢٣

 

khalifaomer1979@gmail.com

 

آراء