من بين النخب المدنية والنخب العسكرية
بسم الله الرحمن الرحيم
عندما يخرج عمال الموانئ في المدن وينحاز اليهم ضباط الصف والجنود ، ويلحق بهم الضباط والنخب المدنية لقيادة دفة الثورة .. يتكرر المشهد في خروج الشارع في اكتوبر وابريل ، وفي ديسمبر خرج الشارع دون قيادات ، حتي تنادت قوي الامن والاستخبارات من هي الجهة التي تقود الشارع بكل هذا التنظيم ؟؟ رغم إن اللعب كان علي المكشوف ، واستعانت قوي شباب الثورة بمعينات التقنية الحديثة من وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل النصية ، لتوجيه الشارع الي مسارات الثورة ، تبدأ بغزرودة في تمام الساعة الواحدة ظهرا من إحدي الكنداكات وهن يتجلون في شوارع الثورة في وسط السوق العربي او شارع الاربعين أو شارع الموردة أو في المحطة الوسطي ام درمان او الشهداء ، لم تكن الجغرافيا محددا في حيز او مكان ، فكل السودان كانت تبدأ بصافرة البداية عند الساعة الواحدة ظهرا ، ثم تتحرك الامواج البشرية حسب جغرافيا المدينة أو القرية ، وكانت كرمه البلد مهد حضارة كوش حاضرة بمسيراتها من كرمه النزل الي البرقيق الي ارقو الي اب حجار وبيوض وكمنار ...
كان الشرق والغرب والجنوب والشمال ، إذا تألم جنب تداعي له سائر الجسد بالثورة والهتاف ، كانت الهتافات عالية خفاقة ، ارهبت العصابة ، وكان الزلزال القوي الذي جاء ردا علي الظلم الماحق ، وسوء الادب مع الرب ’’الزارعنا غير الله الليجئ يقعلنا‘‘ فارسل عليهم ربهم اطفالا يفعا غض الايدي ، اقوياء الشكيمة لم يلينوا ، ووقفوا امام العسكر يهتفون ’’الطلقة ما تقتل .. بقتل سكات الزول‘‘ .. وكان الهتاف الداوي الذي دخل عرين العصابة وزلزل كيانهم عندما هتف الاطفال ، واحفادهم لهم في غرف نومهم المغلقة ’’اي كوز ندوسو دوس .. ما بنخاف ما بنخاف‘‘ عندها جري عضو العصابة آكل مال السحت المدعو ’’عوض الجاز‘‘ مستجيرا من الرمضاء بالنار ، جري الي اهله يطلب الغوث ، لأن السيل قد بلغ الزبي والكلام دخل الغرف المغلقة . واصبحوا يسمعون عداوة احفادهم لهم ، وغبنهم عليهم ...
تم القبض علي رؤوس النخب المدنية ، وبعض العسكريين ، ولكن بعض النخب العسكرية الحاكمة تصر علي ان تكون إمتدادا لمنظومة العصابة ، وجسرا لتنفيذ مشروع المنظومة الخالفة ، وهذا ما لن يقبله منهم الشعب ، وهناك جهة اساسية من فئات هذا الشعب لم ينتبه لها تلك النخب منذ الاستقلال ، وتلك الفئة هي ضباط الصف والجنود في كل القوات النظامية ، سواء كانت قوات الشعب المسلحة أو الشرطة والسجون والجمارك أو وحدات الامن المختلفة .
وتلك هي القوة الحقيقة التي تعمل علي تنزيل التعليمات العليا علي ارض الواقع ، ودوما تكون هي في وجه المدفع عند اي عملية احتكاك بينها وبين الشعب ، والشاهد إن هذهـ الفئة قد بدأت تفهم وتعي ماهي عليه ، وإنها سندة لنخبة عسكرية فاسدة منذ 17 نوفمبر 1958م ومرورا بـ 25 مايو 1969م والي 30 يونيو 1989م ، فهذهـ الفئة التي تمثل اكثر من 75% من القوات النظامية تكون هي المتكئ وهي السند لبعض النخب العسكرية التي تقتات بنهب ثروات البلاد والعباد وتسعي في الارض فسادا بإسم الثورة ، بعد تأتي الي سدة الحكم بإنقلاب عسكري متفقين مع بعض النخب المدنية لتنفيذ نظريات لا تمت للثورة ولا النهضة ولا التنمية بشئ . وإنما هي طموحات شخصية ونزوة سيطرة سرعان ما تؤدي بالبلاد الي متاهات يصعب معها الخروج منه .
من خلال متابعاتي وقراءاتي للمستقبل إننا موعودون بثورة من ضباط الصف والجنود علي قيادتها التي إمتهنت إذلال المواطنين ، وقريبا سنقرأ خروجا عن المألوف ، لأن هذهـ النخب العسكرية لم تضع أي إعتبار لهذهـ الفئة التي تقوم بحراستها ووضع قراراتها موضع التنفيذ ، وقيادة الميدان والبيان بالعمل .
هذهـ النخب العسكرية بغض النظر عن رتبتها أو ترتيبها ، هي بعيدة كل البعد عن معاناة هذهـ الفئة التي تمثل 2% من جملة الشعب السوداني ، وتعيش معاناة الشعب السوداني يوما بيوم ونهارا بنهار ..
ما اود إرساله من هنا ..
علي هذهـ النخب العسكرية إبتداءا من البرهان الي اخر قائمته ان تفهم وتعي إن الشعب لن يقبل أن يرهن مصيرهـ في يد العسكر مرة اخري ، وهكذا فهم ضباط الصف والجند من العسكر الدرس إلا تلك النخب التي لم تقرأ ولم تستفيد من التجارب السابقة وحتي الماثلة امامها ...
وعندنا في المثل بيقولوا (الشقي يشوف في نفسه .. والسعيد يشوف في اخوهو) ..
وبشة في كوبر ....
bakrykhairy@gmail.com
//////////////////