مع إن ي كنت أميل لعدم التصديق بوجودها، إلا أنني لم أكن متيقناً من عدم وجود العفاريت... و كنت أدخل في مراهنات، في تقصي آثار العفاريت يملؤني الخوف و تحفني الرهبة، و لكني كنت أنتصر لما ملت إليه من رأي و راهنت عليه: (وجود العفاريت مجرّد وهم!). و لم يقتصرُ الأمرُ على العفاريت، بل تعداهُ إلى البحث عن الأساس المادي و التفسير العلمي لكراماتِ الشُّيُوخ، و الظواهر الخارقة الأُخرى، المُرتبطة بالكراماتِ و مثيلاتها. و قد كان من بين تلك الكرامات، الضؤُ الذي ينبعثُ من مكانِ تواجُد (الفكي أب لمبة)... و في فسحة كبيرة تقع جنوب المطار قبل عمارها، كان يوجد الفكي أب لمبة، و لم يكن أحد ليجروء على الإقتراب من الضوء المنبعث من مكانٍ بعيد في نهاية الفسحة المظلمة من الناحية الجنوبية، و قلت أنا لأصدقائي: - لا توجد لمبة، و لا يوجد فكي، هذا مجرّد خرافة، و كذبة كبيرة صدقتوها لجهلكم! - طيب لو ما مصدقنا... إذهب! و أمسك باللمبة، و أحضرها لنا... - جِداً! قلت ذلك و أنا مرعُوب و مُرتعش من البرد و الظلام، و لكن جاء صوتُ أحد الأصدقاء الحضور، فهدأني: - و أنا سأرافقُك! و ذهبنا، وَجِلين، أنا و مصطفى، و عندما أقتربنا من اللمبة، صاح بنا الأصدقاء، و هم في غاية الإثارة و الإنفعال: - قرَّبتوا من اللمبة! و لكنهُم، بعد قليل، صاحُوا بنا: - لقد تجاوزتُم اللمبة... و أستمرُوا على هذا الحال، و نحن جيئةً و ذهاب، و هم يتصايحون: - فتُّوا اللمبة... قربتُوا من اللمبة... و في هذهِ الأثناء وجدتُ علبةَ لبن البُودرة (جيتانا) فارغة، و كان غطاؤُها من القصدير، فحملتُها بين يدي دُون هدفٍ واضح، فاذا بأصدقئنا يُعلنُون: - الآن قبضتُم اللمبة، و هي بين يديكم: تماماً! و أكتشفنا مصدر الضوء، وهو انعكاس أنوار المطار على القصدير العالق بعلبة لبن (جيتانا)، و كان ذلك الحادث هو الثالث أو الرابع الذي أكسب فيه الرهان، و حفَّزني إنتصاري فيه على الدُخُول في مزيدٍ من التحدياتِ اللاحقة.