من ظل المستعمر الي شمس حكم الشعب 

 


 

 

اسست اتفاقية الحكم الثنائي  لنظام حكم استعماري في السودان هذا النظام يرتكز علي

رجل واحد

(One man show )

اطلق عليه "حاكم عموم السودان " وهو صاحب الرئاسة العليا العسكرية والمدنية

ووصفته الاتفاقية بانه موظف لا يفصل الا بامر عال خديوي يصدر برضاء الحكومة البريطانية.


كذلك الاتفاقية جعلت من  هذا الرجل الواحد  مالك  ومصدر للسلطات الثلاث  التنفيذية والتشريعية و القضائية في ارض السودان فقد منحته صلاحية سن وتشريع  وتغيير القوانين وتنفيذها والفصل والقضاء اقرأ معي المادة الثالثة والرابعة من  الاتفاقية التي تقرر صلاحيات حاكم العموم  .


( المادة الثالثة): تُفوَّض الرئاسة العليا العسكرية والمدنية في السُّودان إلى موظف واحد يلقَّب «حاكم عموم السُّودان»، ويكون تعيينه بأمر عالٍ خديوي بناءً على طلب حكومة جلالة الملكة، ولا يفصل عن وظيفته إلَّا بأمر عالٍ خديوي يصدر برضاء الحكومة البريطانية.


 (المادة الرابعة): القوانين وكافة الأوامر واللوائح التي يكون لها قوة القانون المعمول به، والتي من شأنها تحسين إدارة حكومة السُّودان أو تقرير حقوق الملكية فيه بجميع أنواعها، وكيفية أيلولتها والتَّصرف فيها، يجوز سنُّها أو تحويرها أو نسخها من وقت إلى آخر بمنشور من الحاكم العام. وهذه القوانين والأوامر واللوائح يجوز أن يسري مفعولها على جميع أنحاء السُّودان أو على جزء معلوم منه، ويجوز أن يترتب عليها صراحة أو ضمنًا تحوير أو نسخ أي قانون أو أية لائحة من القوانين أو اللوائح الموجودة. وعلى الحاكم العام أن يبلغ على الفور جميع المنشورات التي يصدرها من هذا القبيل إلى وكيل وقنصل جنرال الحكومة البريطانية بالقاهرة وإلى رئيس مجلس نظار الجناب العالي الخديوي. " انتهت المادة الرابعة


المعلوم ان اي موظف يعمل لمصلحة مخدمه ومديره ورئيسه في العمل  لذلك من الطبيعي ان كل المؤسسات التي انشأها المستعمر  وورثناها فيما بعد تأسست  وعملت لخدمة رؤية و اهداف السيد المستعمر.


من الضروري ان ننتبه ونعي حقيقة ان المؤسسات ( الخدمة العامة) التي ورثناها من المستعمر ( قوة دفاع السودان والخدمة المدنية )  هي مؤسسات ذات هياكل وثقافة ومهنية تعمل كاحسن مايكون في ظل نظام استعماري قائم علي شرعية العنف  والغلبة والطبيعة  وتعمل لمصلحة اعلي الهرم حيث حاكم العموم . النظام الاستعماري بالطبع تسود فيه  قيم ومفردات  الاستبداد  كما تغيب عنه  قيم و مفردات حكم الشعب نفسه .


الحكم الوطني الذي خلف المستعمر لم ينتبه لتلك الحقيقة فشاعت في الناس  مقولة مفادها ( ان الانجليز تركوا لنا خدمة عامة من الطراز الاول) ولا انكر طبعا قيم العمل او مايعرف بال

work ethics

 الذي تميزت بها

الخدمة العامة الموروثة ولكن انكر  علي تلك الخدمة العامة الفشل مرارا  وتكرارا في التأقلم و التكيف مع شرعية مختلفة  تستند علي الدستور الديمقراطي


وفي تقديري ان مرد نفور وجموح تلك المؤسسات انها  لاتزال تري في ذاتها ظل المستعمر  حيث تسود قيم ومفردات  الاستبداد والوصاية والاخضاع بالقوة والاذعان وسيادة حكم اعلي الهرم ( الحاكم العام)  الذي يجمع السلطات الثلاث في يده والاستعلاء علي المواطن  وعدم احترام رغبات الشعب والانفراد بالسلطة والاستغناء عن الشوري ومشاركة الشعب في اتخاذ القرار والتحكم في قيادة الناس، والسيطرة عليهم، واستنزاف وسرقة مواردهم ومقدراتهم العامة.


التحدي امامنا بعد معرفة اسباب جموح  وتمرد تلك المؤسسات الموروثة هو توفير الشروط اللازمة ودعم  القادة والساسة  لكي يمسكوا  بلجام تلك المؤسسات المتمردة والعنيفة جدا  ويغيروا اتجاهها  بعيدا عن رؤية واهداف ظل المستعمر نحو شمس حكم الشعب  في ظل جمهورية دستورية  ديمقراطية مفرداتها سيادة حكم القانون علي الجميع بلا استثناء  وعلو  كعب احترام حقوق الاقليات والانسان والالتزام برأي الاغلبية  والتمثيل النيابي والتداول السلمي للسلطة وانتظام  توازن السلطات الثلاث المنفصلة والمتعاونة من اجل حماية مبادئ الجمهورية و التزام المؤسسات الموروثة بالولاء للقيم والمسئوليات الدستورية الديمقراطية .


شريف محمد شريف علي

مركز السودان للقيادة والديمقراطية والسياسات


٩ يناير ٢٠٢١

sshereef2014@gmail.com

 

آراء